هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال موقع "دويتشه فيله" الألماني، إنه على الرغم من التواجد العسكري الروسي القوي في الشرق الأوسط، إلا أن روسيا ما زالت تفتقر إلى دور سياسي قوي خاصة بعد إعلان انسحابها من سوريا.
وأشار "دويتشه فيله"، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن بشار الأسد انتهز فرصة دعم موسكو من أجل تعزيز بقائه في الحكم، "وحتى الآن، لا يمكن القول إن روسيا تستطيع إقصاء الأسد عن منصبه".
وأضاف الموقع أن روسيا ينتظرها دور سياسي هام هذا الشهر، حين يعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي سيضم ممثلين عن المعارضة السورية، ووفقا لرؤية موسكو، فإن الحل الوحيد للأزمة السورية يتمثل في تشكيل حكومة جديدة، والذي من شأنه أن يعيد الهدوء إلى البلاد. ومن جانب آخر، قال موقع "المونيتور" الأمريكي إن تنفيذ تلك الرؤية مع رئيس مثل الأسد أمر صعب للغاية، وهنا يجب أن تظهر قدرات موسكو الدبلوماسية في تطبيق رؤيتها.
وذكر الموقع أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ذهب أمس إلى سوريا من أجل إتمام عملية انسحاب القوات الروسية من هناك، وقد ودع بوتين الجنود الروس بخطاب رنان، ودعاهم للاحتفال بالنصر الذي حققوه، وتجدر الإشارة إلى أن روسيا تواجه تحديا سياسيا جديدا في سوريا.
فمن الناحية العسكرية، استطاعت روسيا إعادة أغلب المناطق في سوريا إلى يد النظام، باستثناء بعض المناطق في شمال شرقي البلاد، وعلى الرغم من أنه من الممكن أن تعيد تلك الجماعات المتطرفة بناء نفسها مرة أخرى، إلا أن بوتين وجه لهم بالأمس تحذيرا شديد اللهجة، حيث قال إن روسيا "ستقطع رؤوس الإرهابيين" في حال ظهروا مرة أخرى في سوريا.
ومن جهة أخرى، أفاد موقع "المونيتور" أنه بعد سنتين من التدخل الروسي في سوريا، لا يمكن الجزم بأن بشار الأسد، يخضع لروسيا، فمن جهته، يبدو الأسد غير خاضع لأي من حلفائه، بينما ترى موسكو أنه لا جدال في خضوع الأسد لها مقابل بقائه في السلطة.
وأبرز الموقع أن موسكو لجأت إلى التعاون الدبلوماسي مع دول أخرى في المنطقة بهدف دعم موقفها السياسي الضعيف. وقد بدا ذلك جليا خلال مؤتمر محادثات أستانة، الذي نظمته موسكو بالتعاون مع طهران وأنقرة. وفي السياق ذاته، استطاعت الدول الثلاث تهدئة الوضع في سوريا، بالإضافة إلى إنشاء أربع مناطق لوقف التصعيد حتى أن الخطوة السياسية التي اتخذتها تلك الدول الثلاث في كازاخستان لا تستطيع تنفيذها بمفردها.
وفي هذا السياق، صرح المدير العام لمجلس الشؤون الخارجية الروسي، أندريه كورتونوف، أنه يجب على محادثات السلام في جنيف أن تضع في الاعتبار أن موسكو وأنقرة وطهران اجتمعوا من أجل إنهاء الحرب في سوريا، لمساعدة الدول الأخرى في إعادة بناء البلاد.
وأكد الموقع أن أغلب الدول المشاركة في محادثات السلام أصدرت بيانا أكدت فيه ضرورة إجراء عملية انتقال حقيقي للسلطة في سوريا، بموافقة أغلبية الشعب السوري، قبل الشروع في إعادة إعمار البلاد. وقد وقع على البيان عدة دول عربية وغربية على غرار الاتحاد الأوروبي، وكندا، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، وقطر.
وذكر الموقع أن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية تشاركان كذلك في المحادثات حول إعادة إعمار سوريا، إلا أنهما يتوجسان خيفة من الدور الذي ستلعبه إيران في مستقبل سوريا.
واستدرك الموقع أن كل من الولايات المتحدة والسعودية، بالإضافة إلى إسرائيل، ومن خلفهم العديد من الدول في المنطقة، يحملون على عاتقهم أهمية تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، خشية من أن تصل قوة إيران إلى حدود إسرائيل.
وأضاف الموقع أنه لهذا السبب تراقب الدول الثلاث الدور الروسي عن كثب خاصة بعد التعاون الوثيق بين موسكو وطهران في سوريا. ويبدو أن روسيا أصبحت في موقف لا تحسد عليه. فمن جهة، تخشى روسيا على علاقاتها السياسية والاقتصادية القوية مع الولايات المتحدة، والسعودية، وإسرائيل. ومن جهة أخرى، أثار التقارب الروسي الإيراني استياء الدول الثلاث من موسكو، وفي الوقت نفسه، لن تتخلى إيران عن أي شبر استطاعت أن تبسط نفوذها عليه. لذلك، سيكون أي قرار روسي في هذا الشأن بمثابة حبر على ورق.
وقال الموقع إن التحديات القادمة لبوتين تعتبر الأهم، ولا يمكن حلها بالطرق العسكرية وإنما بالطرق الدبلوماسية. وعلى العموم، يؤكد هذا التحول نحو الدبلوماسية انسحاب القوات الروسية من سوريا، لفسح المجال للدبلوماسيين الروس على رأسهم بوتين.