هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع دخول قرار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بإحالة موظفي السلطة الوطنية في غزة للتقاعد المبكر شهره الرابع على التوالي، ألقى هذا القرار بظلاله على صورة الوضع الاقتصادي المتردي أصلا، وفق ما أجمع عليه محللون اقتصاديون تحدثوا لـ"عربي21".
وبدأت حلقات الضغط المالي من قبل السلطة الفلسطينية على موظفيها في غزة في 5 من نيسان/ أبريل الماضي، حين تفاجأ الموظفون بخصم وزارة المالية ما نسبته 30 في المئة من رواتبهم، دون سابق إنذار.
وتشير بيانات شبه رسمية إلى أن إجمالي عدد موظفي غزة يقدر بنحو 58 ألف موظف، منهم 25 ألف موظف يعملون في القطاع المدني (التعليم والصحة)، أما الباقي فيعملون في القطاع العسكري، وتقدر فاتورة الرواتب لهؤلاء الموظفين بـ60 مليون دولار شهريا.
وصدرت أول قرارات التقاعد في 5 من تموز/ يوليو الماضي، وقضى بإحالة 6150 موظفا من القطاع العسكري للتقاعد المبكر، واستمر إرفاق كشوفات التقاعد لديوان الموظفين منذ ذلك التاريخ وحتى كتابة هذه السطور.
إحالة عشرات الآلاف للتقاعد
إلى ذلك، قال نقيب موظفي السلطة الوطنية في المحافظات الجنوبية، عارف أبو جراد، لـ"عربي21"، إن "عدد الموظفين الذين تمت إحالتهم للتقاعد وصل إلى 32 ألف موظف، النسبة الكبرى من هؤلاء الموظفين يعملون في القطاع العسكري، والجزء المتبقي من الموظفين هم من المدنيين وموظفي الوزارات".
ووفق أحدث البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن نحو 27 ألف عامل انضموا لجيش البطالة خلال الربع الثالث من هذا العام، ليصل إجمالي عدد العاطلين عن العمل في غزة إلى 216 ألف عاطل عن العمل.
الآثار الاقتصادية
بدوره، قال مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة التجارة والصناعة بغزة، ماهر الطباع، إن السبب في الارتفاع الكبير في نسبة البطالة في غزة يعود إلى الأزمات التي تتعرض لها غزة، خصوصا بعد إجراءات السلطة بحق موظفي غزة، وإحالة عشرات الآلاف منهم للتقاعد المبكر، الأمر الذي تسبب في ضعف القوة الشرائية للمواطنين، ما أدخل أسواقا في غزة بمرحلة الركود.
وأضاف الطباع، في حديث لـ"عربي21"، أن قرار السلطة بوقف تحويل أموال الكهرباء للجانب الإسرائيلي تسبب في وقف المئات من المصانع عن العمل، وهو ما دفع بعشرات الآلاف من العاملين لينضموا لصفوف البطالة.
أما أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، فقال إن قرارات السلطة الفلسطينية المفاجئة بإحالة موظفي غزة للتقاعد المبكر أدى لحدوث هزات في اقتصاد قطاع غزة لم تكن متوقعة؛ نظرا لأن نسبة الخصم فاقت الـ30 في المئة من رواتب الموظفين، الذين لا يحصلون على كامل حقوقهم المالية أسوة بنظرائهم في الضفة الغربية، كما أن 92 في المئة من موظفي غزة متورطون في قروض بنكية، ونتيجة لذلك فقد بات صافي الراتب المتبقي للموظف لا يصل لمستوى الفقر، البالغ 600 دولار شهريا.
وأوضح الخبير الاقتصادي، في حديث لـ"عربي21"، أن "التقاعد في سن مبكر من شأنه خلق اضطراب في سوق العمل وطاقات جديدة معطلة ستنضم إلى قائمة البطالة في غزة، لينعكس سلبا على حياة الموظف الأسرية والاجتماعية".
والتقت "عربي21" موظفين أحيلوا للتقاعد المبكر، حيث أعرب الملازم أول في جهاز شرطة خانيونس، جاسم عبد ربه إسماعيل، أنه اضطر لإجراء تسوية مع البنك للحصول على قرض بقيمة 15 ألف دولار لشراء سيارة أجرة، مقابل رهن الشقة التي يسكن فيها، وذلك في محاولة منه لتعويض نسبة الخصم الذي تسبب به قرار التقاعد المبكر.