شرع
النظام السوري بخطوات متسارعة لإعادة
نفوذه إلى مناطق غابت عن سيطرته منذ اندلاع الصراع المسلح في البلاد سنة 2012.
وتجلت الخطوات بالقصف والتدمير، انتقالا للحصار والتجويع، وآخرها كان في التسوية والتهجير، ولعل المعارك الأخيرة التي شهدتها منطقة
البادية السورية، بين فصائل معارضة مدعومة أمريكيا من جهة، وبين قوات النظام والميليشيات الأجنبية المدعومة من قبل إيران والمتقدمة تحت غطاء جوي روسي، وتحول المنطقة بأسرها لبؤرة صراع دولي ساخن، دفعت النظام للبحث عن حلول تمكنه من كسب مناطق استراتيجية حتى وإن كانت خاضعة للمعارضة المسلحة، فالمهم في الأمر كسب النقاط الأقوى وتوسيع مناطق نفوذه جنوب سوريا وبخاصة في الرقعة الممتدة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة ريف دمشق.
إبراهيم زيد الدين ناشط إعلامي عامل بريف دمشق، قال في حديث لـ"
عربي21": "إن النظام طرح تسوية مؤخرا في مناطق القلمون الشرقي ككل، وفي بلدات الناصرية وجيرود والرحيبة ولاحقاً الضمير بشكل خاص، حيث يعمد النظام من خلال ذلك إلى تضييق مساحة سيطرة
المعارضة في القلمون الشرقي، بل وحتى إخراجها بشكل كامل من ريف دمشق الشرقي، لاعتباره امتداداً لمناطق المعارضة المدعومة أمريكياً في البادية السورية وصولاً إلى معسكر القوات الأمريكية في منطقة التنف الحدودية مع العراق".
اقرأ أيضا: مقتل وإصابة 350 عنصرا من قوات الأسد وحلفائه بالقنيطرة
ويضيف: "قام وسطاء تابعون للنظام بإرسال مطالب للمعارضة بالدخول في مفاوضات تسوية لا تختلف شروطها كثيرا عن غيرها من المناطق، إلا أنه من أهم بنود التسوية التي ستطرح على شكل مفاوضات بين النظام والمعارضة هو عدم دخول النظام السورية إلى المناطق آنفة الذكر ووضعها ضمن ما أشبه بالحكم المحلي الذاتي، في حين سيسمح للمعارضة بنقل مقراتها إلى المناطق الجبلية البعيدة عن البلدات المذكورة، إضافة للسماح لمن يرغب من عناصر المعارضة بترك سلاحه والعودة إلى منزله في حال كان متحدرا من البلدات المذكورة، دون أية حساب أو عقاب أو حتى مساءلة".
وذكر زيد الدين أن فصائل المنطقة ردت ببيان تشكيل مجلس قيادي ثوري، يضم العسكريين والمستقلين وممثلين عن التيارات المختلفة في البلدات المذكورة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن فصائل المعارضة رفضت جميع مطالب النظام وعروضه رغم تهديد النظام باجتياح عسكري للمناطق آنفة الذكر.
أما في القلمون الغربي، فقد كان الوضع مختلفا تماما، فسيطرة ميليشيا حزب الله اللبناني والنظام السوري على معظم بلدات القلمون الغربي منذ سنوات، دفعت الأخير لاستبدال مصطلح التسوية بـ"التهدئة"، فمع عودة المئات من اللاجئين السوريين في مخيمات عرسال اللبنانية إلى قراهم قبل شهر ونصف تقريباً، بدأ النظام وعبر عناصر ميليشياته داخل المدينة بترسيخ مفهوم "الأمن والأمان والسلامة لمن لم تتلطخ أيديهم بالدماء"، وتم طرح العديد من الوساطات بين وجهاء تلك البلدات وبخاصة فليطة، ويبرود، وعسال الورد وبين النظام عبر عناصر من ميليشيا الدفاع الوطني المتحدرين من تلك البلدات.
بدوره، ذكر القيادي في قاطع القلمون التابع لـ"حركة أحرار الشام الإسلامية" أبو البراء زعتر، في حديثه لـ"
عربي21"، أن النظام وضع بضعة شروط غير معلنة حتى اللحظة في بلدات القلمون الغربي، التي شهدت عودة سكانها إليها بعد أكثر من 3 سنوات من النزوح، أهمها تطوع شبان تلك البلدات في صفوف الدفاع الوطني وتسليم من عليه "فيش أمني" نفسه للنظام السوري لتسوية وضعه، مقابل الإفراج عن معتقلي تلك البلدات تدريجياً وعلى دفعات بحسب الجرائم المنسوبة إليهم.
ويرى زعتر أن مناطق القلمون الغربي ستشهد استقرارا نسبيا خلال الأيام المقبلة، لافتا إلى أن عودة دفعة من النازحين في لبنان ستدفع بدفعات أخرى للعودة والقبول بشروط النظام وستعود تلك البلدات مأهولة من جديد، لاسيما في ظل الأوضاع الإنسانية السيئة التي يعاني منها اللاجئون السوريون في لبنان.