بعد قرارات "ابن سلمان".. إلى أين تتجه المعارضة في السعودية؟

اعتقالات للعلماء والمشايخ والنشطاء، والسماح للمرأة بقيادة السيارات، ودخول الملاعب، وتصريحات من ولي العهد السعودية بـ"تدمير التطرف"، كل هذه مراحل جديدة على المملكة العربية السعودية ظهرت مع تولي ابن سلمان ولاية العهد خلفا لمحمد بن نايف.

وتبع هذه القرارات معارضة بعض الشخصيات التي أدانت كل هذه التحولات التي تشهدها المملكة، واعتبرتها " متعدية على الهوية الإسلامية للمملكة".

وبحسب بيان وصلت "عربي21" نسخة منه فإن مجموعة من السعوديين عرفوا أنفسهم بأنهم من المتخصصين والمهتمين بشأن الوطن، وعلماء، ومهنيين، وأصحاب رأي، أطلقوا ورقة هي الأولى من نوعها بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت علماء ودعاة سعوديين.

وقال الموقعون على الورقة إن المعتقلين هم من "أعيان المجتمع ورموزه المعروفة بالاتزان والهم الوطني والحضور الدائم في المناسبات الوطنية الثقافية والاقتصادية والمجتمعية".

اقرأ أيضا: نخب سعودية تستنكر الاعتقالات الأخيرة وتتوقع حملة شيطنة

وأشاروا إلى أن الاعتقالات جاءت بعد تغييب ولي العهد السابق، محمد بن نايف، وأن الفترة التي يعتقل فيها عدد من "أصحاب المعالي ووكلاء وزارات وقضاة وأساتذة جامعات وعلماء وشعراء وإعلاميين ورجال أعمال" هي الفترة الأغرب التي تمر على المملكة العربية السعودية.

سبق هذا البيان قرارات الهيئة الرياضية بالمملكة بالسماح بحضور النساء للملاعب الرياضية، لتصف صحيفة "عكاظ" هذه القرارات التي تخص المرأة من قيادة السيارات ورئاسة الهيئات الرياضية، ومحاربة من أسمتهم "المتطرفين" بـ"سعودية جديدة.

وربما تصدر قرارات أكثر جرأة في القريب العاجل طبقا للتوجه الجديد في المملكة، حسبما أكد مراقبون.
كل ما سبق جعلنا نطرح أسئلة هامة عن حقيقة تواجد حركات معارضة للنظام في المملكة، وعن طبيعة حراكها على الأرض، ومدى استطاعتها في التغيير، وكذلك سبب سكوت القبائل التي تحتكم لأعرافها القديمة وسياستها الدينية على قرارات تخص نساءهم، كانوا يرون في السابق أنها محرمة عليهن.

الأستاذة بمركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية الدكتورة مضاوي الرشيد  قالت لـ"عربي21" إن أي حراك على الأرض فى المملكة العربية السعودية في هذا التوقيت مستحيل في ظل الأجواء القمعية التي بدأت مع الحكم الحالي، لذلك بعض الأصوات بدا أنها تستغل مساحة مفتوحة مثل الإنترنت والسوشيال ميديا للتعبير عن أرائها، لكن الحراك على الأرض معدوم تماما خاصة وأن كثيرا من رموز هذا الحراك هم الآن في السجون.

اقرأ أيضا: هذه رسالة "علماء المسلمين" إلى "كبار العلماء" بالسعودية

وكشفت عن أنه طالما أن محمد بن سلمان يبيع الأوهام يوميا للشعب بمدن خيالية، ومن أشخاص آليين، ومن أخبار تدغدغ مشاعر بعض الجهات في السعودية كالسماح للمرأة بالقيادة، ودخول الملاعب، وتعيينات نسائية هنا وهناك، فالحراك مخنوق لكن هناك من يترقب ما تسفر عنه هذه التغييرات التي حصلت، وقد يؤدي هذا في المستقبل إلى احتقان قد ينفجر.

ولفتت إلى أن هناك مجموعات شعبية تسرها قرارات بن سلمان وستتجاوب بالفعل، مثلما حدث في احتفالات اليوم الوطني عندما سمح بالرقص في الشوارع، مؤكدة أن هناك شريحة سعودية قررت أنها ستستجيب لهذا النداء، وخرجت إلى الشوارع، وكذلك موضوع دخول النساء إلى ملاعب كرة القدم ستكون هناك شعبية له عند بعض الفئات، لكن لن يوجد إجماع شعبي على مثل هذه التحولات التاريخية الاجتماعية التي تستفز بعض الجهات خاصة التقليدية التي تريد الحفاظ على الهوية السعودية كما عرفناها.

وأشارت إلى أن "هناك شرخا إجتماعيا بين هذه الشرائح التقليدية، وبين شرائح يسمونها زورا ليبرالية لأن لا يوجد عندها مفهوم لليبرالية سوى هذه المظاهر التي تجذب انتباهها". 

المعارض السعودي الدكتور سعد الفقيه اتفق معها قائلا إن النظام السعودي الآن لم يعد تهمه الأعراف، ولا أراء الشعب السعودي، ويفعل ما يريد لأن هذه الأراء لا تستطيع التغيير سلميا في الوقت الحالي.

وتوقع الفقيه في تصريح لـ"عربي21" ألا يحدث تغيير بطريقة سلمية في الفترة القريبة، لافتا إلى أنه يخشى أن تعود تجربة "جهيمان" التي حدثت في السبعينيات ويكون التعبير والتغيير مسلحا، لكنها ربما تصبح أكثر تخطيطا أو تنظيما من الفترات السابقة.

وأكد أن قيادة السعودية سابقا تمكنت من الحصول على شرعية دينية لإقناع مجموعة من العلماء بأن تراعي الشكليات فقط في الدين والتركيز على قضايا المرأة فقط (تحريم قيادة السيارة- الملاعب، وغيرها)، وتصوير هذه القضايا للناس بأنها القضايا الجوهرية، ويتركون قضايا الفساد وأكل أموال المسلمين، ومساعدة الطغاة في قتل المسلمين أيضا في جميع أنجاء العالم "حسب قوله".

وتابع: "هذه القرارات الآن لم تعد مجدية، ويقومون بتبريرها، ومحاولة إقناع الشعب بهذا الإسلام التقليدي سيعجز الموالون للنظام الحالي عن إيجاد مبرر لها في القريب".

وعن قرارات النساء بين أن بن سلمان ونظامه سيجلبون مجموعة من النساء للملاعب للتأكيد أن هناك تجاوبا شعبيا مع قراراتهم، لكن ربما بسبب النزعة القبلية للمجتمع السعودي يكون السلاح له قول في هذا الأمر.

وحاولت "عربي21" التواصل مع بعض الشخصيات المعنية بالأمر في المملكة العربية السعودية لإبراز رأيها، لكن محاولاتها لم تفلح بالوصول لأحدهم .