شنت صحيفة لبنانية تابعة لحزب الله هجوما شرسا على زعيم التيار الصدري الشيعي مقتدى الصدر على خلفية زيارته إلى المملكة العربية السعودية، واصفة ذلك بـأنه "قنبلة سياسية من العيار الثقيل".
وفي تقرير موسع نشرته الاثنين، تشير صحيفة الأخبار إلى أن زيارة الصدر "تُخرِج إلى العلن علاقة كانت سرية حتى يوم أمس (الأحد) وليس محض صدفة (..) وتكلل جهودا طويلة من التنسيق بين الرياض والحنانة"، في إشارة إلى مكان إقامة الصدر في مدينة النجف.
وتسعى الصحيفة في تقريرها إلى عزل الصدر وتجريده من أي صفة اعتبارية يحملها، وتعقد مقارنة بين زيارة الصدر وزيارة رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى الرياض فتضعها في إطار "التنسيق مع جميع الأطراف الإقليمية وتكريس رؤيته التي تقول إنّ بغداد لا تنحاز لأي طرف على حساب آخر في ظل الاشتباك الإقليمي".
وتضيف الأخبار أن زيارة العبادي "الذي شرّع الباب أمام العلاقات السعودية-لعراقية"، جاءت للدولة الجارة "بالتنسيق مع طهران وتشجيعها لدوره الإيجابي المتفاعل مع محيطه العربي"، متسائلة في المقابل عن دوافع زيارة الصدر، حيث تجيب مصادر عراقية رفيعة المستوى –لم تسمها- بالقول إنّ "عنوان الزيارة هو: وداع صدريّ لطهران".
وهنا ارتأى الصدر –والحديث للأخبار- "تنفيذ وجهة نظره، أما طهران فقد حسمت موقفها من أن الرجل قد خرج من سرب القوى المتحالفة معها، ويريد البحث عن حليف إقليمي يقوّي حظوظه في تحقيق مشروعه السياسي، والذي سيكون أول امتحاناته للانتخابات النيابية المقبلة".
لقاءات سرية مع السبهان
وتذهب الأخبار إلى أبعد من الهجوم على الصدر، بالحديث عن "علاقة طيبة ولقاءات سرية" مع وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، الذي كان في استقبال الصدر في مطار جدة.
وتقول الصحيفة: "قبل عامين، نادى أنصار الصدر في وسط العاصمة بغداد بشعار "إيران برّا برّا"، سريعا، سافر الرجل إلى طهران لتبرير جهل بعض أنصاره، إلا أنّ السفير السعودي السابق لدى بغداد ثامر السبهان، انتظر عودته مليّا لـنسج علاقةٍ طيبة مع ابن الصدر".
وتعتبر الأخبار أن "الرياض أرادت من استقبال السبهان للصدر، استفزاز إيران وإعطاءها إشارة إلى أنّ العراق دخل مرحلة تريد السعودية الحضور فيها تحت شعار: الحضور العروبي في مواجهة إيران".
تمويل ودعم
ولم تكتف "الأخبار" باتهام الصدر بالتنسيق مع السعودية، بل ترجح أنه "ناقش مع المسؤولين السعوديين القانون الانتخابي، بعدما أبرم تحالفا مع إياد علّاوي -المقرّب من الرياض- على تمرير القانون الداعم للدوائر الانتخابية الصغرى، وهو ما يريده الرجلان لتحقيق أكبر عدد من المقاعد".
وتشير الصحيفة إلى أن الصدر "بدأ بالبحث جديا عن مصدر لتمويل مشروعه، وهو أمرٌ سيلقى صداه في المملكة التي لن تحبس جهدا عن رجل شيعي يحظى بحضورٍ قوي في الشارع العراقي، هدفه كسر الشوكة الإيرانية، فـابن النجف يتلاقى بقوّة مع المشروع السعودي: إيران بلا عراق وبلا حشد شعبي"، حسب وصفها.
محور جديد
وتتابع الصحيفة نقل انطباعات وتحليلات لقيادات عراقية لم تسمها بشأن أسباب الزيارة وتوقيتها الآن، فتقول: "بعض القيادات العراقية لم تستغربها، رأتها طبيعية فقد آن للطبخة أن تستوي، فيما آخرون، فوجئوا بها بسبب توقيتها، لتزامنها مع هجمة القوات السعودية على مدنيي العوامية شرق البلاد، واستمرار المسؤولين السعوديين بمهاجمة قوات الحشد التي ساهمت في استعادة العديد من المناطق من تنظيم داعش".
وتعتبر الصحيفة أن الصدر "أراد التأكيد أن داعميه ليسوا من المحور الإيراني أو حلفائه، إنما المحور العربي بقيادة السعودية، بالتزامن مع موجة تمهد لضرب المشاريع الإسلامية للأحزاب والقوى الموالية لطهران لمصلحة القوى المدنية والليبرالية، والتي ستكون السعودية حاضنتها، تحت شعار القومية والعروبة.
منافسة الحكيم
وتشمل الصحيفة في هجومها، القيادي الشيعي عمار الحكيم، وتقول إن "الصدر يسعى في خطوته إلى التفوّق على أيّ من المنفتحين الجدد، أو الخارجين من الخيمة الإيرانية في إشارةٍ إلى زعيم تيّار الحكمة الوطني عمّار الحكيم الذي انشق عن نفسه الأسبوع الماضي"، وتورد معلومات تفيد بأن "الحكيم في صدد التحضير لزيارة خليجية لعرض مشروعه الجديد، وتحصيل رعاة إقليميين له"، حسب تعبيرها.
وتختم الأخبار -التي كانت هاجمت الصدر قبل هذه المرة- بالنقل عن مصدر -لم تسمه أيضا-، قوله: "بات الشعب ضحيةً لزعماء لا يملكون نضوجاً سياسياً كافيا (..) فتنة بغداد باتت حاضرة، وأدواتها جاهزة، تبدأ من طلاق طهران، وتنتهي بعودة داعش سياسي يمحو كل إنجازٍ بُذل في العراق".