بعد غياب يومين كاملين عن التعليق على هجوم
الواحات الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوف ضباط رفيعي المستوى وعناصر من
الداخلية
المصرية عقد رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي اجتماعا أمنيا كبير المستوى
وخرج ببيان تحدث في العموميات.
وعلى خلاف حوادث أمنية سابقة كان رد السيسي
فيها سريعا ومتفاعلا مع الحدث مثلما حصل في التفجير الانتحاري لكنيسة البطرسية حين
زار الكنيسة وأعلن اسم الانتحاري وبعض الحوادث في رفح التي أعلن فيها قرارات فورية
تحدث بيان الاجتماع عن تقديم التعازي لذوي القتلى ومواصلة الحرب على
"الإرهاب".
وشارك في اجتماع اليوم وزير الدفاع صدقي صبحي
ووزير الداخلية مجدي عبد الغفار ورئيس جهاز المخابرات خالد فوزي وعدد من كبار
قيادات وزارة الداخلية والدفاع.
وقال بيان الرئاسة
المصرية إن السيسي "وجه ببذل أقصى الجهد لملاحقة العناصر الإرهابية التي
ارتكبت الحادث وتكثيف الجهود الأمنية والعسكرية لتأمين حدود البلاد من محاولات
الاختراق".
وبررت الرئاسة العملية
بأنها "تختلف عن الحروب النظامية" مشيرا إلى أن "رجال القوات
المسلحة والشرطة نجحوا خلال السنوات الماضية في تجنيب الوطن المسارات التي شهدتها
الدول التي تفشى فيها الإرهاب".
ويرى مراقبون أن خروج
الاجتماع الأمني رفيع المستوى دون مقررات وببيان تضمن رسائل عامة وروتينية وبعد
غياب يومين عن التطرق الرسمي للحادثة بأنه جزء من حالة الإرباك التي أصابت النظام
في مصر بسبب طبيعة العملية ونوعية وعدد القتلى الذين راحوا فيها.
البرلماني المصري السابق عادل راشد قال إن
نظام السيسي: "تعامل بطريقة شديدة البرودة مع حدث بهذا الحجم الكبير وعدد
الضحايا والرتب بسبب الشكل الجديد الذي نفذت فيه".
وأوضح راشد لـ"
عربي21" أن إدارة
المشهد من قبل نظام السيسي تبدو مرتبكة حتى الآن من خلال اجتماعه الأمني بعد يومين
وحتى على صعيد إعلامه الذي قام بتسريب مقاطع من محادثات اللاسلكي وجرى تحويل بعضهم
لنيابة أمن الدولة العليا.
وأشار إلى أن "طريقة تنفيذ العملية
وإحكام القوة النارية عليها بحيث لم ينج إلا القليل انعكست على أداء النظام وظهر
ما يشبه الأصابع الخفية التي تلعب من الداخل في ظل الحديث عن تسريب لسير تحرك
الرتل الأمني وعدد الضباط الكبار الذين كانوا فيه بشكل غير مسبوق".
ولفت راشد إلى أن السيسي من الاجتماع بسلسلة
رسائل "روتينية ومعتادة في مثل هكذا حوادث على خلاف ما فعله بعد تفجير
الكنيسة البطرسية وذهب بنفسه لإعلان اسم المنفذ كذلك خروجه بعد بعض العمليات على
الحدود الشرقية وتوجهه لقصف ليبيا".
وأضاف: "السيسي ذهب للاحتفال في العلمين
بشأن ذكرى مر عليها 75 سنة لكنه تجاهل حادثة لم يمض عليها 75 ساعة والدماء ما زالت
تسيل وحتى أنه لم يعلن الحداد".
وعلى صعيد محاسبة المسؤولين عن العدد الكبير
من القتلى والمصابين في حادثة الواحات وعدم اتخاذ قرارات بإقالة مسؤولين أو
تحويلهم للتحقيق قالت راشد: "السيسي لا يستطيع إقالة وزير الداخلية الآن أو
أي من قيادات الداخلية كما فعل حسني مبارك مع حسن الألفي حين أقاله على الهواء
وعين بدلا منه حبيب العادلي".
وأوضح أن أركان الأمن لدى السيسي تحولوا إلى
ما يشبه "العصابة" على حد وصفه لكنه شدد على أن الإطاحة بوزير الداخلية
مجدي عبد الغفار بهذا التوقيت "ستزيد من جرح الداخلية وحجم الإلتهاب خاصة أن
الخسائر الكبيرة منهم".
من جانبه برر الخبير العسكري اللواء عبد المنعم
كاتو خروج الاجتماع الأمني برسائل عامة دون اتخاذ إجراءات واضحة ومعلنة كما كان
يجري في السابق بأن "القرارات سرية".
وقال كاتو لـ"
عربي21" إن اجتماع
اليوم كان بهدف "تقديم معلومات وتحقيقات للرئيس وتقدير موقف بعد
العملية" لكنه أشار إلى أن "الموضوعات العسكرية التي دارت في الاجتماع
لا تعلن وتحال إما للتنفيذ الفوري أو تؤجل لظرف آخر".
ورأى أن هناك "غضبا" في صفوف
القيادات الأمنية عقب العملية وسـ"يظهر هذا الغضب خلال الفترة المقبلة
بإجراءات على الأرض" على حد قوله.
يذكر أن وزارة الداخلية المصرية قالت إن قوة
أمنية جرى استهدافها في منطقة الواحات بمحافظة الجزيرة وأشارت إلى وقوع 16 قتيلا
في صفوف القوات الأمنية.
وقالت الداخلية إن القوة الأمنية كان في
طريقها لمهاجمة "مكان لاختباء مجموعة من العناصر الإرهابية" على طريق
أكتوبر الواحات بالجيزة.
ولفتت إلى أن المأمورية الأولى التي توجهت
للمكان تعرضت لإطلاق نار بالأسلحة الثقلية من كافة الاتجاهات ودارت اشتباكات لعدة
ساعات.
وفي الحصيلة الرسمية التي أعلنتها الداخلية قالت إن 11
ضابطا و 4 مجندين ورقيب شرطة قتلوا في الاشتباكات لكن مصادر إعلامية ووكالات أنباء
قالت إن عدد القتلى وصل إلى 58 قتيلا وعدد آخر من المصابين.