هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "إلموندو" الإسبانية إن انسحاب تنظيم الدولة من مدينة دير الزور في شرق سوريا، سيفتح الباب أمام حرب بالوكالة في شرق سوريا.
وأضافت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن انسحاب التنظيم حرمه من منطقة هامة كان يستفيد فيها من الموارد الطاقية لتأمين مداخيله.
وأوضحت أنه يمكن أن يندلع صراع بين واشنطن وحلفائها الأكراد من جهة وموسكو وطهران ونظام الأسد من جهة أخرى في سبيل السيطرة على هذه المنطقة الإستراتيجية.
وقالت الصحيفة، إن قوات النظام السوري أعلنت يوم أمس الخميس عن استعادتها لمدينة دير الزور بالكامل من قبضة تنظيم الدولة، ما دفع بمقاتلي التنظيم نحو الصحراء الشاسعة في شرق البلاد. وعلى الرغم من امتداد جزء هام من الصحراء في شرقي سوريا، إلا أن هذه المنطقة تمتاز بوفرة الموارد الطاقية وأهمية موقعها على المستوى الإستراتيجي.
وذكرت الصحيفة أن إعلام النظام السوري تحدث بفخر كبير عن هذه التطورات في دير الزور، باعتبار أنها تدخل ضمن جهود بشار الأسد لإعادة تنظيم صفوفه والظهور في ثوب المنتصر في هذه الحرب، بالتزامن مع تراجع أصوات المجتمع الدولي المطالبة بتنحيه عن السلطة.
وأفادت الصحيفة بأن تنظيم الدولة حاصر مدينة دير الزور منذ شهر أيار/ مايو من سنة 2015، مع العلم أنه كان فيها حوالي 7 آلاف من قوات بشار الأسد، و180 ألفا من المدنيين. وقد نجح التنظيم في فرض سيطرته بسهولة وسرعة بفضل جمعه بين إستراتيجية العنف والترهيب، وقدرته على عقد التحالفات مع السكان المحليين باستخدام إغراءات المال وأرباح بيع الموارد الطاقية.
كما أوضحت الصحيفة أن تراجع قوة تنظيم الدولة تعود بالأساس إلى نجاح طيران القوات الروسية والتحالف الدولي من خلال استهداف بنيته التحتية، التي كان يعتمد عليها لاستخراج ونقل المواد الطاقية خلال العامين الماضيين.
واعتبرت الصحيفة أن تقهقر نفوذ التنظيم في دير الزور يفتح الباب أمام حرب بالوكالة، تدعم فيها واشنطن قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر عليها أغلبية كردية مقربة من منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، بينما تدعم روسيا وإيران قوات نظام بشار الأسد ومجموعة من المليشيات الشيعية، من أبرزها حزب الله اللبناني.
وأوردت الصحيفة أنه لدى كل من التحالف الأمريكي وقوات سوريا الديمقراطية، وروسيا وإيران والأسد أهدافا متباينة في سوريا، حيث ستعمل مختلف هذه الأطراف على تحقيقها الآن بعد هزيمة عدوهم المشترك، تنظيم الدولة.
وتتمثل هذه الأهداف أساسا، بحسب الصحيفة، في السيطرة على موارد الطاقة التي خلفها التنظيم، كما ستسعى طهران لتحقيق هدف آخر فردي يتمثل في فتح ممر مباشر من إيران نحو لبنان، سوف يوسع نفوذها في المنطقة ويمكنها من نقل السلاح لحلفائها.
وحذرت الصحيفة من أن احتدام التنافس بين التحالفين ينذر باشتعال فتيل النزاع في أي لحظة، في ظل تزايد احتمالات وقوع حوادث أو مواجهات مباشرة. فقبل أسبوعين، سيطرت قوات النظام السوري على مدينة الميادين القريبة من دير الزور، وفي نفس الوقت أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن سيطرتها على آبار النفط في منطقة حقل العمر النفطي.
ونقلت الصحيفة عن فابريس بالانش، الأستاذ والباحث في الصراع السوري في معهد واشنطن، قولا أكد فيه أن "الولايات المتحدة أرادت السيطرة على آبار النفط ومنطقة الحدود العراقية السورية من أجل التصدي للممر الذي تسعى إيران لفتحه، إلا أنها لم تنجح في ذلك نظرا لأن قوات النظام السوري كانت أسرع منها. كما مكنت السيطرة على مدينة الميادين، بحكم قربها من مدينة البوكمال، قوات الأسد من قطع الطريق أمام مرور قوات سوريا الديمقراطية نحو جنوب دير الزور".
وأضاف فابريس بالانش أن "قوات سوريا الديمقراطية تواجه صعوبة في توسيع وتحصين منطقة الحكم الذاتي التي يسعى الأكراد لإقامتها، حيث فشلت في السيطرة على مناطق في دير الزور، التي تعيش فيها تاريخيا قبائل عربية مناوئة للأكراد، وهو ما قد يدفع بالولايات المتحدة لإيقاف دعمها للأكراد الأمر الذي يخدم مصالح الأسد".
وأوضحت الصحيفة، استنادا إلى ما أفاد به بالانش، أنه بالنظر للطريقة التي خسر بها إقليم كردستان العراق مدينة كركوك قبل أسبوعين، وفي ظل عدم تدخل الولايات المتحدة لمساندة الأكراد، لم تعد قوات سوريا الديمقراطية تثق في حليفتها واشنطن، وأصبحت تسعى لإبرام اتفاقات مع دمشق.
وبين فابريس بالانش أن الأكراد في سوريا فهموا الرسالة جيدا وهذا يعني أنهم لن يرفعوا السلاح في وجه قوات النظام السوري. ولكن، يبقى السؤال المطروح الآن عما إذا كان تغير الموقف الكردي من النظام سيؤثر على موقف دونالد ترامب.
وتجدر الإشارة إلى أن ترامب يلوم إيران ويتهمها بدعم الإرهاب، وبالتحديد حزب الله اللبناني، ولعل هذا ما جعله يسلط العقوبات على الحرس الثوري الإيراني.