هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بين نفي وتأكيد يتواصل الجدل بشأن قضية نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، في ظل توتر في العلاقة الأمريكية الفلسطينية بعد إعلان واشنطن في وقت سابق إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية.
فبعد حديث لمايك بنس نائب الرئيس الأمريكي، عن جدية ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة وأنه يدرس موعد ذلك وكيفيته، علق البيت الأبيض، الأربعاء، على هذه المعلومات بالقول إن ما يتم تناقله "معلومات سابقة لأوانها، ولا شيء لدينا كي نُعلنه في هذا الإطار".
وتعهد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، لكنه وقّع في حزيران/ يونيو الماضي أمرا استثنائيا يبقيها في تل أبيب، ويقرر في مطلع كانون الأول/ ديسمبر القادم بشأن ما إذا كان سيمدد "الأمر الاستثنائي"، أم سيقرر بالفعل نقل السفارة.
مصالح أمريكية أولا
الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب، اعتبر أن التهديدات الأمريكية بنقل السفارة إلى القدس المحتل، تحمل غايات عدة، أولها "مغازلة الرئيس الأمريكي للكونغرس في إطار سياسة داخلية، وثانيا أنها ورقة ضغط على الفلسطينيين والإسرائيليين للوصول إلى تسوية تخطط لها الإدارة الأمريكية".
اقرأ أيضا: تقرير إسرائيلي: ترامب سينقل سفارة بلاده للقدس خلال أيام
واستبعد حرب في حديثه لـ"عربي21"، نقل السفارة في الوقت الراهن، مرجعا ذلك "لارتباط نقل السفارة بأزمة الشرق الأوسط ومصالح الولايات المتحدة، ومصالح أصدقائها خاصة الدول العربية والإسلامية، كما أن ذلك يخالف القانون الدولي، وإن كان تأثير هذا السبب أقل من غيره بالنسبة للأمريكيين".
ويوضح الكاتب الفلسطيني أن "هنالك قرارا من الكونغرس الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس المحتلة، لكن يحق للرئيس الامتناع عن تنفيذ القرار كل 6 أشهر قابلة للتجديد"، لافتا إلى أن "الأمر متعلق بمصالح الولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي والدولي".
وأشار إلى أن "رؤساء سابقين وعدوا بتنفيذ القرار ولم ينفذوا وعدهم، وترامب ليس لديه القدرة على التنفيذ الآن".
وعن الأمور التي تترتب على نقل السفارة الأمريكية في حال تم ذلك، قال حرب: "يترتب على ذلك الاعتراف بأن القدس عاصمة لإسرائيل، وذلك يتنافى مع جميع القرارات التي دعت إليها ووافقت عليها الولايات المتحدة في مجلس الأمن؛ إضافة إلى فتح إشكاليات مع العالم العربي والإسلامي والمسيحي، هذه مجازفة، وقرار النقل من عدمه مرتبط بمصالح أمريكا أولا وأخيرا".
"ضغوطات على الإدارة"
بدوره يرى عضو المجلس الوطني الفلسطيني، تيسير نصر الله، أن موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس "لا يزال حيا وممكنا، في ظل الوعد الانتخابي الذي قطعه ترامب على نفسه، بالإضافة إلى ما يمارسه العدو الصهيوني من ضغوطات على الإدارة، والتي تريد بدورها إرضاء حكومة نتنياهو".
ونوه نصر الله في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الإدارة الأمريكية وافقت على أساس اتفاق أوسلو والتي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود 67 والقدس الشرقية عاصمة لها، ونقل السفارة يعد إخلالا بهذا المبدأ".
اقرأ أيضا: الوصاية الأردنية على الأقصى.. هل نقلت من المملكة للملك؟
وأشار القيادي الفلسطيني إلى أن "الإدارة الأمريكية تريد أن تقول للعالم إنها خارج هذا النطاق وإنها لا تعترف بالقدس عاصمة فلسطين، وهي تتعامل وكأن القدس إسرائيلية، هناك دلالات سياسية خطيرة بهذا الأمر، الإدارة الأمريكية ستفعل ما لم يفعله أحد ونخشى من ذلك".
صفعة للشعب الفلسطيني والأمة
أما المحلل السياسي حامد إغبارية، فيشير بدوره إلى أن "السياسات الأمريكية في كل العصور تصب في خدمة المشروع الصهيوني، بل هي جزء منه، ولذلك لا يعول عليها ويجب ألا يعول عليها".
وفي حديثه لـ"عربي21" يرى إغبارية أن "قضية نقل السفارة لا تمس الفلسطينيين وحدهم وإنما بالأمتين العربية والإسلامية، ويعتبرون ذلك خطا أحمر لا يمكن السكوت عنه، وما الحديث مجددا عن الموضوع إلا ثمرة من ثمار المؤامرة الصهيو-أمريكية التي بدأت صورتها تتضح في الأيام الأخيرة".
ويلف المحلل السياسي إلى أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة سيكون "صفعة للشعب الفلسطيني وللأمة الإسلامية والشعوب العربية، واستهتارا واستخفافا بنا جميعا، ودليل على أن سياسات واشنطن هي أولا وأخيرا في خدمة المشروع الصهيوني، بل هي جزء أصيل منه"، على حد تعبيره.
وكان الكونغرس الأمريكي قرر في العام 1995 نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة إلا أن الرؤساء المتعاقبين للولايات المتحدة كانوا يكتفون بالتوقيع على مذكرات كل ستة أشهر لتأجيل نقلها.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في أيار/ مايو الماضي على مذكرة بتأجيل نقل السفارة، وتنتهي هذه المهلة مع بداية الشهر المقبل.