كشف مصدر يمني خاص عن عرض مثير تقدمت به
الإمارات لمحافظ مدينة مأرب الغنية بالنفط (شمال شرق
اليمن)، الشيخ
سلطان العرادة، لكن رد الرجل كان صادما لها.
وقال المصدر، الذي اشترط عدم كشف اسمه، لـ"عربي21"، إن الإمارات طلبت من الشيخ العرادة التحالف معها، والعمل ضمن شبكة حلفائها المحليين، التي تتصدر المشهد في مدينة عدن (جنوبا) والمدن المجاورة لها.
وأضاف المصدر أن
محافظ مأرب رفض هذا العرض، الذي تزامن مع زيارته بمعية عدد من قادة القبائل للعاصمة الإماراتية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وسط استقبال حار من ولى عهد أبوظبي، محمد بن زايد.
وأشار إلى أن قيادة السلطة المحلية في مأرب لم تقبل أن تكون ورقة بيد أي طرف يتم المساومة بها في وجه الحكومة اليمنية الشرعية، كما هو حاصل جنوبي البلاد.
ووفقا للمصدر، فإن العرض تضمّن "تشكيل تحالف بين الإمارات وقيادة سلطة مأرب، كان لافتا أنه على حساب علاقتها مع السلطات الشرعية الممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، يوازي تحالفها في عدن وحضرموت، مقابل دعم سخي يحظى به أبناء مأرب من قبل أبوظبي".
وأردف قائلا: الخطة الإماراتية كانت تسعى إلى "إنتاج قيادة محلية معادية للرئيس هادي في مدينة مأرب"، وكما هو الحال في المحافظات الجنوبية المحررة.
وأوضح المصدر اليمني أن "سلطان العرادة" رفض هذا العرض، للنأي بالمحافظة -الأكثر إنتاجا للنفط والغاز في اليمن- عن أي صراع سياسي مع الحكومة الشرعية؛ ولذلك بات الرجل لا يرق للإماراتيين، بل يمثل حائط صد أمام حلم السيطرة على الهلال النفطي الممتد من مأرب، مرورا بشبوة (جنوب شرق) وصولا إلى حضرموت (شرقا).
وبحسب المصدر، فإن الدور الإماراتي يتركز على إسناد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ضد الحوثيين وقوات صالح، لكن هذا لم يكن كافيا بالنسبة لها طالما أن طموحها في حضور واسع يجمع بين العسكري والسياسي، وصولا إلى امتلاك التأثير على قرار السلطات المحلية في مأرب.
وقال إن الإمارات، التي تتمركز قواتها في معسكر "التداوين" الواقع بين محافظتي مأرب والجوف، تكن لها قيادة مأرب كل التقدير؛ لدورها في التصدي للهجمات الصاروخية التي يشنها الحوثيون وقوات صالح على المدينة، من خلال منظومات "باتريوت" المنصوبة في المعسكر.
إلا أن تعطيل "استكمال استعادة مدينة صرواح"، وإبقاء المسلحين الحوثيين المدعومين من الحرس الجمهوري الموالي لصالح في هذا المنطقة، الواقعة في الأطراف الغربية لمأرب، رغم عشرات الخطط التي قدمت لقادة التحالف الموجودين فيها، هو تساؤل وجهه المصدر إلى الإمارات، التي قال إنه بحاجة إلى إجابة حقيقية منها.
وذكر أنه مع إطلاق الحملات العسكرية لاستعادة صرواح، تحضر دائما عمليات القصف المدفعي والجوي على مواقع استعادها الجيش الوطني، التي دائما ما يبرر لها بأنها "خاطئة"، كان آخرها القصف المدفعي للقوات الإماراتية، الذي استهدف مواقع سيطرت القوات الحكومية عليها جنوب غرب مركز صرواح، ما أسفر عن سقوط أكثر من أربعين جنديا وضابطا بين قتيل وجريح.
وأكد المصدر اليمني الخاص أنه عندما يئس الإماراتيون من "استدارة محافظ مأرب نحوهم" بدأوا بالتحرك لاختراق وتفكيك القوى السياسية والاجتماعية المتماسكة في مأرب، التي يستند عليها الشيخ العرادة، الرجل الأقوى في مأرب، من حيث الحضور والتأثير السياسي والاجتماعي على كل المكونات في المدينة.
وأضاف أنهم لجأوا لاستقطاب مشائخ وقادة قبليين، وتقريب بعض القادة العسكريين البارزين في الجيش الوطني، بينهم قائد عسكري رفيع، من خلال فتح أبواب مقراتهم العسكرية للزيارات المتكررة لها التي يلفها الغموض.
ولم يستبعد أن يكون قرار وزارة الخزانة الأمريكية في 20 من أيار/ مايو الجاري، بإدراج شقيق محافظ مأرب، خالد العرادة، ضمن قائمة داعمي الإرهاب، قد استند على معلومات كيدية قدمها عسكريون إماراتيون موجودون في مأرب،
وقال متسائلا: من أين حصلت الوزارة الأمريكية على هكذا معلومات كاذبة تزعم أن "العرادة قام بدعم تنظيم القاعدة؟"، وهو ما لم يحدث أبدا.
وتابع قوله بأن الهدف من ذلك "بعث رسائل لمحافظ مأرب، سلطان العرادة، من قبل الإماراتيين، على خلفية موقفه من الحكومة الشرعية، ورفضه العمل ضمن المنظومة المتحالفة معهم"، وكذا إثارة الشكوك حوله بمثل هذه المزاعم.
وتشهد مدينة مأرب استقرارا، رغم بقاء المعارك على أطرافها، إلا أنها استطاعت أن تكون النموذج للمدن المحررة من الحوثيين وقوات صالح، فضلا عن كونها المدينة اليمنية التي انطلقت منها شرارة المقاومة الشعبية ضدهم قبل التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية.