كشفت تحقيقات أجرتها النيابة العامة بمدينة "كاتنيا" الإيطالية عن تورط شركة مالطية في
سرقة النفط الليبي من مصافي مدينة الزاوية، التي تبعد 40 كم عن غرب العاصمة طرابلس، بالتعاون مع مجموعات ليبية مسلحة هناك.
وذكرت عملية التحقيق أن الشركة متورطة في عمليات تجارة مشبوهة من
ليبيا، استخدمت فيها سفن غير مرخصة لشحن النفط الخام للمصافي الإيطالية، ومن بين المعتقلين رئيس مجلس إدارة شركة "ماكس"، وتضم التحقيقات عددا كبيرا من قادة المليشيات الليبية، حسب صحيفة "المرصد" الليبية المحلية.
تمويل الإرهاب
وحذر جهاز الحرس المالي الإيطالي في الأشهر الماضية من إمكانية استيراد النفط من مناطق خاضعة لسيطرة الجماعات الإرهابية في ليبيا، وكانت وجهتها المصافي الإيطالية، داعيا إلى ضرورة القضاء على أي تزويد محتمل في قطاع النفط قد تذهب عائداته إلى تمويل الإرهاب".
وذكرت التحقيقات أن النفط والغاز الليبي يتم سرقته من مصافي مدينة الزاوية؛ ليتم نقله لاحقا عن طريق "مليشيات" مسلحة إلى الساحل، ثم نقله إلى صقلية، وبيعه بوساطة شركة مالطية إلى أسواق إيطاليا وأوروبا.
وطرحت هذه الأنباء، التي لم تعلق عليها الحكومة الليبية حتى الآن، عدة تساؤلات، من قبيل: من هذه المجموعات المسلحة التي تتحكم في النفط في الغرب الليبي؟ وهل سيتم استغلال الحدث من قبل خليفة حفتر؛ لإثبات فشل الحكومة في بسط الأمن في الغرب؟
"مافيا" دولية
من جهته، أكد المتخصص الليبي في شؤون النفط والغاز، طارق إبراهيم، أن "من يقومون بتهريب النفط هم "مافيا" دولية تنشط في تهريب البترول الليبي (نواتج التقطير) من ميناء الزاوية، ونقله عبر البحر إلى جزيرة صقلية من مالطا، بالتعاون مع جهات إيطالية ومالطية، وبتواطؤ مع أمراء (مليشيات) ليبية؛ لتسويقه في الأسواق الإيطالية الفرنسية".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "على حكومة الوفاق الليبية حتى تمنع هذا أن تقوم بالخطوات التالية: تقديم دعم مادي للأجهزة الأمنية، وفتح بنك معلومات مع عمداء بلديات المناطق الحدودية ومنابع التهريب، ثم رفع الدعم عن المحروقات بشكل جزئي وتدريجي، وأن يستبدل به دعم نقدي يصرف للمواطنين"، وفق رأيه.
وأشار الناشط من الجنوب الليبي، علي سعيد نصر، إلى أن "مدينة الزاوية خارج سيطرة الدولة، وتسيطر عليها مليشيات، وبالأخص على
مصفاة الزاوية، وتستغلها في تهريب وهدر ثروة الليبيين، مضيفا لـ"
عربي21": "والحكومة فشلت حتى الآن في وضع حد للقوى المسيطرة على المصفاة".
حكومة فاشلة
وقال الكاتب والأكاديمي الليبي، جبريل العبيدي، إن "سرقة النفط الخام ومشتقات البترول في الزاوية ليس وليد اليوم، وهو منذ سنوات، ولا يحمل وزره فقط حكومة السراج، بل هو ميراث قديم، منذ فبراير 2011، وزمن المؤتمر الوطني، والمنتجات تنهب وتسرق ومنها النفط".
وتابع: "أما بخصوص حكومة السراج "غير قانونية"، فهي ليست في حاجة لإثبات فشلها، فهو ظاهر للجميع، بل واعتراف أكثر من عضو في مجلس السراج بهذا الفشل، فهي أيضا فاشلة في تأمين ميناء الزاوية وغيره"، كما قال لـ"
عربي21".
وأكد عضو المؤتمر الوطني الليبي السابق، محمد دومة، أن "هذه السرقات معروفة عند كل الليبيين، وهناك إيطاليون متورطون أيضا في ذلك، وحكومة الوفاق لا تستطيع أن تفعل شيئا حيال هذه الملفات"، وفق رأيه.
وبخصوص استغلال "حفتر" للأمر، قال لـ"
عربي21": "لا أظن أن القيادة العامة للجيش (قوات حفتر) في حاجة لاستغلال هذا الحدث؛ لأنه أمر ليس بجديد، وحرب صبراتة (غرب ليبيا) الأخيرة كانت إحدى نتائجه".