نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا، حول
الهجوم الأخير في مدينة
مانشستر البريطانية، الذي وقع في بهو قاعة احتفالات، مخلفا وراءه قتلى وجرحى.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن استخدام القنبلة البدائية في العملية الأخيرة في مدينة مانشستر يشير إلى خطة أبعد من كونها فردية، أو قام بها "ذئب متوحد"، مشيرا إلى أن
بريطانيا من أصول ليبية قام بتفجير نفسه في بهو قاعة احتفالات مانشستر أرينا ليلة الاثنين، وقتل 22 شخصا، وجرح 59 آخرين، وأحدث فوضى بين الحضور بالآلاف، الذين كانوا يشاركون في حفلة موسيقية.
وتشير المجلة إلى أن التفاصيل التي ظهرت عن الهجوم تكشف عن أن
تنظيم الدولة يقف وراءه، بعدما سارع بالإعلان عن مسؤوليته عن هذا الهجوم، لافتة إلى أن الشرطة أكدت أن الهجوم الإجرامي نفذه انتحاري واحد، عندما فجر قنبلة بدائية الصنع محشوة بقطع الحديد الصغيرة، وقالت الشرطة إن اسم المنفذ
سلمان العبيدي، المولود في مانشستر قبل 22 عاما، وجاءت عائلته من ليبيا.
ويلفت التقرير إلى أن الشرطة قامت باعتقال شخص آخر، عمره 23 عاما في إحدى ضواحي مانشستر، مشيرا إلى أن الصور المؤلمة للضحايا والمفقودين بدأت تظهر على مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وتفيد المجلة بأن بقية المعلومات تظل عرضة للتكهن والتحليل، فاختيار حفلة موسيقية يذكر بالهجوم على مسرح باتكلان في باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 ، حيث أصبح من المعتاد أن يقوم تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة باستهداف الأماكن التي يتجمع فيها الكثيرون لحضور حفلات غنائية أو رياضية، التي يرى فيها التنظيمان تعبيرا عن انحطاط الأخلاق وتدهور الحضارة الغربية.
ويعلق التقرير قائلا إن حضور عدد كبير من المراهقين المناسبة الموسيقية في قاعة مانشستر أرينا أضاف بعدا شجع المهاجم، مشيرا إلى أن ما يعزي البريطانيين هو أنه لم يكن هناك مسلحون يلوحون بالبنادق الأوتوماتيكية، كما هو حال الهجوم على باريس، وهذا يعود لقانون منع حمل السلاح وحيازته المتشدد في بريطانيا، ما كان مؤشرا إلى أن المؤامرة الإرهابية ليست معقدة.
وتذهب المجلة إلى أن "هذا كله لا يعني أن القاتل لم يكن معروفا لسلطات مكافحة الإرهاب، أو أنه قام بالهجوم بناء على قرار فردي، فلدى وكالة الأمن الداخلي (أم آي فايف) قائمة بأسماء ثلاثة آلاف مشتبه به من المتشددين الدينيين، وليست لديها المصادر لمراقبة دائمة إلا لحوالي 40 شخصا، فالشخص الواحد منهم يحتاج إلى 18 عنصرا، وهناك قواعد وقوانين مشددة حول طبيعة متابعة المشتبه بهم".
وينوه التقرير إلى أنه عادة ما يختفي الأشخاص الذين يعدون خطيرين عن أنظار المؤسسة الأمنية البريطانية ذات المصادر الغنية، حيث أن حجم التهديد الذي يواجهونه مجهد، لافتا إلى قول رئيس اللجنة الأمنية في البرلمان دومنيك غريف، إن أجهزة الأمن أحبطت 12 مؤامرة إرهابية خلال 18 شهرا حتى آذار/ مارس، ولهذا فإنه من المحتمل نجاح أحدهم في مهمة إرهابية.
وتقول المجلة إن "الكثير قيل عن ظاهرة (الذئاب المتوحدة)، وهم الذين يميلون للتشدد بجهودهم الخاصة، ويحصلون على السلاح بطرقهم، ففي آذار/ مارس، قام خالد مسعود (52 عاما)، بقتل خمسة أشخاص في لندن بعدما استأجر سيارة، وحمل معه سكينة مطبخ قام فيها بطعن عدة أشخاص، منهم حارس للبرلمان في ويستمنستر، لكن منفذ هجوم مانشستر، الذي استخدم قنبلة بدائية، لا بد أنه حصل على دعم، رغم وجود العديد من المواقع الجهادية التي ترشد لكيفية تجميع قنبلة بدائية وإخفائها في حزام أو سترة انتحارية، لتنفجر في الوقت المناسب".
وتضيف المجلة: "لو لم يكن منفذ تفجير مانشستر جزءا من خلية إرهابية تعمل في بريطانيا، فلربما حصل على خبرته في تجميع وبناء القنبلة البدائية في مكان آخر، حيث انضم حوالي 800 جهادي بريطاني للقتال في صفوف تنظيم الدولة والجماعات الجهادية الأخرى في العراق وسوريا، وعاد نصف هؤلاء على الأرجح إلى بريطانيا، ومن بين هؤلاء مقاتلون تدربوا على أساليب القتال، ولديهم الدافعية للقيام بهجمات، ولو ناسب هذا الوصف مفجر مانشستر فسيكون ذلك كابوسا للأجهزة الأمنية البريطانية".
ويلاحظ التقرير أن الهجوم جاء متزامنا مع ذكرى قتل الجندي البريطاني لي ريغبي في شوارع لندن، على يد متطرفين، في 22 أيار/ مايو 2013، منوها إلى أن هناك من أشار إلى أن الهجوم جاء من أجل تعويق الانتخابات البرلمانية المقررة في الشهر المقبل، رغم عدم وجود حزب يميني سينتفع منها.
وترى المجلة أن هذا لا يعني عدم تأثير الهجوم في الانتخابات، مشيرة إلى أنه بعد ستة أعوام من خدمتها وزيرة ناجحة للداخلية، فإنه يمكن لرئيسة الوزراء تيريزا ماي أن تقدم نفسها على أنها "رئيسة وزراء الأمن"، وبهذا تقضي على حظوظ زعيم العمال جيرمي كوربين، الذي اتهم بالتعاطف مع الجيش الإيرلندي الحر، ووصف حزب الله وحركة حماس، المصنفين في الاتحاد الأوروبي جماعتين إرهابيتين، بالأصدقاء.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت تقاربا في الدعم بين حزبي المحافظين والعمال، بعد نشر بيان المحافظين، والجدل الذي ثار حوله، لافتة إلى أنه بعد الهجوم الإرهابي الأخير سيتوقف التراجع، أي فوز المحافظين المحتوم.