ألقت الأزمة السياسية بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية، وقطر من ناحية أخرى، بظلالها على العلاقات
الاقتصادية بين البلدين، وأثارت العديد من التساؤلات حول مصير الاستثمارات
القطرية في مصر، والتي من المرجح أن تشهد تحولا في حال استمرت المقاطعة.
وتحتل قطر المرتبة التاسعة في ترتيب الدول المستثمرة في مصر بنحو 210 شركة، وباستثمارات تبلغ نحو 5 مليارات دولار، موزعة على قطاعات الخدمات والصناعة والسياحة، كما تحتل المرتبة الرابعة في تحويلات المصريين بالخارج، أحد أهم مصادر العملة الأجنبية بمصر.
مضايقة الاستثمارات القطرية
في هذا الصدد، قلل الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، من حديث وزيرة الاستثمار في حكومة الانقلاب، منذ يومين، بأن "الاستثمارات القطرية في مصر محمية وفقا للقانون". وقال لـ"عربي21" إن "الواقع يخالف الحقائق؛ فعلى المستوى العملي، نرى بعض الشركات القطرية تتعرض لمضايقات، وأخرى إلى أنوع من التعسف، سواء في المشاريع العقارية أو السياحية".
وتابع: "كما يتم رفع قضايا من قبل بعض المحامين المناهضين لرافضي الانقلاب، كما حدث برفع دعاوى قضائية ضد بنك قطر الوطني الأهلي، أكبر البنوك القطرية في مصر، كما لجأ الإعلام إلى التشهير ببعض المشروعات التي يشارك فيها مستثمرون قطريون، كمشروع لتكرير البترول؛ بدعوى أن له آثارا بيئية ضارة".
وأعرب عن استغرابه من مشهد المقاطعة غير المسبوق الذي انتهجته بعض الدول العربية -من بينها مصر- مع قطر، مضيفا أن "تصرفات تلك الدول قتلت أي نية للاستثمارات القطرية، سواء في مصر أو في غيرها في المستقبل القريب".
وأضاف: "في مشهد له دلالاته، قام وزير الأوقاف بتغيير أسماء الجوامع التي بنتها بعض الأسر القطرية صدقة على أرواح بعض ذويها، وهي بالمئات، واستبدل بها أسماء لجنود وضباط قتلوا في سيناء"، واصفا إياه بالموقف "الغريب، والأغرب منه هو استبداله بأسماء القطريين أسماء من قتلوا في سيناء، حتى الاستثمار مع الله نناهضه".
واستمرت الاستثمارات القطرية في مصر، إلا أنها تقلصت بمرور الوقت بعد تعرضها لمضايقات وعراقيل، سواء في الإجراءات، أو العمل في المواقع، وتراجعت الاستثمارات إلى 11 مليون دولار في 10.9 مليون دولار فقط في الربع الثاني من العام المالي 2016-2017، مقابل 123.5 في الربع الأول من العام ذاته، بتراجع بلغ نحو 90%.
قطر لن تعامل بالمثل
بدوره، قال رئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاقتصادية، رشاد عبده، لـ"عربي21"، إنه "يجب الفصل بين الاقتصاد والسياسة بقدر الإمكان عند توتر العلاقات بين أي بلدين، ولكن عمليا هما عملة واحدة".
واستبعد أن تتأثر مصر بمقاطعة قطر، وبرر ذلك "بأن الاستثمارات القطرية في مصر الآن هي قليلة جدا، وتتمثل في بعض مشاريع عقارية، وأراض سياحية أو زراعية فقط، ولم يلتزم بعض المستثمرين القطريين بشروط البناء عليها أو زراعتها، وبعضها فيها مشكلات".
وبين أن "الاستثمارات القطرية بعد زوال عهد الإخوان تراجعت بشكل كبير، ولم تعد جادة، واستردت الدوحة أموالها البالغة 8 مليارات دولار التي أودعتها في البنك المركزي المصري كودائع وديون".
وتوقع ألا تتأثر العمالة المصرية بتلك المقاطعة؛ "لأن لدى قطر خلاصة الخبرات والمهارات المصرية التي تساعد في استكمال مشاريعهم التنموية، من ناحية، ورسالة لمصر والعالم بأنها لن تعاملها بالمثل، وأنها ملتزمة بحماية العمالة المصرية من ناحية أخرى".
توابع مقاطعة قطر
فيما رأى أستاذ الإدارة الاستراتيجية بجامعة الإسكندرية، أحمد صقر عاشور، أن "قطر في وضع ضعيف الآن، وليس لديها القدرة والتماسك لأخذ قرارات اقتصادية مضادة، أو رد فعل على الدول التي قاطعتها ومن بينها مصر، فهي في مأزق".
وقال لـ"عربي21": "في تقديري لن تسرح قطر العمالة المصرية، فبالرغم من ارتباط القرارات السياسية بمثيلتها الاقتصادية، إلا أنها أحيانا تأخذ اتجاها مغايرا، فقطر الآن مشغولة على مستويات أخرى، وليست على استعداد لفتح جبهات جديدة".
وأضاف: "لا أتوقع رد فعل سريع وعنيف من قطر بحجم الحدث السياسي، لكن أيضا ينبغي ألّا نفرط في التفاؤل، ولكن يجب أن نكون على استعداد لاستيعاب العمالة في حال قررت الدوحة طردهم، وينبغي الوضع في الحسبان "ماذا لو"، ولا نطمئن كل الاطمئنان".
لكنه استدرك قائلا: "إذا كانت هناك توابع للمقاطعة، فستكون نتاج ما سيصيب الاقتصاد القطري نفسه من انكماش سيترتب عليه بالتأكيد تقليص الأنشطة الاستثمارية في مصر، وربما خفض العمالة المصرية في قطر، في وقت تعاني فيه البلد من ارتفاع مستوى البطالة".