اعتبر المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد ازعور، إن دول
الخليج تسير "في الطريق الصحيح" بتطبيقها إصلاحات مالية لمواجهة العجز في موازناتها مع انخفاض أسعار
النفط، داعيا رغم ذلك إلى إجراءات إضافية.
وقال: "إذا واصلت دول الخليج اتباع هذا المسار للسنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، فإن مستوى العجز سيتراجع إلى ما دون ال2 بالمائة".
وأضاف: "الأمر يسير في الطريق الصحيح".
وكانت أسعار النفط التي تأثرت بفائض العرض في الأسواق انخفضت من أكثر من 100 دولار للبرميل في حزيران/ يونيو 2014 إلى نحو 30 دولارا بداية العام 2016، ما دفع بالعديد من الدول النفطية وبينها دول الخليج إلى اعتماد إجراءات تقشفية قاسية.
مع تراجع الإيرادات النفطية، سجلت دول الخليج عجزا في موازناتها واتجهت نحو تعويضه عبر رفع الدعم عن سلع رئيسية طالت قطاع الطاقة.
وقال: "لا تزال هناك حاجة لاعتماد تعديلات في الأنظمة المالية. يجب أن يتم تطبيق إصلاحات إضافية خصوصا في الجانب البنيوي".
وأوضح أن اتباع هذه الخطوات يهدف إلى "تنويع
الاقتصاد والسماح له بالنمو خارج قطاع النفط من أجل خلق فرص عمل والاعتماد بشكل أقل على سوق النفط الهش".
لكن السعودية، التي تتوقع عجزا بنحو 52.8 مليار دولار في 2017، أعلنت الأسبوع الماضي "إعادة جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين" التي تم إلغاؤها أو تعديلها أو إيقافها إلى ما كانت عليه.
ورغم أن هذا القرار قد ينظر إليه على أنه خطوة إلى الوراء ضمن خطط أكبر مصدر للنفط في العالم للحد من الإنفاق، إلا أن المدير الإقليمي لصندوق النقد رأى في الأمر الملكي خطوة "بسيطة مقارنة بالاتجاه العام".
وأضاف: "عندما تعتمد برنامجا إصلاحيا ضخما، فإنه سيتوجب عليك رغم ذلك أن تعدل أو تدخل تغييرات على بعض الإجراءات هنا وهناك". ويشير بذلك إلى خطة إصلاحية طموحة قدمها في نيسان/أبريل 2016 ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع ونجل الملك سلمان بن عبد العزيز، لتنويع الاقتصاد بعنوان "رؤية 2030".
وتابع أن الحكومة السعودية طبقت إصلاحات مالية "قوية" في العامين الماضيين "واستطاعت أن تقلص النفقات"، مشيرا إلى أن الرياض جددت التزامها بتحقيق توازن مالي بحلول العام 2020. ولفت إلى أن المملكة، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، تملك مقومات تساعدها على احتواء الصدمات الاقتصادية "وإدخال الإصلاحات المالية بشكل تدريجي على فترات زمنية مختلفة".
وللتأقلم مع تراجع أسعار النفط، اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي الست، السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين وسلطنة عمان والكويت، على اعتماد الضريبة على القيمة المضافة في 2018.
ورأى المسؤول في
صندوق النقد وهو وزير مالية سابق في لبنان ان فرض هذه الضريبة "خطوة مهمة" تساعد على تنويع الإيرادات بعيدا عن النفط وتقوية المؤسسات الضريبة.
إلا أن دول الخليج وغيرها من الدول المنتجة للنفط لا تزال تأمل في تحسن أسعار الخام.
وفي مسعى لإعادة التوازن إلى الأسعار، بدأت الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في الأول من كانون الثاني/يناير تطبيق اتفاق لإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا. كما بدأت الدول المنتجة خارج المنظمة خفض الإنتاج بنحو 600 ألف برميل.
وتأمل هذه الدول وبينها السعودية في أن يسفر خفض الإنتاج بمعدل 1.8 مليون برميل يوميا والذي من المفترض أن يستمر لمدة ستة أشهر في فترة أولى مع إمكانية تمديده، في تقليص تخمة الإمدادات ورفع الأسعار.
وبعد أكثر من أربعة أشهر من بدء تطبيق الاتفاق، توقع صندوق النقد في تقرير في نيسان/أبريل أن يؤدي خفض إنتاج النفط بين كبرى الدول المصدرة له إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في السعودية والعديد من الدول العربية الأخرى المصدرة له.
وخفض الصندوق في تقريره الدوري "آفاق الاقتصاد العالمي" توقعاته للنمو الاقتصادي في عام 2017 في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان وأفغانستان إلى 2.6 بالمائة بعدما كانت 3.1 بالمائة في بداية العام.
لكن ازعور أشار في مقابل ذلك إلى أن القطاعات غير النفطية بدأت تنمو بشكل أسرع.
وأوضح: "قطاع النفط تأثر بخفض الإنتاج، غير أن القطاعات غير النفطية حققت نموا"، مضيفا أن "حصيلة 2017 تظهر أن القطاع غير النفطي يحقق نموا محتملا أكبر ويتعافى بوتيرة أسرع من القطاع النفطي".
ويتوقع التقرير الاقتصادي الإقليمي لصندوق النقد أن تزداد نسبة النمو في القطاعات غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي الست من 2 بالمائة في العام 2016 إلى 3 بالمائة في 2017.