في الوقت الذي كانت تقدم فيه
الحكومة الأردنية تقريرا للملك عبد الله الثاني، حول أدائها ودورها في محاربة الفساد، كان الجدل يحتدم عبر شبكات التواصل الاجتماعي حول صراعات الطبقة السياسية الأردنية لتعيين أبنائهم في مناصب عليا.
وهذا الصراع أثاره "شاعر القصر"، عضو مجلس الأعيان حيدر محمود، السبت الماضي، عندما هاجم رئيس الحكومة هاني الملقي على خلفية فصل نجله من وظيفة مستشار في رئاسة الوزراء، منتقدا بدوره قفز نجل رئيس الحكومة من موظف عادي إلى مدير في خطوط الملكية الأردنية للطيران.
اقرأ ايضا: شاعر البلاط الأردني يصطدم برئيس الحكومة.. هذا هو السبب
والحكومة التي "رسمت صورة وردية لإنجازاتها" كما يرى مراقبون، أكدت في تقريرها أنها "عملت على تعديل نظام التعيين على الوظائف القياديّة لتعزيز مبدأ الشفافيّة وتكافؤ الفرص في عمليّة تعيين القيادات العليا في الجهاز الحكومي".
ويأتي تقرير أداء الحكومة، كسابقة أولى في الأردن، بعد أن أجرى رئيس الوزراء تعديلا وزاريا أطاح بثلاثة وزراء (التنمية الاجتماعية والنقل والطاقة). وربط محللون هذا التعديل بـ"غضبة ملكية" من ترهل قطاع النقل، خلال اجتماعه مع المسؤولين عن القطاع في قصر الحسينية قبل أسبوعين، وانتقاده واقع أحد مراكز الأيتام التابع لوزارة التنمية الاجتماعية في مدينة الزرقاء، مما طرح سؤالا عمن يقيم عمل الحكومة الأردنية في ظل ما يقال عن ضعف مجلس النواب الجهة الرقابية على الحكومة.
اقرأ أيضا: مسؤولون أردنيون سابقون يسعون لإعادة تدوير أنفسهم
ويرى الوزير السابق، صبري اربيحات، الذي شغل منصبي وزير التنمية السياسية ووزير الثقافة في حكومات سابقة، أن "الحكومة قدمت أفضل ما تعتقد أنها قامت به خلال مدة ولاياتها".
وأضاف لـ"
عربي21": "الحكم على نجاح أو فشل الحكومة يجب أن يعتمد على معايير واضحة في البيان الوزاري الذي تقدمت به لمجلس الأمة، في حقيقة الأمر لا شيء من ذلك متوفر للتحقق من ذلك، فلا أهداف محددة، ولا مؤشرات لقياس الأداء، ولا أطرا زمنية يمكن العودة لها"، كما قال.
المعيار
ويقول وزير سابق فضل عدم ذكر اسمه، لـ"
عربي21"، إن "معيار تقييم أداء الوزراء أو المسؤولين في الأردن يخضع لمعيار، ما الذي يغضب أو يفرح الملك، ولا يعنيهم ماذا يقول الشعب".
وشدد الوزير السابق على أن معايير تقييم أي حكومة "يجب أن تتمثل في ما ورد في بيانها الحكومي عند تسلمها مهامها من طرح للسياسات والبرامج وبجداول الزمنية، ويكون التقييم من قبل الحكومة نفسها، بالإضافة إلى مجلس النواب، إلا أن البيانات الحكومية غالبا ما تكون عمومية"، على حد وصفه.
وقال إن الوضع الحالي يتمثل بـ"تدخلات هائلة من الملك، وتبدد أحيانا رؤية الحكومة، فرئيس الحكومة ووزراؤها يتطلعون عاطفيا إلى غضب ورضا الملك، وكون لا رؤية لهم، يستجيبون بصورة سريعة للجانب الذي يؤشر عليه الملك، ويغيرون الأشخاص دون النظر إلى البرامج والموازنة المخصصة للإنفاق على هذه البرامج".
جردة "إنجازات"
كانت الحكومة الأردنية قد استعرضت أداءها في ثمانية محاور هي: الإصلاح الاقتصادي، والإصلاح الإداري ومحاربة الفساد، والإصلاح السياسي، وتطوير القضاء، وقطاع التعليم والموارد البشرية، وقطاع التشغيل والعمل، ومجال الحماية والتنمية الاجتماعية، وقطاع الخدمات.
وعدد التقرير إنجازات الحكومة في هذه المحاور، متوسعا في الملف الاقتصادي. وقال التقرير إن الحكومة قامت "بمراعاة الطبقة الفقيرة ومحدودة الدخل في جميع قراراتها الاقتصادية"، الأمر الذي دفع أردنيين للسخرية من التقرير والحكومة التي فرضت رسوما وضرائب على كافة أنواع السلع.
اقرأ ايضا: "تم" شيفرة المقاطعة التي أقلقت السلطات الأردنية
تقرير إنشائي
من جانبه، رأى برنامج راصد لمراقبة الأداء الحكومي، أن التقرير "اتسم بالإنشائية بعيدا عن ذكر الحقائق والإنجازات على أرض الواقع"، وفق قول المدير التنفيذي للبرنامج، راغب شريم، لـ"
عربي21".
وقال شريم: "التقرير غير شامل لأنه تحدث عن بعض الوزارات؛ كان من المفترض أن يتحدث عن أداء الحكومة كاملة، كما اتسم التقرير بأنه إنشائي وحمل شعارات مكافحة الفساد والحفاظ على المال العام".
وفي مجال محاربة الفساد، قال التقرير الحكومي إن "الحكومة أعلنت منذ يومها الأوّل أن التعدّي على المال العام هو تعد على جيب كل أردني، ومساس بالوطن، وأنّها لن تتوانى عن الضرب بيد من حديد على أيّ تجاوز صغر أم كبر، وقد تم ذلك فعلا لا قولا".
نيابيا، تصف الناطقة باسم كتلة الإصلاح، ديمة طهبوب، التقرير الحكومي بـ"صف الكلام"؛ وقالت إن "المواطن الأردني لم يشعر بإنجازات الحكومة على واقع الأرض من ناحية تخفيف الأزمة الاقتصادية عليه"، بحسب تعبيرها.
وتضيف طهبوب، في حديث لـ"
عربي21"، أن "هناك انفصالا كاملا بين ما تقوله الحكومة على الورق وبين ما تطبقه على أرض الواقع، إذ قامت برفع الأسعار والضرائب مع عزمها رفع المزيد السنة القادمة، بينما تستغل الحكومة عدم انعقاد مجلس النواب لتمرير قرارات غير شعبية، فالدورة القادمة للمجلس استثنائية مدرج على أجندتها قوانين وليس هناك رقابة للأسف".
وانتقدت طهبوب حديث تقرير الحكومة عن إنجازات في مجال الحريات الإعلامية، في وقت "تقف صامتة في الدفاع عن الصحفي الأردني تيسير النجار في سجون الإمارات، وإغلاق مكتب الجزيرة بسبب تغول القرار السياسي على القانون والحريات"، على حد قولها.
ويشار إلى أن الدين العام تجاوز 26 مليار دينار أردني، فيما بلغت معدلات البطالة مستويات غير مسبوقة.
كامل تقرير أداء الحكومة الأردنية