أثار نشر وزارة التربية الوطنية بالمغرب للائحة بأسماء الأساتذة المتغيبين عن العمل خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، استياء عارما بين الأساتذة في ربوع المملكة، الذين اعتبروا هذه الخطوة بمثابة "تشهير" بهم، ما دفعهم للاحتجاج في العديد من المؤسسات التعليمية، أمس الخميس.
بلاغ "التشهير"
وكشفت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي عما مجموعه 611 متغيبا في صفوف هيئة أطر التدريس خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بعدد أيام يقدر بـ 2985 يوما.
وحسب بلاغ للوزارة توصلت "عربي21" بنسخة منه، فإن "أكثر عدد من المتغيبين كان بالسلك الثانوي الإعدادي بـ211 متغيبا أي ما يعادل 0.41 في المائة من مجموع الأساتذة بهذا السلك، بمقدار 1068 يوم غياب، متبوعا بالسلك الابتدائي بـ202 متغيب بـ0.18 في المائة وهو ما يقابل 1072 يوم غياب، ثم السلك الثانوي التأهيلي بـ198 متغيبا بما يقدر بـ844 يوما".
كما سجلت الوزارة، "430 شهادة طبية وردت عليها بعدد أيام العمل يقدر بـ2539 يوما"، مضيفة أن "أكبر عدد من المتغيبين بجهة الشرق بـ108 متغيبا بما يعادل 495 يوما، في حين سجل أقل عدد منها بجهة وادي الذهب لكويرة بمتغيبين بمقدار 4 أيام".
وأوضح البلاغ أن "أكبر عدد من المتغيبين بالمديرية الإقليمية بالرشيدية بـ37 متغيبا، متبوعة بالمديرية الإقليمية لبركان بـ35 متغيبا، ثم المديرية الإقليمية لوجدة أنكاد بـ26 متغيبا"، ولفتت الوزارة إلى تسجيلها لـ"159 متغيبا لمدة أربعة أيام فأكثر بما يعادل 2015 يوم غياب".
وأرفقت البيان بأسماء الأستاذات والأساتذة المتغيبين والجهة الإدارية التي ينتمون إليها وكذا عدد الأيام التي تغيبوا فيها.
نقابات: إساءة مبيتة تستوجب المساءلة
وعلى إثر نشر لوائح المتغيبين، دعت ثلاث نقابات تعليمية مركزية لوقفات احتجاجية تزامنا مع استراحة الفترة الصباحية واستراحة الفترة الزوالية، مع حمل الشارة الحمراء تعبيرا عن "الغضب".
جاء ذلك، في بيان مشترك حمل توقيع الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، والجامعة الحرة للتعليم، والجامعة الوطنية للتعليم، توصلت "عربي21" بنسخة منه.
واعتبر البيان عملية نشر الوزارة لوائح غياب نساء ورجال التعليم "إساءة مبيتة للشغيلة التعليمية ولممثليها تستوجب المساءلة القانونية والكشف عن الدواعي الكامنة وراء هذا الإجراء السياسي الغريب عن قطاع التربية والتكوين مهنيا وتربويا".
ورفضت النقابات التعليمية الثلاث ما أسماه "منطق التشهير والإساءة لنساء ورجال التعليم وتوظيف شؤونهم الخاصة ومعطياتهم المهنية، وتأكيدها على مواجهة أية قرارات مماثلة تمس كرامة نساء ورجال التعليم".
واعتبرت "أن عملية نشر لائحة الغياب عملا خارج المعمول به قانونيا وتربويا اعتداء كامل الأركان على حقوق الشغيلة التعليمية".
وعبر الأساتذة، من خلال صفحات "فيسبوكية"، عن عزمهم خوض احتجاجات تصعيدية خلال الأيام المقبلة، من أجل وضع حد لما أسموها بـ"المخططات التخريبية التي تنهجها وزارة حصاد ومعها الحكومة المغربية"، مؤكدين أن "النضال هو الحل الأوحد الكفيل بالوقوف في وجه كل ما من شانه المس بكرامة رجال ونساء التعليم".
ودعا عدد من الأساتذة وزير التعليم، إلى الكشف عن أسماء "الموظفين الأشباح" الذين يملؤون نيابات التعليم "في إطار الشفافية"، على حد تعبيرهم.
وطالبت النقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان لها، بـ"نشر لوائح المفسدين الحقيقيين في قطاع التعليم وفي باقي القطاعات، لوائح الموظفين الأشباح، لوائح الأقسام بدون أساتذة، لوائح تلاميذ القرى بدون نقل مدرسي وبدون مطاعم، لوائح السكنيات الوظيفية المحتلة من لدن المتنفذين المتستر عليهم، لوائح المؤسسات التعليمية بدون مدير، لوائح الخصاص في المفتشين والمستشارين في التوجيه والتخطيط، وفي أطر الدعم التربوي والإداري والاجتماعي…".
واعتبر المختص في قضايا التربية والتكوين، محمد الدرويش، أن نشر لوائح الأساتذة المتغيبين "يعد تشهيرا وإفشاء للسر المهني"، وقال في مقال رأي إن "عمليات زجر الغياب والحث على الحضور والتحفيز على العمل والمردودية والقيام بالواجب المهني لها ضوابطها القانونية والإدارية والأخلاقية".
بدوره قال الأستاذ محمد باها في مقال عنونه بـ"التعليم والتشهير" إن "ما أقدمت عليه وزارة حصاد، من نشر على العموم لأسماء الأساتذة المتغيبين، سواء أكان غيابهم بسبب المرض أو لمجرد الإرهاق أو لأي عذر آخر قاهر، بل وحتى ولو كان بسبب اللامسؤولية والإهمال، فإن ذلك النشر يعد خرقا صريحا لمقتضيات القانون، وتصرفا ارتجاليا لا يليق بإدارة عمومية، يفترض أن بحوزتها ما يكفي من الإجراءات المسطرية لزجر الغيابات اللامبررة".
ولفت إلى أن المتضررين من اللائحة لهم "كامل الحق في مقاضاة الوزارة بتهمة إفشاء أسرار تخص حياتهم الشخصية والمهنية بغرض التشهير، ويتعمد الإساءة إلى السمعة، علما أن هكذا خروقات تقع تحت طائلة القانون الجنائي، علاوة على الإجراءات التأديبية الخاصة بالوظيفة العمومية".