صبّ رؤساء سابقون للموساد جام غضبهم على الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، بعد الحديث عن تسريبه معلومات استخباراتية قدمتها
إسرائيل لأمريكا، خلال حوار له مع وزير الخارجية الروسي.
وقال شابتاي شافيت، الذي قاد
الموساد في سنوات التسعينات، إنه لو كان هو مسؤولا عن المنظمة الاستخباراتية اليوم، لكان سيرفض مشاركة المزيد من المعلومات مع نظرائه الأمريكيين.
وأضاف شافيت، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "تايمز أوف إسرائيل": "إذا طُلب مني غدا تمرير معلومات للسي آي ايه (وكالة المخابرات المركزية الأمريكية)، فسأقوم بكل ما هو ممكن لمنع تمريرها إليهم. أو سأقوم بحماية نفسي أولا، ومن ثم أعطيهم المعلومات، وما سأعطيه سيكون محايدا تماما".
وتابع محذرا: "إذا قرر شخص حاذق أنه من المسموح له تسريب معلومات، عندها سيكون شركاؤك في التعاون أقل، أو قد لا يكون هناك شركاء على الإطلاق".
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" أوردت أن ترامب كشف عن معلومات استخباراتية على مستوى "كلمة سر" -أحد أعلى مستويات السرية في الولايات المتحدة- خلال لقاء جمعه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والسفير الروسي لدى الولايات المتحدة سيرغي كيسلياك، في وقت سابق من هذا الشهر.
الصحيفة ذكرت أن البلد الذي زود الولايات المتحدة بالمعلومات هو "حليف يتمتع بإمكانية الوصول إلى الأنشطة الداخلية لتنظيم الدولة".
لكن مصادر قالت لصحيفة "نيويورك تايمز"، الثلاثاء، إن هذا البلد هو إسرائيل. بعد ذلك ذكرت شبكة "إيه بي سي نيوز" أن المعلومات جاءت بالتحديد من جاسوس زرعته إسرائيل في التنظيم الجهادي.
واصفا الرئيس الأمريكي بأنه "ثور في محل خزفيات" -أو "فيل في محل خزفيات" في النسخة العبرية للتعبير- واتهم شافيت ترامب بدخول أوضاع من دون اطلاعه على التفاصيل بالشكل الملائم، والانتهاك الصارخ لقواعد السلوك غير المكتوبة للاستخبارات عن دون قصد بعد ذلك.
وأقر الرئيس الأسبق للموساد بأن ترامب يملك "صلاحية اتخاذ القرار" للكشف عن معلومات استخباراتية حساسة، "لكن قواعد العمل السليم تتطلب حتى من رئيس القوة العظمى في العالم التشاور مع الخبراء. لهذا الغرض، تدفع لهم الحكومة رواتب"، كما قال شافيت.
ونقلت الصحيفة عن رئيس آخر للموساد سابقا، داني ياتوم، قوله إن على إسرائيل معاقبة الولايات المتحدة على تسريبات ترامب؛ لأنه من شأن أفعال كهذه وضع المصادر الإسرائيلية في خطر.
وأضاف ياتوم، الذي ترأس وكالة التجسس بين الأعوام 1999-2001: "علينا معاقبة الأمريكيين، هذا ممكن، حتى لا نضع ترامب في وضعيه يشعر فيها بالإغواء من جديد، علينا الامتناع عن تحويل معلومات إليه، أو إعطائه معلومات جزئية فقط؛ حتى لا يكون بمقدوره وضع المصدر في خطر".
وتابع بأنه على الرغم من أنه من حق ترامب رفع السرية عن المعلومات، لكن إذا استمر في فعل ذلك، "ستتوقف (إسرائيل) عن مشاركة (المعلومات) في المستقبل".
وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نقلت، الأربعاء، عن مسؤول استخباراتي إسرائيلي -لم تذكر اسمه- قوله إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لن تكون قادرة على الاستمرار في تمرير معلومات ذات قيمة عالية؛ حتى تكون على اقتناع بأنه يمكن الوثوق بالولايات المتحدة لحمايتها.
وقال المسؤول: "علينا إعادة تقييم ما إذا كان ينبغي أن نقوم بتمرير معلومات، وما هي المعلومات التي علينا تمريرها للأمريكيين. إنهم حليفنا الأكبر، ونحن نتشاطر معهم أكواما من المعلومات السرية للغاية".
وأضاف المسؤول: "حتى نكون متأكدين من أن القناة آمنة تماما، ينبغي ألّا نقوم بتسليم مجوهراتنا الملكية عبرها".
من جهته، قال أمنون صوفرين، الرئيس الأسبق لمديرية الاستخبارات في الموساد، الأربعاء، إنه في حين أن الحادثة مثيرة للقلق، لكنه لا يتوقع أن يكون لها تأثير كبير على العلاقة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية بالمجمل.
وقال، في محادثة هاتفية مع منظمة "مشروع إسرائيل": "إذا حدث ذلك بالفعل، وكان هناك بعض التفكير بالمصدر، قد يسبب ذلك مشكلة كبيرة بالنسبة لنا، وقد يضع المصدر في خطر ويلحق ضررا بأنشطتنا".
وأضاف صوفرين: "لا أعتقد أن [ذلك] سيسبب ضررا كبيرا. قد يسبب ضررا صغيرا… ولكن لن يتسبب بكارثة".
وفي محاولة واضحة لتهدئة المخاوف، غرد وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، صباح الأربعاء، على "تويتر" بأن "العلاقة الأمنية بين إسرائيل وأكبر حلفائها، الولايات المتحدة، عميقة، وهامة، وغير مسبوقة في نطاقها ومساهمتها في قوتنا".
وأضاف أنه على ثقة بأن "الموساد سيفعل كل ما في وسعه؛ حتى يتمكن المصدر من إعطاء المعلومات، وسيحاول استخراجها منه إذا لزم الأمر".
أما عضو الكنيست، آفي ديختر (الليكود)، الرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام (الشاباك)، فقلل من خطورة الحادثة، واصفا إياها بأنها جزء من الثمن الذي تدفعه أجهزة الاستخبارات في عملها.
وقال ديختر، الذي يرأس لجنة الكنيست للشؤون الخارجية والدفاع، لإذاعة الجيش: "أعرف أكثر من حادثة على مدى السنين، من بلدان مختلفة، تم فيها استخدام معلومات استخباراتية بطرق أكثر فظاعة مما تصفه وسائل الإعلام".