شكك خبراء
اقتصاديون ومراقبون في قدرة نظام الانقلاب في
مصر؛ على تجاوز كبوته الاقتصادية بالاعتماد فقط على
الديون والاقتراض، في أعقاب إعلان البنك المركزي، الجمعة، عن صعود الدين الخارجي بنسبة 41.5 في المئة على أساس سنوي.
وبلغ مجموع
القروض الخارجية 79 مليار دولار في حزيران/ يونيو 2017، مقابل 55.8 مليار دولار في الشهر نفسه من عام 2016.
وحذر خبراء من انفجار "فقاعة الديون"، والانزلاق إلى مخاطر عدم القدرة على سداد أقساط القروض وفوائدها، ورهن استقلال القرار المصري داخليا وخارجيا لرغبات الدائنين والمقرضين، مع استمرار التوسع في الاستدانة الخارجية خلال السنوات الثلاث الماضية.
أرقام مخيفة
في هذا الصدد؛ رأت أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، عالية المهدي، أن القروض المرتفعة تشكل خطرا على أي اقتصاد في المجمل، محذرة في الوقت نفسه من التمادي في سياسة الاقتراض.
وقالت لـ"عربي21": "بالنظر إلى حجم الدين الذي ارتفع قرابة الضعف منذ 2014 إلى اليوم، فهو بكل المقاييس رقم غير مطمئن ومرتفع للغاية؛ بالنظر إلى المدة القصيرة التي تضاعف فيها".
وحذرت المهدي من "فقاعة الديون"، قائلة: "هناك مخاطر جمة؛ فإذا كان الاقتصاد غير قادر على أن يخلق من الدخل بالنقد الأجنبي ما يكفي لسداد الالتزامات المالية؛ فهي مشكلة كبيرة"، موضحة أن "التزامات مصر ليست دين خارجي فحسب؛ إنما سندات وأذون خزانة وودائع بالعملة الصعبة".
كما اعتبر الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، أن "الرقم الخاص بالدين الخارجي مخيف؛ لأن الدين العام (داخلي وخارجي) سوف يتجاوز الخمسة تريليونات جنيه"، موضحا أن "فوائد الدين ستقضي على أي محاولة لسد عجز الموازنة، وليس أمام الدولة غير التوفير في كل بنود الإنفاق على الخدمات لسد فوائد الديون".
مصر في انتظار الأسوأ
وفيما يتعلق بتصريحات صندق النقد الدولي، الذي أثنى على إجراءات حكومة السيسي الاقتصادية، قال النحاس لـ"عربي21": "تصريحات الصندوق هي كمن يغسل يده لما وصل له الاقتصاد المصري، بل إنه يلم عليها ارتفاع التضخم، ويرى أن هناك شيئا سلبيا كبيرا قادما، وحتى الآن الحكومة غير قادرة على تقليص فاتورة الدعم التي ارتفعت بسبب القرارات الأخيرة".
وحذر من وقوع "مصر في فخ عدم القدرة على الالتزام بسداد فوائد الديون وأقساطها، في حال تراجع الدائنون عن إقراضها"، معتبرا أن "ما تقوم به الحكومة الآن هو ما نسميه "تلبيس الطواقي"، بمعنى أنها تأخذ من (أ) من أجل سداد (ب) وتأخذ من (ج) من أجل سداد (أ)، كما لا توجد إيرادات تعادل البذخ الذي تنفقه الحكومة على المشاريع الضخمة التي لا تدر عوائد"، وفق قوله.
ورأى أن الاحتياطي المصري غير إيجابي؛ "لأن غالبيته ديون، وليس إيرادات حقيقية"، مؤكدا أن "مصر في انتظار أسوأ وأخطر ثلاثة شهور عليها أن تعبرها لتتفادى مخاطر السقوط؛ لأنها مرتبطة بالتزامات مع الصندوق لم تستطع تحقيقها حتى الآن".
رهن مصر سياسيا
من جهته؛ قال أسامة سليمان، محافظ البحيرة في عهد الرئيس محمد مرسي، إن سياسة "هذه الديون ما كانت تقع فيها مصر لولا انقلاب 2013، ما يؤكد فشل رأس السلطة المنقلب، واعتمادها على الاستيراد، والمعونات والقروض، وبيع أصول الدولة، كما يؤكد حالة عدم الاستقرار، بدليل زيادة بند المنح والعلاوات لقطاعات الجيش والشرطة والقضاء على حساب المواطنين"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"عربي21": "هناك مخاطر من انفجار بالونة الديون، وانكشاف مصر أمام الدائنين، وإنقاذها الوحيد كان من جيوب المصريين؛ بتعويم الجنيه ليهبط أمام الدولار من ستة جنيهات إلى 18 جنيها"، مشيرا إلى أن "الطبقة المتوسطة تآكلت، وجزء من الطبقة الغنية هبط للمتوسطة، ولا يوجد سقف لنظام السيسي للتوقف عن الاقتراض".
وشدد على أن هناك مخاوف تتجاوز حدود الاقتصاد، قائلا: "زيادة الديون تشكل مخاطر في استقلال القرار المصري، وتمس الأمن القومي بجعل مواقفها مرهونة بتوجهات الدائنين ومطالبهم".
وأضاف: "زيادة الديون تؤكد أن الحالة الاستهلاكية في ازدياد مقابل تراجع الإنتاج، وارتفاع التضخم والبطالة"، لافتا إلى أن هناك قطاعات معطلة عن العمل، وأنه لا يوجد استثمار إلا في ديون مصر، في حين أن الاستثمار الحقيقي هرب خارج البلاد"، كما قال.