فتح إعلان الحكومة
اليمنية، فتح تحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان وشبكات التعذيب التي تديرها دولة
الإمارات وحلفاؤها المحليون المتمثلون بقوات "الحزام الأمني" في مدينة عدن (جنوبا) و"النخبة الحضرمية " في مدينة المكلا (شرقا)، باب التساؤل واسعا عن مدى قدرتها على إجراء هذا
التحقيق والأدوات التي تمتلكها لذلك؟
وتستند هذه التساؤلات إلى الوضع المعقد للحكومة الشرعية التي تعيش شبه "إقامة جبرية" في مدينة عدن، الأمر الذي شكك بقدرتها على إجراء التحقيق أو الوصول إلى السجون السرية ذاتها.
ويرى متابعون للشأن اليمني أنه في الوقت الذي لم تتمكن فيه من ممارسة مهامها في هذه المدينة الجنوبية، أو يتسلم محافظها مبنى السلطة المحلية من القوات الموالية للإمارات، كيف يمكنها الدخول إلى سجون سرية تديرها نفس الأجهزة المتهمة بهذه الانتهاكات التي كشفت عنها تقارير دولية؟
وفي هذا السياق، وصف الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي خطوة تشكيل لجنة حكومية للتحقيق في الانتهاكات التي تجري في معتقلات سرية تشرف عليها الامارات، بأنها "محاولة للتغطية على هذه الجرائم الخطيرة بحق الإنسانية التي ترتكبها "أبوظبي" منذ أن وطئت الأراضي اليمنية".
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن قرار فتح تحقيق من قبل الحكومة، لا يمكن فهمه سوى أنها تهادن الجريمة وتتواطأ مع المجرم الذي فضحه العالم ـ وفق تعبيره.
وتابع قائلا: "خطوة غير واقعية، كون الحكومة الشرعية لا تملك من أمرها شيئا، فهي أحد ضحايا تغول النفوذ الإماراتي الذي وصل حد حرمان الرئيس هادي من العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن، يصاحب ذلك حالة التضييق على الحكومة نفسها، ومنعها من أداء عملها ولعل منع محافظ عدن، عبد العزيز المفلحي، من مزاولة عمله في المقر الرسمي للسلطة المحلية.
ورأى التميمي أن اللجنة المشكلة للتحقيق، لن تستطيع التحرك أو الوصول إلى المواقع المستهدفة. مؤكدا أنه لا توجد ضمانات بشأن التزام أعضاء اللجنة بمعايير العمل التي صاغتها الحكومة الشرعية، خصوصا أن معظم المسؤولين تم تعيينهم بإملاء من الإمارات.
وتشكلت اللجنة الحكومية يوم السبت الماضي، بموجب قرار من رئيس الوزراء اليمن، أحمد بن دغر، وتضم ستة مسؤولين رسميين برئاسة وزير العدل، وعضوية وكيلي وزارة حقوق الأنسان والداخلية، ووممثلين عن جهازي الأمن السياسي والقومي (مخابرات) وآخر عن النيابة العامة.
أعجز من القيام بالتحقيق
من جهته، قال المحامي والناشط الحقوقي اليمني، موسى النمراني إن تشكيل اللجنة للتحقيق في الانتهاكات، لا يبدو أن ذلك يحمل توجها حكوميا لإصلاح الوضع. معللا ذلك بأن التحقيق في الأصل عمل قضائي منوط بالنيابة العامة، أو بلجنة التحقيق المعينة سابقا بقرار جمهوري.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن السلطات الشرعية أعجر من أن تقوم بمثل هذا الدور مع تنمر الإماراتيين وفرضهم لواقع شديد البؤس على المواطنين والأجهزة الرسمية في آن واحد. مؤكدا أن هذا التحقيق وحتى وإن تم، يأتي في ظل غياب الجهة الضامنة للحقوق والحريات، وهو "القضاء اليمني" الذي ما زال معطلا في المناطق المحررة.
وأشار النمراني إلى أن اللجنة الحكومية كيف لها أن تقوم بالتحقيق في مناطق أصلا لا تسيطر عليها من سجون وموانئ ومعسكرات ومطارات، كلها خارج سيطرتها، بل وصل الأمر إلى أن قادة وضباط ومسؤولين يمنيين، يمنعون من السفر من اليمن أو العودة إليها من قبل الإمارات.
ولفت المحامي والحقوقي اليمني إلى أن السلطات اليمنية لو كانت قادرة على التحقيق، لحققت في مقتل اللواء جعفر محمد سعد، محافظ عدن الأسبق أو الشيخ راوي، أو حتى أجرت تحقيقا ولو صوريا مع الوزير السلفي، هاني بن بريك، المقيم حاليا في العاصمة أبوظبي، والذي أحاله الرئيس للتحقيق في نص قرار عزله من منصبه كوزير دولة نهاية نيسان/ إبريل الماضي.
وكانت وكالة "أسوشييتد برس" نشرت تقريرا يوم الأربعاء الماضي (21 من حزيران/ يونيو الجاري) ذكر أن نحو 2000 رجل اختفوا في شبكة سجون سرية في اليمن، تديرها الإمارات العربية المتحدة أو قوات يمنية دربتها الدولة الخليجية، وأنهم تعرضوا لانتهاكات وتعذيب.
وعلى صعيد ردود الفعل إزاء ما كشفته الوكالة الأمريكية، طالبت منظمة العفو الدولية بفتح تحقيق عاجل في دور الإمارات بتأسيس شبكات تعذيب في اليمن.
كما طلب زعماء لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي من وزير الدفاع، جيم ماتيس الجمعة (23 من الشهر الجاري) التحقيق في أي مشاركة لمحققين أمريكيين في السجون السرية التي تشرف عليها دولة الإمارات باليمن، بعدما أكد التقرير أن قوات أمريكية شاركت في استجواب معتقلين.