نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على الترحيب الذي لقيه
ترامب خلال زيارته للسعودية. وعموما، تعمل المملكة على استغلال اللقاء مع حاكم البيت الأبيض؛ للبحث في سياسات من شأنها أن تؤدي إلى الوقوف في وجه النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن القادة السعوديين لم يبدوا اهتماما كبيرا بالزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي السابق أوباما إلى بلادهم في شهر نيسان/ أبريل سنة 2016. والجدير بالذكر أنه لم يتم بث هذه الزيارة عبر شاشات التلفاز. كما اكتفت الرياض بإرسال محافظ العاصمة فقط لاستقبال رئيس البيت الأبيض في المطار.
ولكن يبدو أن هذه الحادثة شكلت خاتمة سلسلة الخلافات بين الحليفين، التي بلغت ذروتها مع الاتفاق حول النووي الإيراني في شهر تموز/ يوليو من سنة 2015. وقد اعتبرت حكومة الرياض، في ذلك الوقت، أن هذا الاتفاق، الذي مكن طهران من العودة إلى الساحة الدولية، يُمثل خيانة للمملكة العربية
السعودية، المنافس الأول للنظام الشيعي.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد مرور سنة وشهر على كل هذه الأحداث، وصل الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، يوم السبت 20 مايو/ أيار سنة 2017، إلى الرياض، في إطار جولة يؤديها في الخارج. ولكن أبدت السلطات السعودية، هذه المرة، سعادة غامرة باستقبال ترامب، الذي عُرف بخطاباته المعادية لإيران.
وبالإضافة إلى المحادثات التي سيجريها مع الملك
سلمان، ومع ولي العهد نائب الأمير محمد بن سلمان، المعروف بنفوذه الواسع داخل أجهزة الدولة، سيحظى ترامب بشرف إلقاء خطاب أمام مجلس التعاون الخليجي. كما سيتحدث أيضا عن الإسلام أمام 50 قائدا عربيا ومسلما.
وأشارت الصحيفة إلى أن شوارع الرياض، تكريما للقمة الثلاثية "العربية-الإسلامية-الأمريكية"، زُينت بألوان الولايات المتحدة. وفي الأيام الأخيرة، ظهرت في الموقع الإلكتروني الرسمي المشرف على هذا الحدث ساعة تعد الساعات والدقائق والثواني قبل بدء تاريخ هذه الاحتفالات. ووصلت الأمور إلى أبعد من ذلك، حيث تم تنظيم حفل ستغني فيه نجمة أمريكية إلى جانب مطرب سعودي يوم السبت في الرياض. وقد فاجأت هذه المبادرة العديدين في مملكة عُرفت باتباع نهج إسلامي يميل إلى التطرف.
وفي هذا السياق، بذلت السعودية قصارى جهدها لإرضاء الحاكم الجديد للبيت الأبيض، وإقناعه بالاتحاد مع المملكة وحلفائها. وقد نشر الموقع الرسمي الإلكتروني للقمة شعار "العزم يجمعنا".
ويستهدف هذا الشعار العدو الإيراني في المقام الأول، حيث يعتبر احتواء نفوذه المتنامي في المنطقة أولوية قصوى للدبلوماسية السعودية.
وشددت الصحيفة على أمل الرياض وحلفائها من دول مجلس التعاون الخليجي في إعادة تدخل الولايات المتحدة في سوريا ضد نظام بشار الأسد، الذي يلقى دعما عسكريا وماليا من طهران. كما تُطالب دول الخليج أيضا البيت الأبيض بتقديم المزيد من الدعم لتدخلها العسكري في اليمن ضد مليشيات الحوثي، المتحالفة مع إيران.
ونقلت الصحيفة عن مدير مركز دراسات الخليج، عبد العزيز ساجر، تصريحاته التي اعتبر فيها أن "الضربات الأمريكية التي استهدفت قاعدة جوية (في شهر نيسان/ أبريل، باستعمال غاز السارين، والتي خلفت حوالي 100 قتيل في محافظة خان شيخون السورية)، تُعد مؤشرا إيجابيا. لكنها ليست كافية لتمثل منعطفا في السياسات الخارجية الأمريكية. فنحن نتوق لرؤية ما إذا كانت شعارات ترامب المعادية لإيران ستتحقق على أرض الواقع".
من ناحية أخرى، أدى بدء تغلغل النفوذ الإيراني-الروسي في سوريا، منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر، وتحديدا إثر استعادة حلب، إلى الحد من حرية تصرف واشنطن في هذا المجال. علاوة على ذلك، تهدد المخاطر التي تحيط بالوجود العسكري السعودي في اليمن، خاصة بعد وفاة 23 مدنيا يوم الأربعاء المنقضي في قصف لقوات التحالف الذي تقوده الرياض، قدرة الولايات المتحدة على التدخل في الملف اليمني.
وفي شأن ذي صلة، أوردت وسائل إعلام تابعة للصحافة السعودية والأمريكية أنه من الممكن أن يعلن دونالد ترامب عن إنشاء "الناتو العربي". ويتمثل الهدف من ذلك في إعطاء انطباع بتصدر بلاده قائمة الدول المعادية لإيران. ويبدو أن هذه السياسة الدفاعية الجديدة ليست موجهة ضد إيران فقط، بل أيضا ضد تنظيم الدولة، الذي تنتمي عناصره إلى الدول السنية الرئيسية في المنطقة، على غرار مصر، والأردن، والإمارات العربية المتحدة.
وعرجت الصحيفة على أنه من المتوقع أن يتمحور الخطاب الذي سيُلقيه ترامب بخصوص الدين الإسلامي حول تكريس مكافحة الجهاد. وسيساعد ذلك على تجاوز المراسيم المناهضة للهجرة والمعادية للمسلمين التي سنتها الولايات المتحدة مؤخرا. كما يُمكن أن يُضاف التوقيع على صفقة أسلحة للسعودية إلى كل هذه الوعود. وتجدر الإشارة إلى أنه من المتوقع أن ترتفع قيمة سوق الأسلحة في هذا البلد من مئة إلى 300 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وفي السياق ذاته، يمكن أن يشجع الخوف من إيران كلا من الرياض وأبو ظبي على التعاون مع إسرائيل، التي تشارك هذين النظامين النفور ذاته من طهران. ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، وافقت "الأنظمة الملكية الخليجية"، بالاتفاق مع الولايات المتحدة، على تقديم مشروع تطبيع "للدولة العبرية"، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الطرفين.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أنه في حال تم الاتفاق، ستحصل إسرائيل على حق استخدام المجال الجوي السعودي والإماراتي. كما ستعمد إلى فتح خطوط هاتفية مباشرة مع البلدين، في مقابل مزاعم بتجميد الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية وتخفيف الحصار المفروض على غزة.