نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن سعيد
بوتفليقة، الذي ينشط في الخفاء في ظل غياب شقيقه عبد العزيز بوتفليقة. وفي الوقت الحاضر، يدير
سعيد بوتفليقة شؤون البلاد على الرغم من أن مقابلته وجها لوجه تعد من الأمور التي يصعب تحقيقها في
الجزائر.
وتحدثت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عن مسيرة سعيد بوتفليقة منذ ولادته، حيث ولد في المغرب وتحديدا على الحدود الجزائرية، في وسط عائلي متواضع. كما عاش سعيد بوتفليقة في الغربة متنقلا بين باريس، ودمشق، وجنيف، ودبي، إلى حدود سنة 1987، وهو تاريخ عودته إلى وطنه الجزائر. وخلال هذه الفترة، اقتحمت عائلة بوتفليقة الحياة السياسية من خلال حزب جبهة التحرير الوطني.
وأفادت الصحيفة أن سعيد بوتفليقة تقلد عدة مناصب في الدولة، كان آخرها منصب مستشار رئيس الدولة، نظرا لأن شقيقه عبد العزيز بوتفليقة، يفضل دائما أن يكون محاطا بأفراد عائلته. فقد عين شقيقه ناصر بوتفليقة أمينا عاما لوزارة التكوين المهني والتشغيل، والأمر سيان بالنسبة لشقيقه عبد الغني بوتفليقة، المحامي الذي يعيش حاليا في باريس، والذي تقلد أيضا منصبا مرموقا في الدولة.
وأشارت الصحيفة إلى أن سعيد بوتفليقة لا يظهر كثيرا للعيان، فقد كان يتنقل غالبا في الجزائر العاصمة في سيارته "البيجو" دون مرافقة. ونقلت الصحيفة عن ضابط في جهاز المخابرات قوله إن "سعيد أجبر على التخلي عن هذه العادة، أي التنقل دون مرافقة، منذ عملية الاعتداء باستخدام قنبلة في مدينة "باتنة"، التي استهدفت الرئيس سنة 2007، وأوقعت 22 قتيلا".
وأشارت الصحيفة إلى أن سعيد بوتفليقة بدأ يفتك موقعه ضمن كواليس السلطة. ولتحقيق مبتغاه، كان على سعيد بوتفليقة مواجهة مدير ديوان رئيس الجمهورية، العربي بلخير، الذي كان يحظى بنفوذ واسع لأنه من بين "الرجال المهمين" في الدولة العميقة الجزائرية، فضلا عن أنه كان من بين الداعمين لاختيار عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للبلاد سنة 1999. لكن هذا الجنرال السابق، الذي كان يطلق عليه أيضا اسم "كاردينال فرندة"، قد عين سفيرا للجزائر بالرباط.
وأفادت الصحيفة أنه بسبب حالة الرئيس الصحية تم تداول أخبار حول "نهاية حكم آل بوتفليقة"، لكن وزيرا سابقا ذكر أنه "منذ تدهور صحة الرئيس، أضحى سعيد بوتفليقة شخصا لا غبار عليه لخلافة شقيقه الأكبر. كما كلف سعيد بنقل جميع الرسائل إلى الرئيس الذي تراجع نشاطه وظهوره العلني بصفة كبيرة". كما نوه هذا الوزير السابق بأنه "لم يتلق أية أوامر مباشرة من سعيد خلال تقلده للحقيبة الوزارية".
ومن جانبه، أشار أحد المتعاونين مع سعيد بوتفليقة إلى أن "شقيق الرئيس وجد نفسه، منذ إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية سنة 2013، في خضم شبكة من الأقطاب المكونة للنظام السياسي في الجزائر، من بينها أجهزة الرجل القوي الملقب "بالجنرال توفيق".
وأكدت الصحيفة أن النظام الجزائري معروف بضبابيته "وبمرونة تنقل المعلومة" في آن واحد، حيث أضحت التخمينات الرامية لخلافة أحد أفراد عائلة بوتفليقة للحكم في البلاد أقرب للواقع، بعد أن كانت مجرد إشاعة تتناقلها مختلف المصادر منذ سنة 2015.
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس عمل على إيقاف هذه الشائعات بعد أن كلف، في ذلك الوقت، مدير ديوانه أحمد أويحيى، بالإدلاء بتصريح علني جاء فيه أن "الشعب الجزائري لن يخضع لحكم ملكي، كما أن المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، الذي قاتل من أجل هذه البلاد منذ بلوغه سن 16 سنة، ليس لديه ميولات لتوريث أحد أفراد عائلته الحكم.. فنحن لسنا بمصر"، في إشارة إلى نية مبارك في ذلك الوقت توريث أحد أبنائه الحكم من بعده.
ونقلت الصحيفة على لسان جنرال جزائري متقاعد، قولا ذكر فيه أنه "في الوقت الحالي، وجب على أي مرشح أن يحظى بقاعدة صلبة من العلاقات داخل النظام وبمشروع سياسي. فقد ولت أيام تداول أصحاب الرتب العسكرية الرفيعة لمنصب رئاسة الجمهورية، على غرار الرئيسين السابقين، اليمين زروال والشاذلي بن جديد". لكن، عبر معارضو بوتفليقة عن مخاوفهم من حصول العكس، نظرا لأن سعيد بوتفليقة يدير شبكة مالية من شأنها أن تعزز موقفه في تولي الرئاسة.
وحيال هذا الشأن، أفاد مسؤول إداري جزائري، أنه "يكفي أن يلتقط أحد إخوته (أي بوتفليقة) صورة أو يتعشى مع مواطنين عاديين، حتى ينتشر ذلك الخبر بين الإدارات، والبنوك، والوزارات، ولجان الأسواق العمومية، وبين عدة سفارات".
وأكدت الصحيفة أنه خلال الفترة الممتدة بين سنة 1999 و2004، كان آل بوتفليقة يحظون بدعم من الممولين للوقوف إلى جانب المرشح للرئاسة، خاصة أن آل بوتفليقة لم يكونوا آنذاك أثرياء. أما في الوقت الراهن، فقد اختلف تماما، حيث لا يطوف حول الرئيس سوى رجال الأعمال المهمين في البلاد.