نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن مرحلة ما بعد طرد
تنظيم الدولة من
الرقة السورية، مشيرة إلى أن هيمنة الأكراد على المنطقة من شأنها أن تؤدي إلى صراع آخر.
ونقلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عن معارض سوري عربي، يدعى خالد، وهو اسم وهمي اختاره الشاب لأسباب أمنية، أنه التقى في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في إسطنبول مع مسؤولين أمريكيين من وزارة الخارجية، ممثلا للمجتمع المدني لمدينة الرقة السورية.
وأوردت الصحيفة أن هذا الاجتماع كان يهدف إلى رسم ملامح السيناريوهات المحتملة بعد معركة الرقة.
وفي هذا الإطار، بين خالد أن شباب الرقة لا يرغبون في استقرار المليشيات الكردية السورية في المدينة، مشيرا إلى رغبتهم في تلقي الدعم من طرف قوات درع الفرات (المدعومة تركيا)؛ لمساعدتهم على طرد عناصر تنظيم الدولة من المنطقة.
وبينت الصحيفة أنه منذ سنة 2014، تقدم واشنطن الدعم للمليشيات الكردية لمحاربة تنظيم الدولة في شمال
سوريا. لكن، لاحقا، أصبحت
الوحدات الكردية تعمل تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية.
وخلال الاجتماع، أكد خالد على مخاطر منح الأسلحة إلى الأقلية، التي لا تشكل سوى 5 في المئة من سكان الرقة؛ إذ إن ذلك من شأنه أن يطلق العنان لمزيد من الصراعات في المنطقة.
وقالت الصحيفة إن خبراء يعتقدون أن النموذج الاستبدادي للأكراد في المناطق ذات الأغلبية العربية، مثل الرقة، من شأنه أن يعجل بعودة الجماعات المتطرفة إلى المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن الأزمة الإنسانية، التي برزت بعد هزيمة تنظيم الدولة في مناطق أخرى في سوريا، تشكل بدورها مسألة رئيسية بشأن الهجوم على الرقة. في المقابل، أعلن التحالف الدولي عن عدم تحمله لأي مسؤولية في هذا الشأن. وقال المتحدث باسم التحالف، الكولونيل ريان ديلون، إن "التنمية الوطنية ليست من مهامنا".
وحتى اللحظة، لم يتم وضع أي خطة للإدارة المدنية في الرقة. وبالتالي، فإن العديد من التساؤلات المطروحة حول: من سيتولى السلطة في مدينة تضم حوالي 300 ألف نسمة، ومن الذي سيتكفل بتوفير الخدمات البلدية، وما هي طبيعة القوات التي ستكون مسؤولة عن الأمن والنظام في المنطقة، ومن هو الطرف الذي سيتكفل بتمويل إعادة بناء الرقة.
وأوضحت الصحيفة أنه في نيسان/ أبريل الماضي، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن تشكيل المجلس المدني للرقة، ومقره سيكون في مدينة تل أبيض. وسيشكل المجلس السكان القاطنون بالرقة، من العرب والأكراد والتركمان، جنبا إلى جنب وجهاء القبائل هناك.
وفي هذا الصدد، قال خالد إن "قيادات وحدات حماية الشعب (الكردية) يتمتعون بالسلطة الحقيقية في المنطقة، وإن اختيار القيادات غير متوازن مطلقا".
وذكرت الصحيفة أن مخاوف سكان الرقة تكمن في إدراج المنطقة ضمن منطقة الإدارة الكردية، التي تسيطر عليها الوحدات الكردية في شمال سوريا، وذلك بفضل الدعم الجوي البري من الولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار، قال صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي تتبع له الوحدات الكردية، إنه "إذا أصبحت الرقة كانتونا كرديا جديدا، فإن تقاسم السلطات مع العرب سوف يكون أمرا مستبعدا دون أي شك".
وأضافت الصحيفة أن قوات سوريا الديمقراطية سيطرت منذ العام الماضي على مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، لكن الجهود المبذولة لإدراج العرب في النموذج الإداري للمنطقة لم تكن سوى حبر على ورق. وبناء على ذلك، قال محلل سياسي سوري إن "الشخصيات العربية التي ترغب في المشاركة في الإدارة الذاتية في المنطقة لن تتسلم سوى وظائف، دون سلطة حقيقية، مؤكدا أن القرار الأخير يعتمد على مسؤولي الوحدات الكردية المدربة على يد حزب العمال الكردستاني في منطقة جبل قنديل".
وبينت الصحيفة أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة شرع في تدريب الوحدات الأمنية؛ تأهبا لمواجهة عودة عناصر تنظيم الدولة إلى المنطقة، وضمان الأمن الداخلي في المنطقة.
وأشارت إلى أن احتمال سيطرة الوحدات الكردية على الرقة أثار قلق تركيا، في حين ذكر وزير الشؤون الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، إثر لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في منتصف أيار/ مايو، أن واشنطن وعدتهم بأن تكون الرقة فقط تحت سيطرة العرب وليس الأكراد.
وتعتبر تركيا المليشيات الكردية في سوريا جزءا من الانفصاليين الأكراد في تركيا، التابعين لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه كل من تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضمن المنظمات الإرهابية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال الاجتماعات الأمريكية التركية، كان الرئيس التركي يهدف إلى التأكد من أن السلاح لن ينتهي بأيدي حزب العمال الكردستاني. ومن ضمن هذه المطالب الدعوة إلى زيادة الجهود الأمريكية في العملية الاستخباراتية ضد حزب العمال الكردستاني على الحدود، والمطالبة بمراقبة الأسلحة التي يتم إرسالها إلى الوحدات الكردية، فضلا عن العمل على انسحاب حزب العمال الكردستاني من مدينة سنجار في العراق.
ونوهت الصحيفة إلى أنه على الرغم من الوعود المقدمة، فإن القلق سوف يظل يساور المسؤولين في شمال سوريا، خاصة بخصوص القوة التي ستتكفل بتسيير أمور المنطقة والصراع على السلطة، الذي لا مفر منه.