يشن مؤيدو الرئيس المصري المخلوع
حسني مبارك، هجوما شرسا ومتصاعدا في الأسابيع الأخيرة، على قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، وسط تصاعد الدعوات المطالبة بترشح
جمال مبارك للرئاسة في الانتخابات المزمع إجراؤها العام المقبل.
وتضمن الهجوم نشر فيديوهات وتقارير تقارن بين أوضاع البلاد المتدهورة حاليا، وبين الأوضاع في عهد مبارك.
مقارنة بين عهدين
وفي كل موقف أو أزمة تمر بها بالبلاد؛ يسارع أنصار مبارك إلى نشر مقاطع فيديو أو تصريحات أو تقارير قديمة متعلقة بهذا المجال، تظهر الفارق الكبير بين إدارة مبارك للبلاد، وبين سياسات النظام الحالي.
ونشرت صفحة "أنا آسف يا ريس" منذ أيام مقطع فيديو قديما لمبارك، يتحدث فيه عن رفضه رفع الدعم عن الوقود خضوعا لشروط صندوق النقد، مؤكدا أن هذا القرار سيمثل عبئا ثقيلا على المواطن "الغلبان".
ونشرت الصفحة تسجيلا صوتيا حديثا منسوبا لمبارك، حول سد النهضة الإثيوبي الذي يرى مراقبون أنه يهدد مصر بالعطش؛ ينتقد فيه مبارك تفريط السيسي في حقوق مصر المائية وإضعاف البلاد، قائلا: "كنت أخلص على سد إثيوبيا بطيارة واحدة، ومتجرأوش يفتحوا بُؤّهُم معايا، إنما دلوأتي العالم كله مستهْيِفنا، لأنهم عارفين إن احنا بلد ضعيف جدا، وإثيوبيا بَنت السد بعد ما اتنحيت".
الترحم على أيام مبارك
ولم يقتصر الترحم على أيام مبارك على مؤيديه المنتشرين على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد شارك فيه أيضا عدد من السياسيين والإعلاميين المقربين من مبارك، من بينهم مدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة الأسبق، اللواء سمير فرج، الذي أكد في تصريحات تلفزيونية الخميس، أن الرئيس المخلوع "لم يوافق على إقامة أي قاعدة عسكرية أجنبية في مصر"، مؤكدا أن "مبارك رفض الضغوط الأمريكية عليه في هذا الإطار".
وكتب الإعلامي عماد أديب، المقرب من مبارك، مقالا في صحيفة "الوطن" الشهر الماضي، أكد فيه أن الرئيس المخلوع "مظلوم، ويجب رد اعتباره، وخاصة بعدما برّأه القضاء من تهمة قتل المتظاهرين".
وكتب الصحفي عبدالناصر سلامة مقالا في صحيفة المصري اليوم في شهر حزيران/ يونيو الماضي بعنوان "شكرا للرئيس مبارك" أشاد فيه بوطنية الرئيس المخلوع، ورفضه التنازل عن تيران وصنافير للسعودية، على عكس ما فعله السيسي.
حكومة الانقلاب ترد
لكن مجلس الوزراء الانقلابي نشر تقريرا له، الثلاثاء الماضي، عن أسباب رفع أسعار الوقود، رد فيه على هجوم أنصار مبارك على النظام الحالي.
وحمّل التقرير مبارك مسؤولية التدهور الاقتصادي الذي وصلت إليه البلاد، قائلا إن "النظام السابق فضل الحفاظ على شعبيته بدلا من مواجهة المشكلة، التي قرر السيسي مواجهتها الآن بشجاعة" على حد تعبيره.
الاستفادة من تدهور الأوضاع
وتعليقا على هذا الهجوم؛ قال المحلل السياسي مصطفى علوي، إن "الحياة السياسية في مصر أصبحت أسوأ بكثير مما كانت عليه في عهد مبارك، فالحياة الحزبية معطلة تماما، والحريات متدهورة، والسجون تمتلئ بالمعتقلين، ولا يوجد دور تشريعي حقيقي لمجلس النواب".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "جميع هذه الأوضاع لم يكن رُبعها موجودا طوال 30 عاما من حكم مبارك، وهذا هو السبب الأساسي لظهور مؤيدي مبارك على الساحة مجددا، وانتقادهم للنظام الحالي، فهم يريدون رد الاعتبار لمبارك، باعتباره تحت الظلم بسبب ما حدث له".
وأكد أن "هناك رجال أعمال من بقايا الحزب الوطني يريدون ترشح جمال مبارك للرئاسة، معتقدين أنه سيحافظ على مصالحهم كما كانت وقت مبارك؛ لأن التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد حاليا يؤثر بشكل كبير على مصالحهم".
ولكن علوي استبعد نجاح حملة ترشيح جمال مبارك، مشيرا إلى أنه "مكروه شعبيا، ومن الصعب أن يصل إلى كرسي الرئاسة".
فرصة سانحة
من جانبه؛ قال المحلل السياسي عمرو هاشم ربيع، إن "الأوضاع الحالية للبلاد تمثل فرصة سانحة لمبارك ومؤيديه لأن يشمتوا في النظام الحالي، ويقولوا للناس أرأيتم ماذا جرى لكم عندما أطحتم بمبارك؟".
وأوضح أن "كل شيء في البلاد أصبح أسوأ من ذي قبل، فالسياسة غير موجودة، والاقتصاد منهار، والمجتمع مفكك، وكل هذا بسبب طريقة إدارة النظام الحالي للبلاد".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "مؤيدي مبارك يريدون تولي نجله جمال الرئاسة، وهناك حملة لتلميعه منذ خروجه من السجن"، مستدركا بأن "فرص جمال في تولي الحكم ضئيلة للغاية؛ لأن البلاد الآن في قبضة الجيش".
وأكد ربيع أن "مبارك وعصره انتهى إلى الأبد، ولم يعد الرئيس المخلوع مقبولا شعبيا"، موضحا أنه "من الممكن أن تكون هناك فئة قليلة من رجال الأعمال الفاسدين يريدون تولي جمال مبارك الحكم، لكن الأجهزة الأمنية ترفض ذلك، لأن البيزنس في مصر لم يعد كما كان في عهد مبارك، حيث يستفيد منه الآن قادة الجيش، وهؤلاء لن يسمحوا بعودة رجال مبارك، ولن يعطوهم مساحة أكبر من ذلك لحشد أنصارهم".