بدا مستقبل رئيسة الوزراء البريطانية
تيريزا ماي معلقا، الاثنين، وهي تستعد لمواجهة مع نواب غاضبين من حزبها المحافظ نفسه عقب الأداء الكارثي لهذا الحزب في
الانتخابات التشريعية الأسبوع الماضي.
وخسر
المحافظون بزعامة ماي غالبيتهم في مجلس العموم إثر الانتخابات المبكرة التي جرت الخميس، في نكسة لم تكن متوقعة تسببت بحالة من الفوضى السياسية قبيل مفاوضات بريكست مع الاتحاد الأوروبي، التي من المقرر أن تنطلق الأسبوع المقبل.
وستواجه ماي النواب في وقت لاحق الاثنين حيث قد تواجه مطالبات باستقالتها إثر حملتها الانتخابية الباهتة وبسبب قرارها الدعوة إلى إجراء الانتخابات مبكرة.
وأثرت حالة الفوضى على العملة البريطانية التي سجلت انخفاضا بنسبة 2% الخميس، كما انعكست على مؤشر فوتسي في بورصة لندن الذي انخفض بنسبة 0,2% الاثنين.
وكشفت ماي الأحد النقاب عن تشكيلتها الكاملة للحكومة التي ستعقد أول اجتماع لها الاثنين، فيما أصرت على تمسكها بمنصبها رغم تنامي الضغوطات لإجبارها على الاستقالة.
ونفت رئيسة الوزراء التي كان من الواضح أنها باتت أكثر ضعفا في مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" أن تكون "في حالة صدمة".
وقالت: "ما أشعر به هو أن هناك عملا يجب إتمامه، وأعتقد أن ما يريده الناس هو التأكد من أن الحكومة تواصل إتمام هذا العمل".
بدوره أكد وزير الخارجية بوريس جونسون أهمية بقاء ماي في منصبها، رغم أن الإعلام البريطاني قال إنه ربما يسعى للوصول إلى السلطة.
وكتب في صحيفة "ذا صن" الشعبية: "الشعب البريطاني أخذ كفايته من الوعود والتسييس.. حان الآن وقت التنفيذ، وتيريزا ماي هي الشخص المناسب لمواصلة هذه المهمة الحاسمة".
ونال حزب ماي ثمانية مقاعد أقل من الغالبية المطلقة في البرلمان، فيما تجري حاليا محادثات للتحالف بشكل غير رسمي مع الحزب الديموقراطي الوحدوي الإيرلندي الشمالي الذي حصل على عشرة نواب تكفي أصواتهم لبلوغ المحافظين الأغلبية المطلقة.
الخروج دون اتفاق
من ناحيته، أصر وزير بريكست ديفيد ديفيس أن الحكومة لا تزال تهدف إلى إخراج
بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة.
وقال لإذاعة "بي بي سي" إن "سبب ترك السوق الموحدة هو رغبتنا في استعادة السيطرة على حدودنا".
وأكد أن الحكومة لا تزال على موقفها بـ"الانسحاب" من المحادثات دون التوصل إلى اتفاق إذا انهارت مفاوضات إخراج لندن من عضوية التكتل الذي انضمت إليه قبل أربعة عقود.
ولكن روث ديفيدسون، زعيمة المحافظين في اسكتلندا والمؤيدة للاتحاد الأوروبي، دعت ماي إلى "إعادة فتح" النقاش بشأن خطط الحكومة فيما يتعلق ببريكست.
وحذرت ديفيدسون من أن نوابها "سيصوتون بحسب قناعاتهم" في البرلمان، وهو ما يثير الشكوك من إمكانية ضمان الحكومة الحصول على عدد الأصوات الكافي لتمرير اتفاق يخرج بريطانيا من السوق الموحدة.
"انتهت سياسيا"
والأحد، اعتبر وزير المال السابق جورج أوزبورن الذي أقالته ماي بعد توليها رئاسة الوزراء عقب الاستفتاء بشأن بريكست في حزيران/ يونيو العام الماضي، أنها "انتهت سياسيا" مضيفا "السؤال الوحيد الباقي هو معرفة كم من الوقت ستمضي في رواق الموت".
وأمام رئيسة الوزراء جدول أعمال مزدحما، بما في ذلك اجتماع للحكومة الاثنين ومحادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اليوم التالي.
ويرجح أن تندرج مسألة بريكست على أجندة اجتماع باريس، بعدما أكدت ماي أنها ستلتزم بالإطار الزمني للمفاوضات.
وحاولت ماي إعادة التأكيد على سلطتها المشتتة خلال عطلة نهاية الأسبوع عبر إعلانها عن تشكيلة حكومتها الجديدة التي لم تطرأ عليها تغييرات كبيرة.
وفي موقف مفاجئ، تم تعيين مايكل غوف وزيرا للبيئة والزراعة بعد أقل من عام على إقالة ماي له عندما كان وزيرا للعدل.
وبعد أن حقق حزب العمال مكاسب انتخابية كبيرة بتركيزه بشكل كبير على القضايا الوطنية، أكدت ماي على قضايا رئيسية من بينها التعليم والإسكان كأولويات.
ولم تظهر ماي الكثير من الأسف علنا على مغامرتها بالدعوة إلى الانتخابات والتي كان لها أثر عكسي، إلا أنها اضطرت إلى قبول استقالات مديري مكتبها، وهو ما ذكرت تقارير إعلامية أنه شرط وضعه زملاؤها مقابل بقائها في منصبها.
وستواجه الاثنين "لجنة 1922" التنفيذية التابعة لحزب المحافظين، والقادرة على إطلاق تصويت على الثقة في زعيم الحزب في حال وصلتها رسائل من 15 بالمئة من نوابه.
ويتوقع أن تطرح مطالب متعلقة بمفاوضات بريكست وأي اتفاق محتمل مع الحزب الديموقراطي الوحدوي.
انتقادات
ومن المتوقع أن تقدم الحكومة الجديدة برنامجها التشريعي إلى البرلمان في 19 حزيران/ يونيو، ما يجعل الوقت ضيقا أمام المحافظين لتعزيز موقعهم.
ومن ناحيتها، وصفت زعيمة الحزب الديموقراطي الوحدوي آرلين فوستر، المحادثات التي جرت حتى الآن بـ"الجيدة للغاية"، مضيفة أنها ستسافر إلى لندن الثلاثاء للقاء ماي. أما وزير الدفاع مايكل فالون فأوضح أن الحكومة لا تبحث عن تحالف رسمي بل تسعى إلى الحصول على ضمانات بأن الحزب الديموقراطي الوحدوي سيصوت مع ماي "في القضايا الكبيرة" مثل الميزانية والمسائل المتعلقة بالدفاع وبريكست.
وأكد أنه لا يتفق مع مواقف هذا الحزب المحافظة المتشددة بشأن الإجهاض والمثلية، التي تسببت بقلق في أوساط العديد من المحافظين.
وأثار الحديث عن التحالف قلق دبلن حيث حذر رئيس وزراء إيرلندا ايندا كيني من أن هذا التحالف في حال حصوله قد يؤثر سلبا على اتفاق السلام الهش مع إيرلندا الشمالية.
يعد إبقاء لندن على حيادها مفتاحا للمحافظة على التوازن الحساس للقوى في إيرلندا الشمالية التي شهدت أعمال عنف في الماضي على خلفية سيطرة بريطانيا عليها.
كما يخشى أن يلقي الاتفاق بظلاله على محادثات الاثنين التي تهدف إلى استعادة الحكومة المحلية في إيرلندا الشمالية بعد انهيار ترتيب تقاسم السلطة في كانون الثاني/ يناير.