أثارت
فتوى أصدرتها "الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية"، التابعة للحكومة المؤقتة بطبرق (الشرق)، تنص على "
تكفير" الطائفة الإباضية بليبيا، موجة استنكار واسعة.
ووصفت هيئة الأوقاف الطائفة الإباضية في الفتوى بـ"فرقة منحرفة ضالة، وهم من الباطنية الخوارج، وعندهم عقائد كفرية، كعقيدتهم بأن القرآن مخلوق وعقيدتهم في إنكار الرؤية، فلا يُصلّى خلفهم ولا كرامة".
واستنكر عدد من السياسيين والحقوقيين "الفتوى" الصادرة عن هيئة أوقاف المنطقة الخاضعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، وطالبو بحل الهيئة وحماية الطائفة الإباضية.
من جهتها دعت "دار الإفتاء الليبية" في طرابلس إلى تجنب هذا النوع من الخطاب الذي قد يتسبب في إشعال "فتنة مذهبية" بالبلاد.
وأوضحت دار الإفتاء أن "الفتنة المذهبية يحاول سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان إشعالها بين أبناء الشعب المسلمين منذ سنوات وليست وليدة اللحظة".
وأشارت إلى أن "أخطر ما يهدد أمن
ليبيا واستقرارها هو الفرقة، الفرقة بين الإباضية والمالكية، بين الأمازيغية والعربية، بين الطوارق والتبو والسبهاوية، بين الصوفية والسلفية، بين الشرق والغرب والجنوب، بين طرابلس وما حولها من المدن، وهلم جرا".
من جانبه دعا مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدبّاشي إلى حل الهيئة، وكتب على صفحته بموقع "فيسبوك": "إذا كانت هذه الفتوى صادرة فعلا عن الهيئة المذكورة فعلى الجهات المعنية حل الهيئة فورا لأنها لا علاقة لها بليبيا، وتجهل تماماً ممارسة المذهب الإباضي في ليبيا".
واستطرد: "أتباع المذهب إخوتنا ويصلون وراءنا ونصلي وراءهم ولا خلاف بيننا وبينهم في أصول الدين. ومن الواضح أن أصحاب الفتوى لم يناقشوا قط فقهاء الإباضية عندنا، وإذا صحت فهي تحريض صريح على الفتنة قد يكون مستندا إلى كتب مغرضة كتبت في عهود غابرة، دون دليل ملموس من عصرنا وبلدنا".
في السياق ذاته عبرت "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" في ليبيا عن "رفضها وإدانتها لجميع الدعوات التكفيرية والتحريض والعنف اللفظي والإرهاب الفكري والديني المتطرف الذي تمارسه هيئة أوقاف حكومة الثني".
واستنكرت الفتوى التي "تنص على تكفير مكوّن الأمازيغ من أتباع المذهب الإباضي في ليبيا"، واتهمت هيئة أوقاف طبرق بـ"استغلال حالة انهيار وغياب مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية، لنشر وتعميم هذا التوجه الخطير، بما يحمل من تداعيات خطيرة على الأمن والسلم الاجتماعي بشكل خاص والأمن الوطني بشكل عام وإدخال المجتمع الليبي في صراعات مذهبية، وضرب إسفين في مبدأ التعايش ومفاهيم المواطنة في ليبيا".
وحذر مقرر اللجنة أحمد حمزة من "السلفية الجهادية"، التي وصفها بأنها "تيار ديني متطرف جهادي تفكيري"، ودعا إلى "مقاومته والوقوف ضده من الآن قبل أن يتفاقم خطره".
وتساءل سفير ليبيا السابق في السويد ورئيس اللجنة التنفيذية لـ"المؤتمر الليبي للأمازيغية"، إبراهيم قرادة، قائلا: "هل لدى أصحاب الفتوى الخطيرة ولهم اطلاع ومعرفة برأي علماء وفقهاء المالكية والإباضية الليبيين الراسخين في العلم والعارفين بالمجتمع؟ فالإسلام المتجذر في ليبيا متعايش ومتناغم مع أهل ليبيا".
واستطرد: "لأن ليبيا ليست حنبلية ولا شافعية ولا حنفية، وليست لا شيعية إمامية ولا إسماعيلية ولا زيدية، وليست خارجية من الأزارقة أو الصفرية. وليبيا هي هنا في المغرب الكبير وأفريقيا الشمالية، ولا تقع ولا تتبع بلاد الشام والرافدين، ولا الجزيرة والخليج، ولا الهند والسند".
وتابع تساؤلاته في مقال له: "فإلى أين تريد هذه الفئة الذهاب بنا؟ هل يريدون جعل الإباضية طائفة مستضعفة ومستهدفة؟ هل يعلمون أن مثل هذه الفتاوى هي استدعاء وإحضار لتدخلات خارجية، أم هم يقصدون؟ وما الفرق بين هذه الفتوى وفتاوى مدرسة داعش؟ هل يجهلون أن الإباضية موجودة أيضا في الجوار في الجزائر وتونس؟".
والإباضية هي أحد المذاهب الإسلامية، وسميت كذلك نسبة إلى عبد الله بن إباض التميمي وجابر بن زيد التابعي، وتنتشر الإباضية في سلطنة عمان وليبيا وتونس والجزائر وبعض مناطق شمال أفريقيا.