هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، الثلاثاء، تقريرا تحدثت فيه عن الاجتماع المرتقب بين مختلف الفصائل الفلسطينية في إطار عملية المصالحة التي ترعاها مصر. وقد وقع الإعداد لهذا الاجتماع في كنف السرية، في حين يشوب الغموض جدول أعماله.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ سنة 2007، وحركة فتح، التي ينتمي لها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقعتا اتفاق مصالحة في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. أما المرحلة الحالية، فتقتضي وضع الأسس السياسية المستقبلية لهذا التقارب.
وأوضحت الصحيفة أن الشكوك لا تزال تحوم حول عملية المصالحة، خاصة وأن المبادرة الأمريكية التي تلوح في الأفق تثير قلق الأطراف المعنية. من جانبها، تسعى الفصائل الفلسطينية الموجودة في القاهرة اليوم إلى الحيلولة دون سقوط عملية المصالحة في مستنقع الفشل.
وذكرت الصحيفة أن تحديا كبيرا للغاية يواجه هذه العملية، خاصة وأن رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، توسّط شخصيا لإنجاحها سعيا منه لإبراز مكانة بلاده على الساحة الإقليمية. عموما، تشمل المصالحة قبول شرط يقتضي استعادة السلطة الفلسطينية للسيطرة التامة على قطاع غزة قبل مطلع كانون الأول/ ديسمبر.
من هذا المنطلق، ستتمكن السلطة الفلسطينية من السيطرة على الوزارات والإدارات وسلك الشرطة ونقاط العبور بين مصر وإسرائيل، التي أصبحت تحت سيطرتها بالفعل ابتداء من مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد انسحاب جميع العاملين فيها المنتمين لحركة حماس.
وأضافت الصحيفة أن المصالحة بين الحركتين لم تُترجم على أرض الواقع منذ توقيع الاتفاق، حيث لم تتاجر السلطة الفلسطينية بسداد دين استهلاك الكهرباء لإسرائيل بعد، مما يجعل الكهرباء مُتاحة لساعات معدودة فقط خلال اليوم. وفي انتظار مراجعة تركيبة الإدارة وحدودها من قبل لجنة تقنية إلى غاية شهر شباط/ فبراير المقبل، تواصل رام الله سياسة خصم 30 بالمائة من رواتب الموظفين في القطاع.
وأشارت الصحيفة إلى الغموض الذي يلف مستقبل العديد من الموظفين الحكوميين التابعين لحماس، فضلا عن العاملين في نقاط العبور، بعد كانون الأول/ ديسمبر، خاصة وأنهم مضطرون للبقاء في منازلهم وعدم مباشرة مهامهم. علاوة على ذلك، لا تزال مسألة صرف رواتب هؤلاء الموظفين مجهولة المعالم.
وذكرت الصحيفة أنه خلافا لما أمل فيه الشعب الفلسطيني، لم يُفتح معبر رفح بشكل متواصل، بل اقتصر الأمر على ثلاثة أيام فقط انطلاقا من 18 تشرين الثاني/ نوفمبر للسماح بمرور الوفود باتجاه القاهرة. في هذا السياق، صرح داود شهاب، المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، وهو أبرز فصيل في قطاع غزة بعد حماس، أن "عملية انتقال السلطة ينقصها الانضباط والتنظيم والتفاهم. بيد أن ذلك لا يعرض المصالحة للخطر، وإن تسبب الأمر في إصابة الشعب الفلسطيني بالمزيد من الإحباط".
وأفادت الصحيفة أن اللقاء المرتقب يومي 21 و22 تشرين الثاني/ نوفمبر من المرتقب أن يتمخض عنه تشكيل حكومة وحدة وطنية، بالإضافة إلى مناقشة فرضية إجراء انتخابات عامة ودمج حماس في قلب منظمة التحرير الفلسطينية. في الأثناء، تواجه هذه المصالحة عدة عقبات، أولها وضع القوات الأمنية التي تتألف من 5 هيئات تشمل حوالي 19 ألف موظف، حيث تمثّل رهانا سياديا وماليا. وفي الوقت الذي تحاول فيه مصر إزاحة هذه العقبات بعيدا عن مسار العملية الانتقالية، كشفت السلطة الفلسطينية عن مطالبها الحقيقية خلال الأسبوع الجاري.
ونقلت الصحيفة على لسان دبلوماسي أوروبي أن "الخطاب الذي ما فتئ يتكرر من قبل موظفي الحكومة في رام الله يشير إلى أنه من غير الممكن أن يتم نقل السلطة دون إيجاد حل للمشكلة الأمنية، غير أن مطالبهم لا تزال غامضة". في المقابل، أوضحت الفصائل المسلحة في غزة أن هذه المسألة غير قابلة للنقاش خلال عملية المصالحة، حيث أن محور اهتمامهم في الوقت الراهن يتمثل في وضع إستراتيجية وحدة وطنية في مواجهة إسرائيل.
في 20 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، سلط منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، أمام مجلس الأمن، الضوء على التحديات التي تقف في مواجهة المصالحة. وفي هذا الصدد، أفاد ملادينوف، قائلا: "لا يمكن أن نتقبل فرضية فشل عملية المصالحة، حيث قد يؤدي ذلك إلى اندلاع صراع مدمر آخر". من جهتها، تسعى الولايات المتحدة إلى ممارسة جملة من الضغوط على السلطة الفلسطينية، حيث أعربت عن نيّتها غلق تمثيلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. وقد تُفتح هذه المكاتب خلال الأشهر الثلاثة القادمة في حال التزم الفلسطينيون بخوض مفاوضات سلام مع إسرائيل.
وفي الختام، شددت الصحيفة على أن الضغوط الأمريكية لن تزيد الأمور إلا تعقيدا، حيث كشف المسؤولون الفلسطينيون عن استعدادهم لمقاطعة إدارة ترامب في حال نفذت تهديدها. في الوقت ذاته، عمد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو غيط، إلى التواصل مع واشنطن لتهدئة الأوضاع.