أثار قرار ترشيح نجل الرئيس الباجي
قايد السبسي للبرلمان، خلفا لنائب عُيِّن بحكومة يوسف الشاهد ضمن التحوير الوزاري الأخير، جدلا غلبت عليه سيناريوهات غير مسبوقة في أحاديث التوانسة.
وقال المكلف بالشؤون السياسية في "النداء"، برهان بسيس، في تصريح لإذاعة "إي أف أم" المحلية، الاثنين، إن نداء
تونس سيرشّح مديره التنفيذي حافظ قايد السبسي، لخوض الانتخابات التشريعية الجزئية عن دائرة ألمانيا، التي كان يمثّلها النائب عن "النداء" حاتم الفرجاني، المُلتحق بحكومة الشاهد.
وكان الفرجاني يشغل خطّة عضو مكتب مجلس نوّاب الشعب ومساعد لرئيسه، قبل أن يتمّ تعيينه، بالتحوير الوزاري الأخير، كاتب دولة لدى وزير الشؤون الخارجية مكلف بالدبلوماسية الاقتصادية.
طبخة سياسية
واعتبر مراقبون ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أنّ تعيين الفرجاني "جزء من طبخة سياسية، هدفها توريث الحكم لنجل قايد السبسي".
وقالوا إن قيادة
نداء تونس "تخطّط لفسح المجال للسبسي الابن لدخول
البرلمان، ثمّ الظفر برئاسته، ومن ثمّ توّلي مقاليد حكم البلاد دستوريا، بعد إعلان شغور في منصب الرئاسة بتعلّة عجز الرئيس".
وقال أستاذ القانون الدستوري والمحلّل السياسي، جوهر بن مبارك، إنّه لا يوجد قانون يمنع رئيس الحكومة من تعيين أي نائب في حكومته، باعتبار أنّ الأخير سيغادر البرلمان، ويتفرغ كليا للعمل الحكومي.
وأشار ابن مبارك، في تصريح لـ"
عربي21"، إلى أنّ من يغادر المجلس يعوّضه المترشح الذي يليه في الترتيب، مستدركا بقوله: "هذه المرّة نجد أنّ من تمّ تعيينه في التحوير الوزاري هو نائب بمفرده في قائمة الفائزين بانتخابات 2014 بألمانيا، باعتبار أنّ هذه الدائرة يمثلها مقعد فقط بالبرلمان".
مرشح النهضة والنداء؟
وقال: "القانون يفرض إجراء انتخابات جزئية لسد الشغور، وطبعا فإنّ الترشح حق لكل تونسي، بمن في ذلك حافظ قايد السبسي".
وتوقّع ابن مبارك "وجود اتفاق بين حركتي النهضة والنداء؛ للدفع نحو فوز حافظ قايد السبسي، وبالتالي سيكون الأخير مرشح كلا الحزبين، رغم ما يتمّ تداوله حول وجود قاعدة انتخابية كبيرة لحركة النهضة بهذه الدائرة، ستحقّق لها الفوز بهذا المقعد إن هي رشّحت شخصا عنها".
ولم يستبعد ابن مبارك سيناريو فوز السبسي الابن في الانتخابات، التي لا يمنع قانونها الإسقاط المتعلّق بالمكان؛ لأن المترشح هنا لا يمتّ بأي صلة لدائرة ألمانيا، ومع ذلك سيترشح عنها".
وتابع: "قد ينسحب الرئيس الحالي محمد الناصر من رئاسة المجلس، وربما يترشح حافظ، وبالتالي إذا ما تحصل على أغلبية الأصوات، سيصبح رئيسا للبرلمان بلا شك.. هذا من الناحية القانونية"، وفق تعبيره.
شكوك
لكن ابن مبارك استهجن ترشح السبسي الابن للبرلمان، مؤكّدا لـ"عربي21" وجود مشاكل متعدّدة، من الناحية السياسية والأخلاقية، على غرار الوضع العام للبلاد، ووضع الجالية التونسية بألمانيا، والسرّ وراء تعيين النائب الفرجاني دون غيره، وهل أن ما حدث صدفة؟".
وقال: "هناك شكوك حول عملية التعيين في حد ذاتها، ولا أتمنى أن يكون رئيس الحكومة يوسف الشاهد على علم بهذه المناورة السياسوية".
واستبعد ابن مبارك سيناريو تولي حافظ السبسي منصب رئيس البلاد بعد تولي رئاسة البرلمان؛ "لانّ ذلك يتطلّب حدوث شغور في منصب الرئيس"، لكنّه اعتبر ترشيح حافظ للبرلمان "رغبة في إدخاله إلى الطبقة السياسية، وإعداده لانتخابات 2019"، وفق تعبيره.
واعتبر النائب عن كتلة الحرة بالبرلمان، الصحبي بن فرج، أن "الهدف من وراء سيناريو ترشيح نجل السبسي لعضوية البرلمان هو تهيئة المسرح؛ لكي يشغل المدير التنفيذي لنداء تونس منصب رئيس مجلس نواب الشعب مكان محمد الناصر".
منافسة صورية؟
وتابع بمنشور في فيسبوك: "صعود المدير التنفيذي إلى البرلمان يفترض إما انسحاب حركة النهضة من المنافسة، وإما المشاركة بمنافسة صورية؛ لأنها الأكثر قوة في جاليتنا بألمانيا (...)، ثمّ يتم تهيئة المسرح لكي يشغل المدير التنفيذي للنداء منصب رئيس البرلمان".
وبأسلوب ساخر، تحدّث الإعلامي زياد الهاني عن سيناريو "تولّي (ولد Pa)، -ويعني ابن أبيه- منصب رئيس دولة أطلق عليها اسم (جربوعستان)، بعد حصول شغور في رئاسة الجمهورية، إثر استقالة الرئيس الوالد"، وفق تعبيره.
وسرد الهاني بافتتاحيته بإذاعة "أوكسجين أف آم"، الاثنين، تفاصيل السيناريو الساخر في شكل بيان شبيه ببيان تولّي الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الحكم في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987، بعد إزاحة الرئيس بورقيبة".
ولد ترامب وابن الباجي
وانتقد النائب عن الجبهة الشعبية، عمار عمروسية، خلال جلسة منح الثقة لوزراء الشاهد، الاثنين، قرار ترشيح حافظ قايد السبسي للبرلمان.
وقال: "مشكلة تونس ليست في النظام السياسي.. التاريخ فيه مهازل كبيرة.. يا جماعة أفيقوا، ولد ترامب يُستنطق (من قبل الشرطة)، وولد الباجي يجهّزون له المكان كي ينضم إلى البرلمان".
وانتقد بسيس ما يتداوله الناس، معتبرا، في تصريحه لإذاعة "إي أف أم"، أن ترشيح حافظ السبسي لا علاقة له بـ"التوريث".
ولفت إلى أنّ الأخير "مواطن تونسي كغيره، سيعرض نفسه للتصويت، وطالما أنّ هناك من يقول إنّه مُنتَقَـد سياسيا وممجوج من أطراف معيّنة، لماذا لا نسمح له بخوض الانتخابات في إطار الديمقراطية..؟ لنتركه يتحصّل على 5 أصوات، وهكذا ينتهي كل شيء".