بدأ عناصر
تنظيم الدولة إعادة تمركزهم قبل أشهر من إنهاء القوات
العراقية المدعومة من الولايات المتحدة سيطرتهم التي استمرت ثلاث سنوات على
الموصل.
وقبل أشهر قليلة، قال مسؤولون في المخابرات ومسؤولون محليون في العراق، إنهم لاحظوا فرار عدد متزايد من القادة والمقاتلين من المدينة إلى تلال حمرين في شمال شرق العراق، التي توفر مخابئ، وتتيح الوصول إلى أربع محافظات عراقية.
واعترضت السلطات بعضهم، لكن كثيرين أفلتوا من قوات الأمن، وشرعوا في إقامة قواعد لعملياتهم الجديدة.
ما يأتي بعد ذلك قد يكون تحديا أكثر تعقيدا وصعوبة لقوات الأمن العراقية، بمجرد الانتهاء من الاحتفال بالانتصار في الموصل أكبر معاقل تنظيم الدولة في العراق.
اقرأ أيضا: مسؤولون عراقيون: المعارك دمرت 80 بالمائة من الموصل
ويستعد مسؤولو المخابرات والأمن لنوع من التمرد المدمر، مثل ذلك الذي خاضه تنظيم القاعدة عقب الغزو الأمريكي في عام 2003.
ونقلت وكالة "رويترز" عن المسؤول الكردي الكبير في مكافحة الإرهاب، لاهور طالباني، إن عناصر التنظيم يتحصنون، ويمكنهم الوصول إلى العاصمة بسهولة.
وعبّر طالباني عن اعتقاده بأن الأيام الأصعب قادمة.
ضباط مخابرات صدام
انضم ضباط سابقون بجهاز المخابرات العراقي عملوا تحت حكم صدام حسين إلى تنظيم الدولة في تحالف للمصالح. وتوقع طالباني ومسؤولون أمنيون آخرون أن هؤلاء الخبراء العسكريين الاستراتيجيين المخضرمين الذين كانوا ينتمون لحزب البعث، سيمثلون الجيل الجديد لقادة تنظيم الدولة.
وبدلا من محاولة إقامة دولة خلافة، قال مسؤولون أمنيون عراقيون وأكراد إن قادة تنظيم الدولة سيركزون على
حرب الشوارع، التي يصعب كثيرا التكهن بها.
وقطعت القوات العراقية شوطا طويلا منذ انهيارها أمام تقدم تنظيم الدولة في 2014، عندما تخلت عن سلاحها، وخلعت زيها العسكري في حالة من الذعر.
وقاتلت القوات العراقية لنحو تسعة أشهر لانتزاع السيطرة على الموصل، بمساعدة ثابتة من ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة سوت بالأرض أحياء بأكملها.
خلايا نائمة
وبحسب "رويترز"، فإن السؤال المهم هو ما إذا كان الجيش الذي يشعر بالارتياح أكثر كثيرا مع الحروب التقليدية، بإمكانه التعامل مع تمرد بخلايا نائمة، ووحدات صغيرة من المسلحين الذين يخرجون من الصحارى والجبال، وينفذون هجمات سريعة، ويسارعون إلى التواري عن الأنظار.
ونقلت عن قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للصحفيين، ستيف تاونسند، قوله: "سيحاولون الاختباء وسط السكان. ستكون خلاياهم أصغر بدلا من المجموعات والفصائل، وسيتحولون إلى فرق وخلايا، وستتخفى عناصر أصغر كثيرا وسط السكان".
وأضاف: "على شركائنا من قوات الأمن العراقية خوض عمليات على غرار التصدي للتمرد عند مرحلة ما، ونبذل جهودا بالفعل الآن لبدء تشكيل تدريبهم على أسلوب
داعش الجديد"، وفق قوله.
ويشير التاريخ إلى أن التدريب قد لا يكون كافيا. فقد أنفقت الولايات المتحدة 25 مليار دولار على الجيش العراقي خلال فترة الاحتلال الأمريكي الذي أسقط صدام حسين في 2003، وأثار تمردا بمشاركة تنظيم القاعدة.
ولم يجهز ذلك الجيش للتصدي لمقاتلي تنظيم الدولة الذين زحفوا على الموصل بعربات وأسلحة سرقت من القوات العراقية المتقهقرة.
ويمكن للقوات العراقية بالتأكيد الإشارة إلى الانتصارات التي حققتها في الموصل ومدينتي الفلوجة والرمادي في محافظة الأنبار التي كانت ذات يوم في قبضة تنظيم الدولة.
اللجوء للصحراء
لكن مسؤولين محليين يقولون إن هذه المدن لا تزال معرضة لهجمات من الصحراء المترامية الأطراف التي يعرف دروبها جيدا مقاتلو التنظيم.
من جهته، قال المسؤول العراقي في الأنبار، عماد الدليمي، إن العمليات الأمنية ستكون بلا جدوى، ما لم تسيطر قوات الأمن على الصحراء. وأضاف أن الصحراء باتت ملاذا آمنا لتنظيم الدولة.
وقال الدليمي إن تنظيم الدولة غير موجود كتنظيم في المدن، لكنه ينفذ هجمات من خلال أفراد وسيارات ملغومة وانتحاريين، مشيرا إلى أن الناس تخشى عودة تنظيم الدولة، وأن هناك هجمات يومية.
ويعبر طارق يوسف العسل وهو قائد قوة عشائرية عن المخاوف ذاتها، ويشكو من عدم وجود تنسيق بين قوات الأمن المحلية الكثيرة.
وقال إن هذه القيادات لا تملك خبرة القتال في الصحراء. ولا يزال بعض المواطنين لا يشعرون بالأمن، رغم تحسن أداء الجيش العراقي.
ولا يضيع تنظيم الدولة أي وقت، وينفذ استراتيجيته الجديدة، رغم الخسارة التي تكبدها في الموصل.
وقال مسؤولون أمنيون إن نحو 30 عنصرا من التنظيم تسلحوا ببنادق آلية وقذائف مورتر، عبروا نهر دجلة في قوارب خشبية وهاجموا قرية إمام غربي على بعد حوالي 70 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل، في أوائل تموز/ يوليو الجاري، ثم انسحبوا عائدين من حيث أتوا.
وقال المسؤول الكردي الكبير ووزير الخارجية العراقي الأسبق، هوشيار زيباري، إن عناصر التنظيم سيعودون إلى هجمات الكر والفر القديمة، وكتلتهم الصلبة الأساسية ستواصل القتال.