شهد "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، في غضون الأيام والساعات الأخيرة، تحركات حثيثة من قبل عدد من أعضائه، في اتجاه استصدار تشريع جديد، يحدد إنجاب كل أسرة
مصرية بما لا يزيد على ثلاثة أطفال، ويعاقب من ينجب أكثر من ذلك بالحرمان من الخدمات الحكومية كالعلاج والتعليم ودعم سلع التموين.
وتتزامن تلك التحركات
البرلمانية مع تصريحات متزايدة لرئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، في خطبه الأخيرة، حمّل فيها الزيادة السكانية مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي، كاشفا عن توجهات حكومته لاستصدار تشريعات تضبط تلك الزيادة، بحسب تعبيره.
وفي الجزء الثاني من حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية (الحكومية)، الأربعاء، تطرق السيسي إلى قضية الزيادة السكانية، وقال: "بدأنا نرفع نبرة الحديث عن هذه القضية بعدما كنا نتحدث عنها على استحياء بسبب خطة تثبيت الدولة".
وأكد أن "الحكومة تتحرك لدراسة برامج ومقترحات وقوانين لضبط الزيادة السكانية، بعدما ارتفع عدد المواليد سنويا إلى 2.5 مليون نسمة بمعدل يزيد على ثلاثة أمثال النسبة في الصين، التي نجحت في ضبط النمو السكاني منذ عقود، وحققت نتائج اقتصادية مبهرة"، على حد وصفه.
"حد الإنجاب"
وسريعا، أعلنت النائبة البرلمانية عن قائمة "دعم مصر" للمصريين في الخارج، الموالية للسيسي، غادة عجمي، انتهاءها من إعداد
مشروع قانون ينص على معاقبة من ينجب أكثر من ثلاثة أطفال، على أن يتم تطبيقه لمدة عشر سنوات، موضحة أنها ستقدمه في أول جلسة برلمانية عند عودة انعقاد المجلس، موقعا من مئة نائب.
وكشفت أن القانون يتضمن حرمان من ينجب أكثر من ثلاثة أطفال من التمتع بالعلاج الحكومي والخدمات الحكومية الأخرى، كالتعليم في مدارس الحكومة أو حصول المخالف على دعم نقدي وعيني أو سلع مدعمة.
وأضافت أن من يريد أن ينجب أكثر من 3 أطفال عليه تحمل نفقات تعليمهم وعلاجهم وتربيتهم كاملة دون تحميل ميزانية الدولة أعباء إضافية جراء ذلك.
وزعمت أن مصر في حالة حرب اقتصادية طاحنة، وأنه لابد من مواجهة تلك الحرب بترشيد الإنفاق وتنمية الموارد وتخفيض الزيادة السكانية وتحديد النسل، وأن التكدس السكاني يؤخر عملية التنمية، وأن الاتحاد الأوروبي والصين قننوا عملية النسل منذ سنوات طويلة.
وتابعت، في تصريحات صحفية متتالية، أن كل طفل جديد يحتاج إلى الأكل والشرب والصحة وفرص عمل فيما بعد، قائلة: "مش كل سنة نخلف عيل"، وتساءلت: "أنت خلفت، وبعد الطفل الثالث، ونفسك مفتوحة على الخلفة.. لماذا تتحمل الدولة عنك الدعم؟".
وفي ردها على منتقدي مشروع القانون، قالت: "مش بقول للناس ما تخلفوش، لكن باقول لو زودتوا عن 3.. تحملوا أنتم التكلفة، مش معقول هنخلف زي الأرانب، والحكومة هتبقى بابا وماما"، على حد تعبيرها.
تأييد برلماني
ولقي مشروع قانون "غادة عجمي" تأييدا واسعا من قِبل زملائها في البرلمان. وقال أمين سر لجنة الشؤون الدينية بالمجلس، النائب عمر حمروش، إن خطب الجمعة يجب أن تشتمل على تنظيم النسل للحد من الكثافة السكانية ونشر برامج التوعية بمختلف وسائل الإعلام للحد من الأزمة التي ينتج عنها أطفال شوارع بدون رعاية أو تربية "ليصبحوا فيما بعد أدوات لمنظمات إرهابية".
من جهته، طالب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية للمجلس، عمرو غلاب، بحملة موسعة برعاية الحكومة والبرلمان، لتنظيم النسل خلال الفترة المقبلة، واصفا التزايد السكاني، بالخطر الأكبر على الاقتصاد المصري في الوقت الحالي، والمستقبل.
أما وكيل لجنة الخطة والموازنة بالمجلس، ياسر عمر، فقال إن النمو السكاني أخطر ما تواجهه مصر الآن، موضحا أن معدل النمو السكاني يقدر بـ2.5% سنويا، بينما يقدر النمو الاقتصادي بـ4.5%، مؤكدا أن الفارق 2% لا يكفي أبدا لدفع عجلة التنمية.
وأخيرا، أكد النائب عبد الله مبروك، أن الزيادة السكانية تُعد خطرا على الأمن القومي المصري، قائلا إنه لابد أن تتنبه الحكومة لخطورتها، قبل أن تقع الكارثة.
ويُذكر أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة للإحصاء أعلن يوم الثلاثاء 16 أيار/ مايو الحالي، وصول عدد سكان مصر إلى 93 مليون نسمة بالداخل، بالإضافة إلى 8 ملايين مصري في الخارج، لتكون الحصيلة النهائية 101 مليون مصري.