هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سيطرت تكهنات واسعة حول لقاء ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بزعيم حزب "التجمع اليمني للإصلاح"، محمد اليدومي، قبل يومين، الذي يحدث للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام على الحرب في اليمن التي يقودها التحالف بقيادة الرياض.
وأثار اللقاء تساؤلات عدة عن خلفياته، وهل نحن أمام انفتاح سعودي طويل الأمد، مع الحزب ذي التوجه الإسلامي؟، وما مدى رضا "أبو ظبي" التي تعتبره "عدوا لها"؟، أم أن الأمر لا يعدو عن كونه "تسخين آني أو تكتيكي لا غير"، تفرضه طبيعة المرحلة الحالية التي تمر بها السعودية، بحسب مراقبين.
وكان لافتا، أن هذا اللقاء، جاء بعد يومين من لقاء أجراه ابن سلمان مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بحثا فيه آخر المستجدات والتطورات في اليمن، والجهود المبذولة تجاهها. وفقا لوكالة "واس".
تمهيد للحسم
وتعليقا على هذا الأمر، يرى رئيس مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث، عبد السلام محمد أن اللقاء يحمل دلالات واضحة تتمثل في توثيق العلاقة مع تحالفات الشرعية والدولة اليمنية، بما يمهد لخيار الحسم العسكري في صنعاء والحديدة (غربي البلاد).
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن هذا اللقاء جاء بعد حملات إعلامية و محاولات تشكيك بين التحالف العربي وحلفائه الميدانيين ولعل أبرزهم "الإصلاح"، حد قوله.
وأكد محمد أن لقاء ولي العهد بقيادة الإصلاح أتى بعد يوم من لقاء الرئيس هادي، معتبرا أنه بمثابة رد عملي على تلك الحملات ويبدو أن بعد هذه اللقاءات ترتيبات على الأرض بشكل مختلف عن ما سبق.
وأوضح رئيس مركز "أبعاد" أن الإصلاح ليس قوة عسكرية ولا ميلشيا، حتى يتم التفاهم معها على وضع عسكري، وإنما يأتي اللقاء معه كحليف سياسي قوي للشرعية والتحالف على الأرض.
وبحسب السياسي محمد، فإن أهم مكتسبات لقاء بن سلمان بزعيم حزب الإصلاح تكمن في "إيصال رسالة للمجتمع الدولي أن دعمها للرئيس هادي وشرعيته وحلفائه مستمرة حتى استعادة الدولة اليمنية".
وحول موقف الإمارات العاملة ضمن التحالف العربي التي لا يروق لها الحزب، يعتقد أن توجه تم الإجماع عليه، بعد صاروخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، الذي أطلقه الحوثيون باتجاه مطار بالرياض، والذي يشير إلى "ضرورة الحزم في استعادة الشرعية ودعم حلفائها السياسيين والميدانيين".
من المبكر التفاؤل
من جانبه، قال الكاتب والسياسي السعودي، جمال خاشقجي إن اللقاء هو "الشيء الصحيح" لتجاوز عملية التهميش التي يعاني منها الحزب اليمني.
جاء ذلك في تغريدات نشرها على حسابه بموقع "تويتر" بعد ساعات من اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي بقادة حزب "الإصلاح".
ولم يبد تفاؤله بهذا اللقاء، معتبرا أنه من المبكّر التفاؤل أن هناك تغيرا استراتيجيا سعوديا، حصل بلقاء ولي عهد المملكة بالإصلاح.
لكنه أردف قائلا: أن ثمة أمل بذلك في مواجهة المشروع الصفوي غير ممكنة باستمرار تفكك الصف السني.
وكتب في تغريدة ثانية أن اجتماع ابن سلمان بقيادات الإصلاح المقيمة بالرياض منذ بداية الأزمة هو "الشيء الصحيح".. فلا حل في اليمن بتهميشهم وهم قوة شعبية معتبرة هناك.
ووفقا للسياسي السعودي فإن كسر الإصلاح كان هدفا للحوثيين منذ بداية تقدمهم في عمران (شمالا) وحتى صنعاء (2014 -2015)، وتم استهداف مؤسساته واعتقال كوادره، بالإضافة إلى أن معظم المعتقلين بصنعاء حتى اليوم "إصلاح" ولكنهم ثبتوا وصمدوا.
تطور مثير
وفي هذا السياق، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي أن لقاء ولي العهد السعودي مع قيادة الإصلاح تمثل تطورا مثيرا للاهتمام، كونها جاءت بعد فترة طويلة من الإقصاء والاستعمال ومحاولة الاغتيال السياسي للحزب ودوره في الساحة اليمنية.
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" أن هذا التقارب لا يأتي في سياق انفتاح على شريك سياسي، بل هو ضرورة أملتها الظروف الراهنة المحيطة بالمملكة إلى جانب الأوضاع الداخلية المضطربة فيها، على حد قوله.
وأضاف التميمي أن اللقاء لا يعدو كونه "تحييدا مؤقتا للموقف الدعائي تجاه الإصلاح الإخواني ـ حد وصفه ـ، بما يسمح بالاستفادة من دوره في إبقاء الموقف اليمني متسقا مع أهداف التحالف وخطط المملكة الهادفة إلى إنهاء المهددات الوجودية المحيطة بها من كل جانب".
لكنه استدرك قائلا أن اللقاء بحد ذاته "أسس للتحول السعودي الذي طال أمده تجاه الإصلاح وبقية القوى السياسية المؤيدة للتحالف، التي همشت طيلة الفترة الماضية، لافتا إلى أن مستوى التغطية الإعلامية لهذا اللقاء يشير إلى أنه "كان لقاء ضروريا، لتهيئة الرأي العام السعودي، في أعقاب جرعة تحريضية طويلة الأمد، تعرض لها الحزب والإخوان المسلمين".
وتوقع السياسي اليمني أن تكون هناك ارتدادات في علاقة الرياض بأبو ظبي، بعد هذا للقاء، حيث تعاملت الأخيرة مع الإصلاح باعتباره "الهدف العسكري الأول لها في اليمن".
كما أكد أنه إذا لم يكن هناك تنسيق بين الشريكين، فيما يتعلق بتغيير أسلوب التعامل مع الإصلاح فإن من شأنه أن يسجل نقطة افتراق جوهرية في المواقف التي تنطلق من خلفية العداء المشترك للإخوان.
وبحسب الكاتب التميمي فإن حزب الإصلاح ليس لديه "ترف إملاء رغباته على الرياض لمن بوسعه إسماع رسالته" بأنه ليس أداة في معركة المواجهة الطائفية مع إيران، بل مكون سياسي وطني مهم في اليمن يعمل في إطار منظومة الشرعية والدولة.
ويتواجد رئيس حزب الإصلاح منذ آذار/ مارس 2015، في العاصمة السعودية، مع عدد من القيادات البارزة في الحزب، بينهم أمينه العام، عبد الوهاب الأنسي، واللذان يعملان في الهيئة الاستشارية للرئيس هادي.
وتأتي هذه اللقاءات وسط تصعيد عسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية ضد جماعة الحوثيين التي تتهمها الأخيرة بـ"تلقي الدعم من إيران" بعد إطلاقها صاروخا باليستيا، السبت الماضي، باتجاه مطار خالد بالعاصمة الرياض، لكن المملكة أعلنت اعتراضه قبل وصوله إلى هدفه.