دشن اللواء المتقاعد خليفة
حفتر عمليته العسكرية، "
عملية الكرامة" في السادس عشر من أيار/ مايو سنة 2014، تحت غطاء مكافحة الإرهاب، وإنهاء مسلسل اغتيال العسكريين والإعلاميين والنشطاء في مدن درنة وبنغازي، شرق
ليبيا.
وأطلق حفتر ومجموعة مساندة له من القبائل، وضباط
الجيش، ومسلحين مدنيين من عدة مدن وقرى في شرق ليبيا، عملية الكرامة، مستهدفا من وصفهم بالجماعات الإرهابية وكل من ينتمي إلى تيار الإسلام السياسي، وعلى الأخص، الإخوان المسلمين وكتائب الثوار وأنصار الشريعة.
دعم إقليمي ودولي
قوة حفتر التي بدت متواضعة وضعيفة ويمكن هزمها وردعها في بدايات عملية الكرامة، تطورت شيئا فشيئا، وذلك بعد إعلان ضباط جيش وزعماء قبائل محليين الولاء لعمليته، وسيطر مسلحوه على مناطق حيوية على أطراف بنغازي، خاصة منطقة الرجمة (شرق بنغازي)، التي يتخذها حاليا مقرا لقيادته، والتوسع حتى السيطرة على كامل مدينة بنغازي، عدا حيي الصابري وسوق الحوت وسط المدينة.
وكان أول دعم تلقاه حفتر من مجلس النواب الليبي، إذ أعلن في الواحد والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 2014 عن تبني العملية بدعوى أن ضباط وجنود من الجيش الليبي شاركوا فيها. ليوقع بعد ذلك في مطلع يناير/ كانون الثاني 2015، رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قرارا بصفته القائد الأعلى للجيش، أعاد بموجبه 129 ضابطا إلى صفوف الجيش، من بينهم خليفة حفتر، ثم يرقيه في سبتمبر/ أيلول 2016 إلى رتبة مشير.
ورغم حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا بموجب قرار مجلس الأمن الدولي، رقم 1973 لسنة 2011، إلا أن تقاريرا غربية كشفت عن خرق هذا القرار، وذلك بتسهيل وتوريد أسلحة من الإمارات عبر مصر، بل واستقدام خبراء عسكريين في شرق ليبيا من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وروسيا وبريطانيا.
ولم يقتصر الدعم فقط على تسهيل دخول أسلحة إلى قوات حفتر في ليبيا، بل وصل إلى حد توجيه ضربات جوية، لمناوئيه ببنغازي، ففي يوليو/ تموز من عام 2016، قصفت طائرات حربية فرنسية، رتلا عسكريا لقوات سرايا الدفاع عن بنغازي، في مدخل المدينة الغربي، عقب إسقاط طائرة حربية فرنسية ومقتل ثلاثة من الجنود الفرنسيين كانوا على متنها.
الدعم المحلي
عقب إعلان حفتر لعملية الكرامة في مدينة بنغازي شرق ليبيا، قام بجولة في أغلب مدن ومناطق الشرق، عاقدا عشرات الاجتماعات مع أعيان وشيوخ القبائل، والمنتسبين للتيار السلفي المدخلي، شارحا لهم هدف عملية الكرامة، وأنها جاءت لحمايتهم من الإرهاب الذي سيستهدفهم أيضا، مما دعا كتائب كبرى في بنغازي، قبلية وعسكرية، وحتى ثوار سابقين، إلى الإنضواء تحت قيادته وتدخل الحرب في بنغازي إلى جانبه.
وعلى إثر هذه التحركات، انضم آمر الكتيبة 204 دبابات، سابقا، العقيد المهدي البرغثي، إلى عملية الكرامة، التي تحولت في وقت لاحق إلى الكتيبة 298، كما أعلن العقيد جمال الزهاوي، آمر الكتيبة 21 مشاة موالاته لعملية الكرامة، وتبعيته لآمرها خليفة حفتر. وكان آخر هذه الانضمامات، في تلك الفترة، ما أعلنه آمر القوات الخاصة في بنغازي، العقيد ونيس بو خمادة، في التاسع عشر من مايو/ أيار 2014، من الولاء للكرامة.
وتوالت بيانات وإعلانات أمراء الكتائب والمليشيات، الانضمام لعملية الكرامة، خاصة في بنغازي، ومدن المرج والبيضاء وطبرق، وأغلب مناطق وقرى شرق ليبيا، مثل الكتيبة 204 من منطقة سلوق غرب بنغازي، والكتيبة 106 مجحفلة مشاة، التي ترأسها فيما بعد، نجل خليفة حفتر، خالد، وكتيبة الآليات 296 بإمرة علي القطعاني، وقوة المهم الخاصة، بإمرة فرج قعيم، وكتيبة الإسناد الأمني للاستخبارات العسكرية بإمرة صلاح بو لغيب، وكتيبة المدفعية والصواريخ، والكتيبة 201 التي ضمت السلفيين من أتباع التيار المدخلي، المدعوم من السعودية، وإعلان قاعدة طبرق الجوية، وقاعدة الأبرق الخضوع والتبعية لخليفة حفتر. إضافة إلى مئات المدنيين، الذين عرفوا فيما بعد بالصحوات، وكتيبة أولياء الدم في بنغازي، بإمرة عياد الفسي، وفي درنة بإمرة سليمان اللهطي.
شرق وغرب بنغازي
لم يكن تأييد عملية الكرامة مقصورا فقط على مدينة بنغازي، أو الطوق القبلي المحيط بها من قبائل "العواقير" و"المجابرة" و"العرفه" و"العبيد"، بل امتد إلى مناطق شرق وغرب بنغازي، وشاركت قوى مسلحة في الهجوم على معسكرات الثوار في مدينة بنغازي، مثل كتيبة حسن الجويفي من البيضاء، والكتيبة 309 مجحفلة من طبرق ( شرق البلاد)، والكتيبة 302 من مدينة إجدابيا غرب بنغازي، والكتيبة 153 من منطقة توكرة شرق بنغازي، والكتيبة 115 مشاة مجحفلة القادمة من مدينة المرج شرق بنغازي، ومسلحين ينتسبون إلى قبيلة التبو، قدموا من مدينة الكفرة في الجنوب الشرقي لليبيا.
هذا، وشاركت طائرات فرنسية وإماراتية ومصرية في دعم عمليات حفتر جوا، بل ونشرموقع "آي إتش إس جين" المختص في الشؤون العسكرية، صورا لقاعدة جوية إماراتية في مطار "الخروبة" العسكري شرق مدينة المرج، مؤكدا أن هذه الطائرات تشن غارات على مواقع لمعارضي حفتر في بنغازي.
صيانة مصر
كما قامت مصر بصيانة طائرات حربية ليبية، نوع "ميج 21"، و"ميج 22 bn"، و"ميج 23"، وسلمتها لحفتر لاستخدامها في حربه.
وشاركت قطع بحرية تابعة للقوات البحرية في معركة الكرامة، سواء أكان ذلك بقصف مناطق قنفودة، والصابري، والأحياء القريبة من البحر، أو محاصرة مسلحي مجلس شورى بنغازي، ومنع وصول إي إمدادات لهم من غرب البلاد.
ودخلت إلى قوات حفتر عبر ميناء طبرق البحري، سيارات دفع رباعي قادمة من دولة الإمارات، وأسلحة أخرى قادمة من مصر، اشترتها أبو ظبي لصالح قوات حفتر كدبابات BMB، وبراميل متفجرة، وأجهزة كاشفة للألغام، ورشاشات آلية كلاشنكوف، و"بي كي تي" وصواريخ مضادة للدروع، ومدافع هاوزر، وقواذف "آر بي جي" وأجهزة كشف القطع البحرية والقوارب، وعشرات الملايين من الطلقات، ومدافع "14.5" و "م ط23".
أولياء الدم في درنة وبنغازي
تأسست كتيبة أولياء الدم في مدينة بنغازي في يوليو/ تموز عام 2012، من مئات المقاتلين المدنيين الذين هم من أهالي أو أقارب من سقطوا ضحايا عمليات الاغتيال في بنغازي، من العسكريين والمدنيين، معلنة عقب انطلاق عملية الكرامة، تأييدها لها، تحت إمرة عياد الفسي. وإضافة إلى مشاركة الكتيبة في العمليات القتالية في محاور بنغازي، فقد قامت أيضا بحرق عشرات البيوت التي تعود لمعارضي حفتر، وصادرت الممتلكات، وقامت بعملية تصفية واغتيال خارج القانون.
بينما تكونت الكتيبة في مدينة درنة شرق ليبيا، من أولياء الدم بالمناطق المجاورة لمدينة درنة، بعد الإعلان عن عملية الكرامة عام 2014، بتمويل ذاتي وبسيط في البداية، قبل أن تنضم رسميا إلى عملية الكرامة.
في حين، تحدثت تقارير ووسائل إعلام عن مشاركة أكثر من خمسة عشر ألفا ما بين جندي ومتطوع ضمن عملية الكرامة، في مختلف مناطق القتال التي شملت بنغازي، ودرنة، ومرافئ وحقول الهلال النفطي.