كشفت القناة الثانية العبرية، أن حكومة
الاحتلال صادقت في اجتماعها الخميس الماضي، على مضاعفة أراضي مدينة
قلقيلية شمال الضفة الغربية، عبر منحها مساحة إضافية تقدر بحوالي 2500 دونم من المناطق المصنفة ضمن المناطق (ج) التي تخضع للسيطرة
الإسرائيلية الكاملة، وذلك بغرض بناء 14 ألف وحدة سكنية.
ردود فعل غاضبة
وتسبب قرار الحكومة بعاصفة سياسية بين الحكومة وقادة المستوى الأمني في "إسرائيل" من جهة، وبين المستوطنين الذين رأوا أن الحكومة تنازلت عن أراضيهم للفلسطينيين دون مقابل. بينما بررت الحكومة موقفها بالقول إن خطة توسيع المدينة تمت بإشراف من وزير الدفاع السابق موشيه يعلون، الذي قام بإعدادها والإشراف عليها بموافقة المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت) في وقته.
وتوصلت الاحتجاجات الشعبية وما رافقها من تصريحات سياسية ضد رئيس الحكومة من قبل أحزاب اليمين الإسرائيلي، وعلى رأسهم حزب البيت اليهودي الذي يتزعمه وزير التعليم نفتالي بينيت؛ إلى دعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لعقد اجتماع طارئ لأعضاء مجلس (الكابينيت) خلال الأيام القليلة القادمة؛ للبت بشكل نهائي في قرار توسيع المدينة من عدمه.
مخاوف إسرائيلية
وتعد هذه المرة الأولى التي تصادق فيها دولة الاحتلال على توسيع مناطق فلسطينية تخضع لسيطرة
السلطة الفلسطينية منذ احتلالها في عام 1967، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع الإسرائيلي الذي أبدى قلقه من أن تكون هذه الخطوة مقدمة لتنازلات سياسية تقدمها حكومة الاحتلال لصالح الفلسطينيين في المستقبل.
ورأى مراقبون أن اللافت في القرار الإسرائيلي؛ أنه يتضمن إضافة إلى توسيع مساحة المحافظة؛ إرفاقه بخطة أعدتها هيئة الشؤون المدنية الإسرائيلية لإجلاء نحو 60 ألفا من الفلسطينيين الذين لم يعرف حتى اللحظة من أين سيتم إجلاؤهم إلى المنطقة المذكورة، وهو ما أعاد إلى الذاكرة خطوات مشابهة قامت بها الحكومة الإسرائيلية ضد تجمعات فلسطينية داخل الخط الأخضر، وخصوصا ما جرى في بداية العام من ترحيل لآلاف الفلسطينيين البدو من قرية أم الحيران في صحراء النقب؛ بحجة البناء غير المرخص.
انتهاك القانون
بدوره؛ قال عضو المجلس البلدي لمحافظة قلقيلية، عيسى الفارس، إن مجلس المحافظة هو المخول -وفق التشريع الفلسطيني- لبحث إمكانية توسيع أو تقليص أي جزء من مساحة المحافظة وفقا لما تفتضيه المصلحة العامة.
وأكد أن "موقف البلدية هو رفض الإجراءات الإسرائيلية بتوسيع المحافظة، كونها تمت دون استشارة المجلس البلدي للبت فيها".
وأضاف الفارس لـ"
عربي21" أن "السبب الآخر لرفض مشروع التوسيع الإسرائيلي للمحافظة؛ هو أن إسرائيل هي التي ستتحكم بتراخيص البناء ضمن المنطقة المذكورة؛ بحجة أنها تصنف ضمن المناطق (ج)".
أما عن الخطوات التي اتخذتها البلدية للرد على القرار الإسرائيلي؛ فأوضح الفارس أنه "في حال وافقت إسرائيل بشكل نهائي على توسيع المدينة؛ فإن المجلس البلدي قرر الذهاب إلى المحكمة العليا في إسرائيل، ورفع دعوى قضائية لنقض القرار الإسرائيلي".
ترحيب السلطة الفلسطينية
من جهته؛ قال أمين سر المجلس الثوري السابق في حركة فتح، أمين مقبول، إن القيادة الفلسطينية تثمن الموقف الإسرائيلي بمنح تسهيلات معيشية للمواطنين الفلسطينيين.
وأكد لـ"
عربي21" أن مخطط توسيع محافظة قلقيلية "جاء بطلب قدمته السلطة الفلسطينية للجانب الإسرائيلي قبل نحو ثلاث سنوات؛ لتوسيع المدينة التي تعاني من زيادة مضطردة في أعداد سكانها، نظرا لمساحتها الضيقة التي قد تشكل عبئا ديمغرافيا قد يؤثر على شكل المدينة في حال لم يتم توسيعها مستقبلا".
وتقع محافظة قلقيلية في شمال الضفة الغربية، وتبلغ مساحتها حوالي ثمانية كيلومترات مربعة، ولا يتجاوز عدد سكانها الـ50 ألف نسمة؛ ينحدرون من قرى شمال فلسطين، حيث هجروا منها إبان احتلال "إسرائيل" الضفة الغربية في عام 1967، ولكن مساحة المدينة تقلصت إلى أقل من النصف؛ بعد التهام جدار الفصل العنصري لأجزاء كبيرة منها.
تفاهمات أمريكية
من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، عدنان أبو عامر، إن القرار الإسرائيلي بتوسيع مساحة مدينة قلقيلية "جزء من تفاهمات جرت بين الجانب الإسرائيلي مع إدارة ترامب أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة، كبادرة حسن نية من قبل إسرائيل لإقناع السلطة الفلسطينية بالعودة لطاولة المفاوضات المتوقفة منذ نحو ثلاث سنوات".
وأضاف أبو عامر لـ"
عربي21" أن "موجة الاحتجاج التي تعصف بدولة الاحتلال، واعتراض المستوطنين على قرار توسيع المدينة؛ تأتي في سياق منع نتنياهو مستقبلا من تقديم تنازلات للفلسطينيين، وإظهار أنه يتعرض لضغوط من قبل ائتلافه الحاكم".