لم يسقط الأسد بعد، لكن ذلك يبدو قريبا بالرغم من غياب الأسباب الداخلية الحقيقية لسقوطه، فكل التحركات الأخيرة والتصريحات الطنانة التي تتدفق من الاتجاهات الأربعة تنبئ بذلك، على عكس ما تعكس مرآة الأحداث الجارية في أحياء القابون وبرزة ومخيم اليرموك.
في المقابل تتصاعد وتيرة الأحداث على الحدود السورية العراقية شيئا فشيئا، وتشتد اللهجة الأمريكية في تحذير النظام وحلفائه من الاقتراب إلى ساحة المعركة التي من المفترض أن تحد من تمدد تنظيم داعش، وتحرم ايران من إحدى سبلها لدعم للأسد.
لا شك أن القضاء على تنظيم داعش في
سوريا سيعيد النقاء للثورة السورية، ولا شك أن قطع سبل الإمداد الإيراني عن الأسد سيضعفه، لكن ليس بالضرورة أن يُسقطه، خصوصاً وأن ترتيب أولويات الإدارة الأمريكية ناتج عن مصالحها لا عن رغبتها بفرض حل ينهي الصراع ويحقق مطالب السوريين.
المصلحة الأمريكية لا تتحقق بسقوط الأسد وتحقيق الاستقرار في المنطقة، فهذا يفقد الولايات المتحدة وسيلة ابتزاز سياسي ودواع لصفقات تجارية تلبي تطلعات النرجسية الأمريكية. فمعركة الحدود السورية العراقية ربما تكون بهدف السيطرة على مواقع نفطية أكثر من كونها بهدف القضاء على تنظيم داعش.
أيا كانت الدوافع الأمريكية لإطلاق المعركة، فإن ذلك لا يبدد ضرورة عمل المعارضة السورية وفصائل الجيش الحر على إسقاط الأسد، فاحتمالات الوقوع بفخ أمريكي واردة خصوصاً بعد تغييب الفصائل الثورية عن معارك شمال شرقي سوريا وفرض قوات تحالف "سوريا الديمقراطية" للهيمنة على المنطقة، وربما منحها شرعية حكم فيدرالي في الفترة المقبلة.
تناقض المشاهد على الأرض السورية يثبت صحة فرضيات المراوغة الأمريكية التي تخدم مصالح جميع الأطراف، بما فيهم نظام الأسد الذي يعزز سيطرته على أحياء العاصمة دمشق ويتجه جنوبا.
ما لا يجب تجاهله هو أن كل السيناريوهات المتوقعة للفترة المقبلة تتطلب تماسك المعارضة السورية وحضورها متحدة، ففي حال سقوط الأسد لا بد من وجود كتلة سياسية قادرة على تمثيل الشعب السوري لقيادته ولإدارة مؤسسات الدولة، بما فيها العسكرية. فطرح أي نظام جديد يتطلب جناحاً سياسياً ينسق ويعمل لسوريا موحدةً، وآخر عسكرياً أمنيا يعمل على خلق جو أكثر أمناً وأماناً.
وعلى افتراض أن المصالح الأمريكية لن تتحقق برحيل الأسد، ما يعني استمرار الوضع الحالي واشتداد ضبابية المشهد وتعقيداته، فهذا كله يؤكد ضرورة تهيئة النظام البديل بجناحيه الاثنين لتكثيف الجهود السياسية والعسكرية، والعمل بإخلاص لخلق أسباب داخلية لإسقاط الأسد.
من الخطأ الدعوة لتشكيل فصائل سياسية أو عسكرية جديدة في ظل وجود كتل سابقة حازت على اعتراف العالم بشرعية وجودها، لكن ضرورات إصلاحها وإعادة تنسيقها تفرض نفسها اليوم أكثر من أي يوم مضى، فلا مجال للاستماع للتصريحات والاستمتاع بالتحليلات، ولا مجال لتلقي التعليمات وانتظار المخرجات.
قد تبدو مهمة توحيد المعارضة السورية صعبة، لكنها ليست مستحيلة خصوصاً بعد إعلان الائتلاف عن دعوته لـ12 فصيلاً عسكرياً لتمثيلها سياسياً في أكبر كيانات المعارضة السورية.. فرصة يجب أن لا يتجاهلها السوريون وإعلام ثورتهم.. فرصة يجب تعميمها و ترويجها أكثر ولا يجب تضييعها إن لم نرد الوقوع في فخ
التقسيم الأمريكي.