أثار إعلان
مصر قطع العلاقات مع
قطر في أعقاب اتخاذ السعودية والإمارات الخطوة ذاتها؛ تساؤلات حول تزايد تبعية نظام قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي للرياض وأبوظبي، ولو على حساب أكثر من ربع مواطن مصري يقيمون في قطر.
وقال مراقبون إن السيسي لم يأخذ في اعتباره هؤلاء المصريين عند اتخاذه هذا القرار، وتجاهل مصيرهم إرضاء للسعودية والإمارات؛ أهم حلفائه في المنطقة.
وكانت الدول الأربع قد أعلنت الاثنين قطعا شاملا في العلاقات مع قطر، بعد اتهامها الدوحة بدعم الإرهاب، والإضرار بأمنها القومي.
وبحسب خبراء؛ فبعد أن تعالت الأصوات المتسائلة عن مصير المصريين في قطر إذا ما قررت الدوحة إعادتهم إلى بلادهم كرد فعل على القرار المصري؛ اكتفت حكومة الانقلاب بتصريحات غير منطقية عن توافر وظائف كافية لمن يقرر العودة من قطر من المصريين، وهو ما أثار سخرية وغضب كثير من النشطاء، في ظل التدهور الاقتصادي وعجز حكومة الانقلاب عن توفير فرص عمل لملايين العاطلين المقيمين في مصر.
تبعية كاملة للإمارات والسعودية
وتعليقا على هذه التطورات؛ قال الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع، إن "مصر في عهد السيسي أصبحت تابعة بالكامل للسعودية والإمارات، ولا تستطيع أن تأخذ قرارا ضد قطر بدون الرجوع إليهما أولا"، مؤكدا أن "السيسي لم يجرؤ على قطع العلاقات مع قطر إلا بعدما قامت الإمارات والسعودية بقطعها أولا".
ولفت ربيع إلى أن "الأمر نفسه تكرر الأسبوع الماضي في موضوع حجب المواقع الالكترونية الإخبارية، حيث لم تأخذ مصر القرار إلا بعدما أخذته السعودية والإمارات أولا"، مضيفا لـ"
عربي21" أن "تبعية مصر للسعودية والإمارات سببها أنهما أصبحا مصدر الأموال لها وقت الأزمات، والسيسي يتعامل معهما على أنهما الاحتياطي الاستراتيجي له اقتصاديا وسياسيا".
ورأى أن "قرار قطع العلاقات مع قطر عمل تأديبي من مصر والإمارات والسعودية بالتعاون مع أمريكا"، مؤكدا أن "ترامب حينما زار السعودية الأسبوع الماضي أعطى الضوء الأخضر للبدء في تأديب قطر؛ بسبب إصرار أميرها على تحدي هذه الدول".
وحول أوضاع المصريين في قطر؛ قال ربيع إنه "من المؤكد أنهم أصيبوا بضرر بالغ، ومن الصعب أن يعودوا إلى بلادهم في ظل الأوضاع المتردية في مصر"، مشيرا إلى أن "كثيرا منهم يخشون العودة تحسبا لتعرضهم لمضايقات أمنية؛ فقط لأنهم كانوا يعملون في قطر".
النظام لا يهتم بمواطنيه
من جهته؛ تساءل الباحث السياسي جمال مرعي مستنكرا: "منذ متى والنظام الحالي يهتم بشؤون مواطنيه في الداخل أو الخارج؟"، مضيفا أن "التصعيد السريع وقطع العلاقات مع قطر بهذا الشكل؛ لن يضر سوى بالمصريين هناك؛ لأنهم سيعانون من إجراءات تعسفية شديدة إذا رغبوا في السفر أو تحويل أموالهم لأقاربهم في مصر".
وقال لـ"
عربي21" إن "النظام يعتبر المصريين الموجودين في قطر خونة، والسيسي وإعلامه أعلنوا ذلك أكثر من مرة، متجاهلين أن هناك آلاف الأسر المصرية تعمل في قطر بسبب حالة التردي الاقتصادي والبطالة المتفشية في مصر".
استخفاف بمصير المغتربين
وفي المقابل؛ رأى المحلل السياسي الدكتور سعيد عامود، أن "نظام السيسي مهتم بأوضاع المصريين الموجودين في قطر"، لافتا إلى أن "وزارة القوى العاملة أعلنت توفير فرص عمل لأكثر من 200 ألف مصري إذا قرروا العودة من هناك".
وأضاف عامود أن "ما يحدث سيستمر لفترة مؤقتة، وخاصة في ظل تقارير عن قرب وقوع انقلاب على الأمير تميم من قبل المعارضة القطرية خلال أيام قليلة، وهو ما سيؤدي إلى إعادة ترتيب أوراق دول مهمة في المنطقة، وإذا حدث ذلك فإن العلاقات ستعود مرة أخرى، وتصبح مشكلة المصريين هناك محلولة، ولن يضطروا للعودة إلى بلادهم".
وقال مراقبون إن تصريحات مؤيدي الانقلاب من الإعلاميين والسياسيين؛ تحتوي على استخفاف واضح بمصير المصريين العاملين في قطر، واتهام لمن يعرب عن قلقه بشأنهم بأنه يعادي المصريين جميعا من أجل بضعة آلاف من الأشخاص.
وفي هذا الإطار؛ قال خالد عكاشة، رجل الأمن السابق والمقرب من النظام الحاكم، إن "المصريين في قطر يتم استخدامهم كقميص عثمان"، مضيفا عبر موقع "فيسبوك" أن "70 بالمئة من هؤلاء المصريين إخوان، و10 بالمئة منهم يحبونهم، و20 بالمئة طبيعيون" على حد تعبيره.