في خطوة وُصفت بأنها "فضيحة برلمانية"، دفعت "جهة سيادية" بمصر 14 عضوا بمجلس النواب للسفر إلى الولايات المتحدة السبت، وذلك قبل بدء مناقشة قضية
تيران وصنافير داخل أروقة
البرلمان، حيث من المنتظر أن يصوت هؤلاء ضد تسليم الجزيرتين للسعودية.
ومن المقرر أن يصوت البرلمان
المصري، الأحد، على اتفاقية تيران وصنافير، في محاولة من النظام لتمرير الاتفاقية التي أثارت الجدل وأغضبت كثيرا من المصريين، وزادت من قاعدة المعارضة الشعبية لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وشهدت البلاد احتجاجات بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين السعودية ومصر في نيسان/ أبريل 2016، فيما هددت مجموعة أحزاب وشخصيات مصرية، الخميس الماضي، النظام بخطوات تصعيدية، بينها التظاهر في ميدان التحرير، في حال أقر البرلمان الاتفاقية التي رفضتها المحكمة الإدارية العليا مطلع العام الجاري، حيث أكدت المحكمة أن الجزيرتين مصريتان، ولا يجوز التنازل عنهما للسعودية.
القزاز يكشف الحقيقة
وكشف الأكاديمي والقيادي السابق بحركة تمرد، يحيى القزاز، عن أن جهات سيادية استدعت الأعضاء الأربعة عشر لمعرفة رأيهم حول ملف تيران وصنافير. وقال، عبر صفحته على فيسبوك، إن الأعضاء أكدوا أنهم مع النظام في كل ما يقرره، ولكنهم اعترفوا بأنهم لن يستطيعوا الموافقة على الاتفاقية علنا، فقررت الجهة السيادية سفرهم لأمريكا قبل مناقشة الاتفاقية بيوم واحد، لتجنب حضورهم جلسات المناقشة، نظرا لتأثيرهم الفعال على بقية النواب ولقربهم من النظام ولحاجته إليهم المرحلة المقبلة.
وأضاف القزاز: "النواب اخترعوا جدول أعمال بأمريكا منه تصحيح صورة مصر المغلوطة عند الأمريكيين؛ ولمزيد من الإقناع اختاروا لنا ملفا هو شماعة لكل الأخطاء، وهو فتح ملف إدراج الإخوان (جماعة إرهابية)".
واعتبر القزاز أن هروب النواب في "نزهة" على حساب الشعب هو تواطؤ من "مدعي الوطنية" وتصدير صورة "وطنية كاذبة"، معتبرا أنهم يخضعون لرغبات وأوامر السيسي الذي وصفه بـ"الخائن الأعظم".
النواب الهاربون
وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أحمد سعيد، قد أعلن للصحفيين الخميس، أن وفدا برلمانيا يضم 14 نائبا يزور أمريكا السبت، للقاء أعضاء الكونجرس الأمريكي؛ لإلقاء الضوء على الأحداث الإرهابية بمصر، فيما قال النائب عماد جاد أن الملف الأهم في الزيارة هو "إدراج الإخوان كجماعة إرهابية".
وحسب الأسماء المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الوفد يشمل 13 شخصية فقط جميعهم مقربون من النظام وهم: رئيس لجنة العلاقات الخارجية أحمد سعيد، ورئيس لجنة الشؤون العربية اللواء سعد الجمال، ورئيس لجنة التعليم جمال شيحة، ورئيس لجنة التضامن عبد الهادي القصبي، وطارق رضوان، وطارق الخولي، وآمنة نصير، وبسنت فهمي، وعماد جاد، وكريم سالم، وسوزي رفلة، وداليا يوسف، ومحمد أبو حامد.
"فاتهم هذا الشرف"
من جانبه، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل، أن المجلس وأعضاءه "يجب أن يكونوا قدوة في احترام الدستور، والمحافظة على أرض الوطن بدلا من الهروب من المعركة إرضاء للنظام أو خوفا منه"، قائلا للنواب الذين قرروا السفر في هذا الوقت: "فاتهم هذا الشرف"، على حد تعبيره.
واعتبر الأشعل حديثه لـ"عربي21"، أن موضوع تيران وصنافير "هو فصل بين معسكرين (معسكر الوطنية ومعسكر الخيانة)، وتاريخين (قبل وبعد تيران وصنافير)". وقال إن ما يحدث بين النواب والنظام من تواؤمات واتفاقات وحسابات مصالح هو "مؤامرة"، محذرا من أن "مصر تضيع".
وفي رسالة إلى مجلس النواب وأعضائه، قال الأشعل: "قبل ساعات من مناقشة الاتفاقية تمهيدا لتمريرها؛ فإن مجاراتكم السلطة في انتهاك الدستور وأحكام القضاء في سبيل إعانة الحكومة على التخلي عن تيران وصنافير لهو أمر نأبى أن يتورط فيه المجلس"، وفق قوله.
ودعا الأشعل نواب البرلمان لتنظيم ندوة داخل المجلس بمشاركة عدد من المختصين "لاستجلاء الحقائق التي طمسها الإعلام باحتكار الصوت الواحد"، مناشدا النواب من العسكريين الدفاع عن تيران وصنافير "كما ارتوت سيناء بدماء آبائهم"، كما قال.
"يندى لها الجبين"
من جانبه اعتبر، رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي؛ "هروب" النواب فضيحة برلمانية وسياسية "يندى لها الجبين"، موجها رسالة وصفها بـ"التحذيرية" لباقي أعضاء مجلس النواب أكد فيها أن "مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية باطلة طبقا للدستور بعد حكم أعلى محكمة مصرية، وهى الإدارية العليا".
وأضاف لـ"عربي21": "إذا قررتم عدم الالتفات إلى الحكم وعدم تنفيذه، فإن مناقشتكم أيضا باطلة؛ لأن سيادة مصر على تيران وصنافير ثابتة ولا ينكرها أحد، والفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور تنص على (ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة)".
وطالب الشهابي أعضاء البرلمان بعدم التحرك طبقا لـ"الأوامر"، داعيا إياهم لرفض مناقشة الاتفاقية. وقال: "إن التاريخ والشعب لن يسامحان كل من فرط في الأرض المصرية"، على حد وصفه.