يواجه رجال الأعمال والمستثمرون؛ مناخا قاسيا للاستثمار في
مصر، في ظل الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، التي وصفها عدد من خبراء الاقتصاد بالصعبة من ناحية، وغير المشجعة من ناحية أخرى.
ومن بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية؛ رفع أسعار الفائدة لألف نقطة أساس ست مرات في عام ونصف، ورفع أسعار الطاقة والوقود ما بين 250 في المئة و400 في المئة ثلاث مرات في ثلاث سنوات، إضافة إلى تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار. وكل هذا يزيد الأباء على المستثمرين.
قرارات فاشلة
ووصف رجل أعمال، وصاحب إحدى شركات المواد الغذائية في مدينة السادس من أكتوبر بالجيزة، قرارات وزارة المالية والبنك المركزي بـ"الفاشلة، ولن تفضي إلى أي تحسن اقتصادي؛ لأنه المؤشرات الاقتصادية تراجعت ولا تزال تتراجع منذ بدء أخذ تلك القرارات قبل نحو ثلاث سنوات".
وأضاف لـ"عربي21"، طالبا عدم ذكر اسمه: "كل ما يقال عن مبادرات البنك المركزي ووزارة التجارة والصناعة حول تشجيع مناخ الاستثمار، وتوفير تمويلات للمصانع والشركات بفائدة 5 في المئة، حبر على ورق"، وفق قوله.
أخطاء البنك المركزي
من جهته، قال رئيس المنتدي المصري للدراسات السياسية والاقتصادية، رشاد عبده، إن "البنك المركزي يفتقد لوجود خبراء حقيقيين، وأخطأ في اتخاذ سلسلة من الإجراءات الاقتصادية؛ لأن ما يحدث في مصر ليس تضخما، إنما ركود تضخمي أي لا يوجد سيولة أو طلب على المنتجات، ومع ذلك الأسعار في ارتفاع".
وأضأف لـ"عربي21": "في حال ارتفع العائد على شهادات الادخار ستكون هناك مشكلة للمستثمرين؛ لأن تكاليف الاقتراض سوف ترتفع لأكثر من 20 في المئة، وهي نسبة تتجاوز أرباح بعض الصناعات، فلن يتوسع في مشروعه، ولن يخلق فرص عمل جديدة، ولن يساهم في زيادة الصادرات"، وفق تقديره.
ورأى أن الإجراءات الأخيرة أضرت بالمنتجين والمستهلكين على حد سواء، قائلا: "في نهاية المطاف المواطن بات بين السندان والرحى: بين غلاء الأسعار نتيجة التعويم ورفع دعم الوقود، وبين تحميله زيادة سعر تكاليف المنتجات".
مخاطر عالية
وتسريح العمالة يمثل أحد المخاطر التي حذر منها الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، الذي قال لـ"عربي21"؛ إن "زيادة تكاليف إنتاج المنتج نتيجة رفع أسعار الوقود والفائدة، وركود البضاعة في الأسواق، ستدفع صاحب المصنع إلى خفض تكاليف الإنتاج بتقليص العمالة في المصانع لتقليل حجم الخسائر"، وفق قوله.
وأوضح أن "أصحاب الشركات والمصانع مضطرون في بعض الأحيان للاقتراض من أجل استمرار دورات التشغيل؛ لأن دورة تحصيل المال تحتاج إلى بضعة أشهر، وبالتالي فإن زيادة تكاليف الاقتراض ستدفعه إلى عدم الاقتراض، وإعادة دورة التشغيل".
كما حذر الولي من اتجاه مستثمري البورصة "لسحب أموالهم منها، وتوجيهها للأوعية الإدخارية بالبنوك؛ لإنها مضمونة، ومنعدمة المخاطر، فكلما زادت الفائدة في البنوك تسحب إليها شريحة من مستثمري البورصة"، كما قال.
إجرءات صعبة ولكن مؤقتة
في المقابل، أكدت نائبة العضو المنتدب لبنك الإمارات دبي الوطني، سهير الدماطي، أن "الإجراءات الاقتصادية الأخيرة هي ليست سهلة على رجال الأعمال أو المواطنين ولكنها ضرورية ومؤقتة"، وأضافت لـ"عربي21": "من البداية، الرئيس والحكومة قالوا إن الإجراءات التي سوف يتم تطبيقها إجراءات صعبة، ولكنها فترة محددة ومؤقتة"، كما قالت.
وأشارت إلى أن "الحكومة المصرية والبنك المركزي بدآ في منظومة إصلاح اقتصادي بموافقة صندوق النقد الدولي، والسياسة النقدية في مصر أخذت على عاتقها تخفيض التضخم إلى 18 في المئة في نهاية 2018 من مستوى 30 في المئة؛ من خلال أحد أدواتها المالية المتثلة في زيادة الفائدة إلى 20 في المئة"، وهي بالمناسبة فائدة سالبة مقارنة بمستوى التضخم البالغ 30 في المئة".
وبينت أن "تلك الإجراءات مؤقتة لا تتجاوز العام، وقد تنتهي في منتصف أو نهاية عام 2018، حيث سينتهي معها الدعم، وتتوافر فيه العملة الصعبة، ويبدأ أثر عمل حقل ظهر العملاق للغاز في البحر المتوسط في الظهور، وبالتالي سينخفض الدولار أمام الجنيه، وهو من أكثر العوامل المؤدية لخفض التضخم"، وفق تقديرها.