نشرت صحيفة "أ بي ثي" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن مجزرة
رابعة العدوية في ذكراها الرابعة. فرغم مرور كل هذه السنوات لم تنظر
العدالة في هذا الملف بعد، ولم يُحاكم أي من المتورطين في هذه القضية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن يوم 14 آب/ أغسطس سنة 2013، كان شاهدا على تجمع الآلاف من الأشخاص في ساحات القاهرة لمدة 47 يوما للاحتجاج ضد الانقلاب العسكري، على أثر عزل أول رئيس منتخب ديمقراطيا في
مصر، وهو الإسلامي محمد مرسي.
في هذا التاريخ، تلطخت ساحة رابعة العدوية وميدان النهضة بدماء المتظاهرين الذين هاجمتهم قوات الأمن المصرية، ما اسفر عن مقتل حوالي ألف شخص في يوم واحد فقط. وبذلك، أصبحت مجزرة رابعة العدوية تعد أسوأ انتهاك وقع في حق المتظاهرين المدنيين في التاريخ الحديث.
والجدير بالذكر أنه حتى بعد مرور أربع سنوات على هذه العملية، لم يتم التحقيق إلى حد الآن مع أي ضابط شرطة أو موظف تابع لمكتب وزارة الداخلية أو الدفاع. كما لم تتم حتى الآن مساءلتهم حول عمليات العنف غير المشروعة التي استخدمها هؤلاء لتفريق الاعتصامات.
ونقلت الصحيفة شهادات حية لبعض عائلات الضحايا، على غرار هبة التي خسرت ابنها خلال ذلك اليوم المربك، والتي نددت بمسألة إطلاق الذخيرة الحية على أشخاص غير مسلحين. ووفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فقد توفي ما لا يقل عن 817 شخصا في ذاك اليوم المشؤوم، علما بأنها أكدت أيضا بأن عدد الضحايا يمكن أن يصل إلى 1000. في المقابل، أعلنت وزارة الصحة المصرية أن عدد ضحايا هذه المجزرة لا يتجاوز 638 حالة وفاة، من بينهم 595 مدنيا و43 ضابط شرطة.
وبينت الصحيفة أن أحداث ذلك اليوم قد اندلعت منذ الساعة السادسة صباحا، وبحلول نهاية اليوم كانت ساحة رابعة مشهدا للنيران والدماء والموتى. ومنذ ذلك اليوم، لا توجد أي شهادات أو أشرطة فيديو تثبت تورط ضباط الشرطة عند إطلاقهم النار على أشخاص عزل وإضرامهم النار في المحلات التجارية واللافتات.
ونقلت الصحيفة عن مدير التواصل والمرافعة بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش، أحمد بن شمسي، أن "هذه المجزرة تعد من أكثر المجازر الموثّقة في التاريخ، لدينا شهادات لعائلات الضحايا والناجين والجيران، إلى جانب تصريحات من طرف كبار المسؤولين في قوات الأمن". وعلى الرغم من كل هذه الأدلة، إلا أنه لم يتم التحقيق مع أي ضابط شرطة أو محاكمته.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة تواصل إنكار تورطها في هذه المذبحة، وتواصل أيضا تبرير أعمال قوات الأمن، معتبرة أن حصيلة الوفيات أمر طبيعي الحدوث خلال تفريق الاحتجاجات. أما بالنسبة للرواية الرسمية للسلطة، التي تغذيها وسائل الإعلام المحلية المقربة من حكومة عبد الفتاح السيسي، فيشار إلى الضحايا والمتظاهرين على أنهم "إرهابيون".
وفي إطار الاستجابة لمطالب العشرات من المنظمات الدولية الأخرى، في سنة 2015، أجرى المجلس القومي لحقوق الإنسان (جهة حكومية) تحقيقا في الأحداث التي جدت في ساحة رابعة العدوية. لكن أيد المجلس فكرة الحكومة المصرية التي تزعم بأن العديد من المتظاهرين كانوا مسلحين.
لكن منظمة العفو الدولية ذلك ترفض ذلك، قائلة إنه "على الرغم من أنه كان هناك أشخاص يحملون أسلحة خفيفة في الساحة، إلا أن معظمهم كانوا غير مسلحين، وخير دليل على ذلك عدد الضحايا، حيث قتل حوالي ألف متظاهر مقابل 40 شرطيا تقريبا".
وأوردت الصحيفة، نقلا عن الباحث في منظمة العفو الدولية، أحمد محمد، أن "الحكومة المصرية تريد أن تمحو من الذاكرة الجماعية هذه مجزرة، فليس هناك مساءلة أو حتى اعتراف بالمسؤولية من طرفها، فهي ترفض الاعتراف بتصرفها بشكل غير مشروع تجاه المتظاهرين".
ويرى أحمد محمد أن "الفشل في محاكمة المتورطين في اعتصامات ساحتي رابعة والنهضة وتحقيق العدالة، أصبح حقيقة واضحة. كما يسلط الضوء مجددا على انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان في مصر، من بينها الاختفاء القسري، والقتل خارج نطاق القضاء، واضطهاد المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني".
وتشير بعض التقديرات إلى أنه سنة 2015، تعرض ما لا يقل عن 1700 شخص للاختفاء القسري، وتضاف هذه الانتهاكات إلى القمع الممنهج، واستعمال العنف ضد احتجاجات سابقة مناهضة لحكومة عبد الفتاح السيسي، ناهيك عن حملات اعتقال واسعة النطاق شملت آلاف المصريين. كما تنامى أيضا التنديد بعمليات الإعدام المنفذة خارج نطاق القضاء، والموثقة من قبل المنظمات المحلية.
ونوهت الصحيفة إلى أنه أمام تجاهل الحكومة للانتهاكات من طرف قوات الأمن، فإن هناك أكثر من 700 ألف شخص ينتظرون البت في قضاياهم والنطق بالحكم. وخير مثال على ذلك الصحفي محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، الذي اعتقل بتاريخ 14 آب/ أغسطس سنة 2013، ومنذ ذلك الحين، لا يزال رهن الاعتقال في انتظار محاكمة تم تأجيلها مرار وتكرارا.