اقترح عدد من
نواب البرلمان المصري خلال الأسابيع الأخيرة عددا من
القوانين التي تخص المرأة، وهو ما أثار جدلا واسعا، إذ لاقت رفضا واسعا من قبل منظمات حقوق الإنسان ونشطاء.
ومن بين هذه القوانين المقترحة المثيرة للجدل قانون جديد يخفض سن زواج الفتيات من 18 عاما إلى 16، وقانون يفرض كشف العذرية على طالبات الجامعة، وثالث يوثق الخطبة ويعاقب الفاسخ.
ولاقت هذه القوانين جدلا مجتمعيا ورفضا واسعا من قبل منظمات حقوق الإنسان ونشطاء، رأوا فيها عودة بالمرأة إلى العصر الجاهلي، حيث أعلنت مجموعة من النائبات، في بيان لهن الجمعة الماضي، رفضهن لما أسمينه "محاولات الرجوع للماضي"، كما اعترضت وزارة الصحة على هذه المقترحات وأكدت أنه يشجع على "الاتجار بالبشر"، فيما اعتبرها المجلس القومي للمرأة "ردة إلى الخلف".
نائب مأذون
وتقدم النائب أحمد سميح، الذي يعمل مأذونا بإحدى المناطق الريفية بمحافظة الجيزة والتي تشتهر بتزويج الفتيات في سن مبكرة بالمخالفة للقانون، بهذا القانون المقترح، مؤكدا أنه سيتقدم به خلال دور الانعقاد الثالث بالبرلمان الذي سيبدأ خلال أيام.
وبينما يقول مراقبون إن من مصلحة هذا النائب أن يقر البرلمان القانون ليفلت من العقوبة الجنائية، برر سميح المقترح، بأن أبناء المناطق العشوائية والريفية يقومون بتزويج الفتيات في سن مبكرة بما يؤدي لوجود حالات زواج وطلاق غير موثقة.
وكان حزب النور السلفي قد تقدم عام 2012 بقانون مماثل لتخفيض سن الزواج من 18 إلى 16 عاما، ووقتها تم استغلال هذا المقترح في وسائل الإعلام لتشويه صورة مجلس الشعب الذي يسيطر عليه الإسلاميون، والترويج أنه سيزوج الأطفال في سن التاسعة.
قوانين أخرى
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تقدم النائب إلهامي عجينة، بمشروع قانون ينص على تقدم الطالبات بمستند رسمي عند تقدمهن للدراسة بالجامعة يفيد بأنهن عذراوات فضلا عن ضرورة توقيع الكشف الطبي عليهن بشكل دوري للتأكد من عذريتهن.
وبرر عجينة هذا القانون العجيب برغبته في مواجهة ظاهرة انتشار الزواج العرفي بين طلبة الجامعات.
ومن بين القوانين أيضا قانون "توثيق الخطوبة"، الذي تقدمت به النائبة عبلة الهواري في أيار/ مايو الماضي، وقالت إنه يضع، لأول مرة، قواعد قانونية لإتمام الخطبة وفسخها، لمنع المشكلات بين العائلات، لافتة إلى أن القانون سيفرض عقوبات وتعويضات على الفاسخ إذا ألحق الفسخ ضررا بالطرف الآخر.
خلل في الأولويات
وتعليقا على هذه القوانين، قالت الناشطة الحقوقية دعاء عباس إن المقترحات التي يتم تداولها داخل مجلس النواب تتضارب مع قوانين أخرى، معربة عن استنكارها من انشغال أعضاء البرلمان بقضايا غير مهمة وتخالف الدستور والقانون ولم يسع أحد لتغييرها من قبل، بدلا من الاهتمام بالقضايا التي تمس الناس كالأوضاع الاقتصادية أو وضع الحريات في مصر.
وأضافت عباس، في تصريحات لـ"عربي21" أن هذه القوانين تتعارض بشكل واضح مع نصوص الدستور المصري الذي تم إقراره عام 2014، مشيرة إلى أن القانون لا يجيز الأطفال بأي التزامات قانونية ولا يجيز عقد قرانهم قبل وصولهم للسن القانوني للزواج.
وتابعت: "هناك عشرات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسريا، وكان الأولى بالنواب أن يهتموا بحياتهم أو أن يصدروا قانون العدالة الانتقالية أو قانون مكافحة الفساد الذي لم تتم مناقشته حتى الآن".
جهل بالقانون والدستور
أما أستاذ العلوم السياسية مصطفى علوي فقال إن عددا كبيرا من أعضاء البرلمان تنقصهم الخبرة السياسية حيث إنهم يمارسون العمل النيابي والسياسي لأول مرة، كما يفتقدون للحس الوطني الذي يوجههم لمناقشة القضايا الشائكة التي تمس المجتمع، وبدلا من الاهتمام بما يؤثر على حياة الناس اليومية بصورة مباشرة نجدهم يثيرون الأزمات عبر التصدي لقضايا فرعية لا يهتم بها المصريون.
وحول قانون تخفيض سن الزواج قال علوي، لـ"عربي21": "أراهن على أن النائب الذي اقترح هذا القانون لم يقرأ نصوص قانون الطفل أو قانون إنشاء المجلس القومي للمرأة، وهذا ما دفعه لاقتراح مثل هذا القانون الغريب الذي يتعارض مع الدستور والقانون والتوجه العام للدولة التي تنادي بتقليل النسل، بينما تخفيض سن الزواج يزيد من فرص إنجاب مزيد من الأطفال".
وأضاف أن الأداء الضعيف للبرلمان وما يشوبه من قصور أصبح واضحا للجميع، وعلى الرغم من ذلك مستمر في عمله نظرا لرغبة النظام في استكمال الديكور السياسي وإعطاء الانطباع بأن هناك مؤسسات دستورية تمارس اختصاصاتها التشريعية بعيدا عن سيطرة رأس النظام عبد الفتاح السيسي.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية كريم السيد إن كثيرا من نواب البرلمان يتعمدون التحدث في وسائل الإعلام عن قوانين وأفكار غريبة بهدف إثارة الجدل وتسليط الضوء عليهم، مؤكدا أن غالبية هذه المقترحات لا تقدم إلى البرلمان لمناقشتها ولا يتم اتخاذ إجراءات فعلية لمناقشتها.