هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتح الاستهداف الأمريكي المباشر والمفاجيء لتنظيم الدولة بالصومال الباب واسعا حول تداعيات الضربة وتوقيتها والأسباب التي دفعت بالبنتاغون لتسخين المواجهة هناك .
ووفقا لمراقبين فإن الغارتين هما أول ضربتين تشنهما واشنطن ضد التنظيم في هذا البلد، مما جعلنا نطرح أسئلة عن أسباب الغاراتين في هذا التوقيت بالذات، وهل هما بداية لنقل مسرح العمليات الأمريكية من سوريا والعراق للصومال.
قال الباحث في شؤون أفريقيا الشرقية والبحيرات العظمى، علي جبريل الكتبي، إن الضربة الجوية الأمريكية التي استهدقت قيادات تنظيم الدولة في الصومال تعتبر سابقة أولى من نوعها، ما يفسر بأن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتوسيع عملياتها في الصومال لتشمل "داعش" بعد أن كانت عملياتها محصورة ضد حركة الشباب الموالية للقاعدة.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن أهمية الضربة الأمريكية الجديدة واستهدافها لقيادات التنظيم تأتي في إطار سعيها لتحجيم تمدد تنظيم الدولة الذي بات يبحث منذ سنوات عن موطىء قدم له في القرن الإفريقي؛ رغم نجاح حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة على قمع أنصاره واغيتال العديد من قياداته.
اقرأ أيضا: قتلى بغارات أمريكية على مواقع لـ"الشباب الصومالية"
وأكد أن الضربة تعتبر أيضا خطوة استباقية أمريكية لإجهاض جهود التنظيم ومحاولاته لتشكيل قوة إرهابية قادرة على تنفيذ هجمات قد تكون خطيرة داخل الصومال وفي دول القرن الإفريقي عموما علما أن مناطق وجود التنظيم في الصومال قريبة من السواحل اليمينة الأمر الذي يسهل للتنظيم في تسريع تعزيز نفوذه عبر اليمن.
ولفت إلى أنه يبدو أن هناك مخاوفا أمريكية من أن يكون التنظيم قوة إرهابية في المستقبل القريب أكثر فتكا من حركة الشباب.
وأوضح أن الشيخ عبد القادر مؤمن أمير داعش فرع الصومال يعتبر أيضا عاملا آخر يجعل الولايات الأمريكية تنفذ غارات من هذا النوع لأول مرة حيث ظل مؤمن مرشحا قويا لخلافة البغدادي.
وبيّن أنه بعد الهزائم المتلاحقة للتنظيم في العراق ربما أدركت الولايات المتحدة الأمريكية احتمالية تركيز التنظيم في الصومال كنقطة انطلاق مستقبلية.
عبدالرحمن سهل يوسف الخبير في الشؤون الإفريقية، والتنظيمات الإرهابية، بالصومال، أكد أيضا أن توجيه الضربات الجوية العسكرية الأمريكية لمعاقل "تنظيم الدولة" في الصومال، ليس جديدا، ويتم بالتنسيق مع الحكومة الصومالية.
وقال سهل في تصريح لـ"عربي21" إن الغارات الأمريكية تنفذ منذ عام 2007، ولا يُتوقع توسعها في الأيام المقبلة، لكنها ربما تحمل رسائل منها الوقوف مع الصومال وخاصة في إقليم "بوتنلاند" الذي نفذت فيه "داعش" هجمات انتحارية في مدينة بوساسو، التي تقرُب من معقل تنظيم الدولة حوالي 80 كيلو مترا.
اقرأ أيضا: أردوغان: صحوة تركيا وصعودها يزعج التنظيمات الإرهابية
وعن سبب توجيه أمريكا للضربات وعدم المبادرة من الصومال أوضح سهل أن الجيش الصومالي استطاع مواجهة داعش من قبل، لكنهم محصنون في مناطق جبلية تحتاج إلى ضربات جوية، وأسلحة جوية متطورة لا تملكها حكومة مقدشيو بسبب قانون منع توريد السلاح للصومال من الأمم المتحدة عقب إنهاء الحكومة العسكرية.
ولفت سهل إلى أن الغارات العسكرية لن تنهى "داعش" من الصومال، فهم بحاجة لعملية برية تقضي عليهم، فمن المتوقع أن تكون هناك فرصة لهروب عناصرهم من سوريا والعراق إلى دول أخرى منها "الصومال"، مبينا أن الأخطر من تنظيم الدولة هم حركة الشباب التي تسيطر على وسط وجنوب الصومال، فلابد معهم من معركة برية تقضي على هذه التنظيمات.
وأشار إلى ضرورة تقوية ودعم الحكومة الصومالية ماليا، ودعم بناء الجيش الصومالي، وتحقيق مصالحة شاملة بين كل الأطراف السياسية في البلاد.
من جهتها قالت رئيس الوحدة الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات الإفريقية الدكتورة أماني الطويل إن الغارات التي استهدفت معاقل تنظيم الدولة في الصومال تأتي في إطار استراتيجية شاملة لأمريكا في محاربة الإرهاب، حيث إن هناك بالفعل هناك 6 آلاف عنصرا أمنيا أمريكا في القارة الإفريقية.
وأكدت في تصريح لـ"عربي21" أن هذا له عدد من الأهداف منها محاربة الإرهاب، وتقزيم المليشيات في القارة الأفريقية، وإثبات النفوذ الأمريكي في القارة إزاء فرنسا التي تبني قواعد عسكرية وتقيم تحالفات عسكرية مع دول غرب إفريقيا.
وأضافت الطويل أن إفريقيا عليها صراعات منها ما هو عسكري مرتبط بالنفوذ، ومنها ما هو مرتبط بالحصول على الموارد بالقارة.
وأكدت أن توقيت الضربات يأتي لمحاولة أمريكا تحجيم فرص الانتقال والحركة لفلول "داعش" في الشام، والعراق، وتوجيه رسالة أن إفريقيا لن تكون ساحة خالية من الضربات الأمريكية، وغير مرحبة بمثل هذا الأداء الذي كان في السابق.
وسيطرت جماعة موالية لتنظيم الدولة الشهر الماضي على بلدة ساحلية صغيرة في منطقة "بلاد بنط" وهي أول بلدة تسيطر عليها منذ ظهورها قبل عام.
كما شنت الولايات المتحدة بين الحين والآخر ضربات ضد حركة الشباب في الصومال والذين لهم وجود قوي في مناطق في جنوب ووسط البلاد وينفذون هجمات بالأسلحة والقنابل.
وقتل أكثر من 350 شخصا في تفجيرين في العاصمة مقديشو الشهر الماضي في أكثر هجوم دموية في تاريخ البلاد.
وفي وقت سابق من العام الحالي منح البيت الأبيض الجيش الأمريكي صلاحيات أوسع لتنفيذ ضربات في الصومال ضد حركة الشباب.
وكان مسؤول أمريكي أعلن أمس الجمعة أن بلاده شنت غارتين جويتين على مسلحي تنظيم الدولة في الصومال.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي -طلب عدم نشر اسمه- أن الضربتين نفذتا في شمال شرقي الصومال، وأن تقييما لا يزال جاريا لمعرفة عدد مسلحي التنظيم الذين أصيبوا في الغارتين.
وكان تنظيم الدولة تنبى في مايو/ أيار الماضي تفجيرا استهدف نقطة تفتيش أمنية في مدينة بوصاصو بولاية بونتلاند (شمال شرقي الصومال)، وأوقع خمسة قتلى وخمسة جرحى.
وفي فبراير/ شباط 2017 أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن هجوم استهدف فندقا في مدينة بوساسو نفسها، وأسفر الهجوم حينها عن مقتل ستة أشخاص، بينهم اثنان من المهاجمين.