هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
صرح وزير البترول المصرى بأنه سيتم إنهاء دعم البنزين، والإبقاء على دعم جزئي للبتوغاز، وهو ما سبق ما أعلنه وزير المالية قبل أسابيع؛ عن جولة جديدة من خفض الدعم عن المنتجات البترولية، ولكن ذلك لن يكون في العام المالي الحالي الذي ينتهي في حزيران/ يونيو القادم.
والأمر ليس بغريب، فهناك مشروطية من قبل صندوق النقد الدولي، قبل الموافقة على إقراض مصر في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بإنهاء دعم المشتقات البترولية خلال ثلاث سنوات؛ تمثل فترة برنامج الإصلاح الذي اقترحه الصندوق ووافقت عليه الحكومة، إلى جانب خفض دعم البطاقات التموينية؛ سعيا لخفض العجز المزمن بالموازنة الحكومية، والذي بلغت نسبته 10.9 في المئة بالعام المالي الأخير 2016/2017.
هناك مشروطية من قبل صندوق النقد الدولي، قبل الموافقة على إقراض مصر في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بإنهاء دعم المشتقات البترولية خلال ثلاث سنوات
وكان النظام المصرى قد بدأ خطوات الخفض التدريجي لدعم المشتقات النفطية، في تموز/ يوليو 2014، بعد أن ظلت أسعارها ثابتة لأكثر من ثماني سنوات، وذلك استجابة لمطالب الصندوق التى ترد سنويا في مراجعته السنوية للاقتصاد المصري، وكان الخفض الثاني في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016؛ سعيا للحصول على موافقة الصندوق على إقراض مصر 12 مليار دولار، ثم كان الخفض الثالث في أواخر حزيران/ يونيو من العام الحالي.
وشمل خفض الدعم أنواع البنزين المستخدمة في مصر، وهي 80 أوكتين، الأكثر انتشارا شعبيا؛ خاصة لدى سائقي التاكسي وأصحاب السيارات الشعبية لرخصه، وبنزين 92 أوكتين؛ الذي تقبل عليه الطبقة المتوسطة، وبنزين 95 أوكتين الذي تستخدمه الطبقات الغنية.
زيادة لكل أنواع المشتقات
كما امتد خفض الدعم أيضا؛ للسولار الذي تستخدمه سيارات الميكروباص، والتي تعد وسيلة النقل الرئيسية لغالبية المصريين، سواء ما بين أحياء المدن أو ما بين المحافظات، كما يستخدم في عمليات الري الزراعي وعمليات الحصاد للمحاصيل الزراعية.. وامتد أيضا للكيروسين والمازوت والغاز الطبيعي.
وهكذا، ارتفع سعر بنزين 80 أوكتين - الأكثر انتشارا - بنسبة 306 في المئة خلال أربع سنوات، وبنزين 92 أوكتين بنسبة 170 في المئة، بينما زاد بنزين 95 أوكتين - الخاص بالأغنياء - بنسبة 13 في المئة فقط، وكانت نسبة الزيادة للسولار والكيروسين 232 في المئة.
ورغم ذلك، فإن الحكومة مطالبة حاليا بخفض جديد لدعم المشتقات، سواء من قبل صندوق النقد الدولي، أو من وزارة المالية التي رتبت حسابات موازنتها للعام الحالي على سعر 55 دولارا لبرميل خام برنت، بينما تخطى الستين دولارا بالشهر الحالي.
وكان نائب وزير المالية المصري؛ قد صرح بأن كل زيادة بمعدل دولار واحد لبرميل النفط؛ يكلف مصروفات الموازنة زيادة بنحو أربعة مليار جنيه، كما رتبت الموازنة حساباتها على سعر صرف للدولار 16 جنيها، بينما يصل حاليا لحوالي 17.6 جنيه، مما يعنى زيادة للتكلفة من جهتين، في ضوء عجز بترولي منذ سنوات.
فحسب أوبك، بلغ إنتاج الخام المصري العام الماضي 544 ألف برميل يوميا، بينما بلغ الاستهلاك 872 ألف برميل يومياز ومع بلوغ الكميات التي تم تم تكريرها محليا 501 ألف برميل يومى فقط، فقد استوردت مصر خام البترول والمشتقات بإجمالى 435 ألف برميل يومي.
قرارات مؤلمة مؤجلة لبعد الانتخابات
وهكذا تجد وزارة المالية نفسها محاصرة بين وعدها لصندوق النقد الدولي بخفض نسبة عجز الموازنة بالعام المالي الحالي، وبين زيادة مخصصات الفوائد بالموازنة بنحو 30 مليار جنيه، في ضوء زيادة البنك المركزي سعر الفائدة، وارتفاع أسعار زيت الطعام دوليا؛ والذي تشتري منه كميات كبيرة لتوزيعها بالبطاقات التموينية، إلى جانب تأجيل البرلمان زيادة رسوم التنمية على تراخيص السيارات، وعلى استخدام التلفون المحمول، وعلى رُخص أخرى؛ يمكن أن تحقق مجتمعة ثمانية مليارات جنيه زيادة بالإيرادات، وذلك بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية بالنصف الأول من العام القادم، خاصة مع تراجع شعبية الجنرال بسبب حالة الغلاء الحادة، وهو نفس سبب تأخير الخفض الجديد لدعم المشتقات.
بعد الانتخابات الرئاسية المحسومة للجنرال، ستبدأ جولة أخرى لرفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء والعديد من الخدمات
وهذا يعني أنه بعد الانتخابات الرئاسية المحسومة للجنرال، في ظل سيطرته على الجيش والشرطة والإعلام والقضاء والبرلمان والأحزاب، ستبدأ جولة أخرى لرفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء والعديد من الخدمات الحكومية، واستبعاد أعداد كبيرة من حائزي البطاقات التموينية، وفق ضوابط تم إعدادها؛ تشترط ألا يزيد راتب الموظف عن 1500 جنيه، ودخل أصحاب المعاشات عن 1200 جنيه، ودخل الحرفيين عن 800 جنيه شهريا، والمؤجل تنفيذها لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية.
وربما يتعجل النظام الحاكم تمرير بعض الزيادات بأسعار المشتقات، للوفاء بمطلب الصندوق بتحقيق فائض أولي بالموازنة، والتي يقيس الفرق بين المصروفات بدون الفوائد وبين الإيرادات، خاصة أنه، رغم زيادة الإيرادات الضريبية في العام المالي الأخير وفي الربع الأول من العام المالي الحالي، لم تحقق الموازنة بالربع الأول من العام المالي الحالي (2017/2018) فائضا أوليا، بل حققت عجزا، بما يخالف مطلب صندوق النقد.