نشر موقع "ذا ستار" الكندي، مقال رأي للمدير السابق في
قناة الجزيرة الإنجليزية وهيئة الإذاعة الكندية، توني بورمان، تحدث فيه عن الخطر الحقيقي الذي يحدق بشبكة الجزيرة الرائدة في
قطر، مؤكدا أنها "هي الهدف الرئيس الذي تضعه الدول الخليجية نصب أعينها" في الأزمة القائمة مع الدوحة.
وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته "
عربي21"، إن عدة دول عربية بقيادة المملكة العربية السعودية قد أعلنت في 5 حزيران/ يونيو، بمباركة أولية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرضها الحصار على إمارة قطر. وبناء عليه؛ قطعت هذه الدول العلاقات الدبلوماسية مع قطر، متهمة إياها بدعم الإرهاب والتعاطف مع منافسة السعودية؛ إيران.
وأضاف أن الدول المقاطعة تصب سخطها على قناة الجزيرة، التي لطالما مثلت خدمتها الإخبارية مصدر قلق وأرق للحكام الخليجيين والعرب منذ إطلاقها سنة 1996، لذلك تسعى هذه الدول إلى إغلاقها. وعلى امتداد عقدين من الزمن؛ حاولت صحافة الجزيرة أن تعمل تحت شعار "صوت من لا صوت له" من خلال وضع الممالك الخليجية والدكتاتوريات العربية العلمانية، على غرار نظام حسني مبارك في مصر، تحت المجهر.
وذكر الكاتب أن قناة الجزيرة تحدّت نخب العالم العربي، في منطقة لطالما خضعت لحكم الرقابة، حيث أدخلت للمرة الأولى مجموعة متنوعة من وجهات النظر إلى البيوت العربية. وقد شملت وجهات النظر المختلفة أصواتا راديكالية وإسلامية، فضلا عن تلك القادمة من "إسرائيل". وفي خضم الكفاح المتزايد ضد الديكتاتوريات العربية، وخاصة خلال الربيع العربي؛ فتحت "الجزيرة" الباب أمام جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات المعروفة للتعبير عن أصواتها.
وأورد أن موقف شبكة الجزيرة العربية قد اتسم بـ"الهجوم" خلال تغطيتها الغزو الأمريكي للعراق، لا سيما بسبب الخسائر التي أحدثها الغزو في صفوف المدنيين، وذلك في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر سنة 2001 في الولايات المتحدة، والتي أثارت غضب إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش.
وفي شهادته حول انتقاله إلى القناة القطرية؛ قال الكاتب: "خلال سنة 2008، وبعد أن توليت منصب المدير الإداري لشبكة الجزيرة الإنجليزية؛ كان من بين أول من زارني ضابط من القيادة العسكرية الأمريكية المتمركزة في مكان ليس ببعيد عن مكتبي في الدوحة". وتجدر الإشارة إلى أن أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط تتمركز على الأراضي القطرية، البالغ عدد قواتها 10 آلاف جندي أمريكي، والتي تمثل رمزا للعلاقات الأمريكية القطرية المعقدة.
وأضاف أن "الفرصة قد أُتيحت لي لتذكير الضابط بأن الرئيس بوش أراد فعلا قصف مكاتب الجزيرة خلال نيسان/ أبريل 2004، وفقا لما ورد في وثائق سرية صدرت مؤخرا. وأنه في المقابل؛ نجح رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، توني بلير، في إقناعه بالعدول عن هذا المخطط. ثم سرعان ما انتقلت مع ضيفي إلى موضوع آخر".
ونوّه الكاتب إلى أن "الجزيرة مثلت جزءا رئيسا من جهود قطر المبذولة لتثبيت مكانة الإمارة الخليجية على الخريطة. وقد أثار البروز العالمي لقطر، بما في ذلك ظفرها باستضافة كأس العالم لكرة القدم لسنة 2022، استياء جيرانها. كذلك؛ فإنه يعد توجيه السعودية التهم لقطر ضربا من النفاق، إذ إن معظم دول منطقة الخليج تربطهم علاقات مع إيران. أما السعودية خاصة، وليس قطر، فبالإمكان توجيه اتهامات لها بشأن مسؤوليتها عن إنشاء جماعات إرهابية من قبيل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة".
وقال إن "النزاع الخليجي اندلع بعد فترة وجيزة من الزيارة التي أداها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية. وعلى نطاق واسع؛ يسود اعتقاد بأن ترامب أعطى ضمنيا إشارة للسعوديين للمضي قدما نحو التحرك ضد قطر. ومنذ عودته إلى بلاده؛ لم يتوان ترامب عن مشاركة تغريدات على موقع تويتر يهاجم فيها قطر بزعم دعمها الإرهاب، على الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون قد دعوا إلى إيجاد حل وسط للأزمة الخليجية".
ونقل الكاتب بعض ما جاء في مقالة المدير العام السابق لقناة الجزيرة، وضاح خنفر، في صحيفة الغارديان، والتي رفض من خلالها المزاعم السعودية، وسلط الضوء على أبرز المسائل التي تقف على المحك، ذلك أن "النزاع الحالي لا علاقة له بتمويل الإرهاب أو الأيديولوجية الراديكالية، أو حتى ميل أي من المسؤولين القطريين نحو إيران. إن الأمر عبارة عن استئناف لمعركة قديمة تتمثل في تجفيف ينابيع الضمائر المستقلة؛ استعدادا لعودة النظام القديم في الشرق الأوسط".
وفي الختام، أكد الكاتب أن "نار الحرب ستندلع في الشرق الأوسط؛ إن كان المقصود من الحصار هو محاولة تغيير النظام في قطر".