هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عاد الحديث من جديد في تونس؛ عن دور النقابات عموما، والاتحاد العام التونسي للشغل بشكل خاص، في مرحلة الانتقال الديمقراطي. ويرجع ذلك إلى ثلاثة أسباب على الأقل..
يتعلق السبب الأول بالتقارب الذي حصل في الفترة الأخيرة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد من جهة، والأمين العام للاتحاد الطبوبي من جهة أخرى. هذا التقارب اعتبره الكثيرون "تحالفا" غير متوقع بين الطرفين في مرحلة دقيقة تتسم بالضعف والهشاشة. أما العامل الثاني، فيخص القرار الذي اتخذته المركزية النقابية، والذي تمثل في إحالة 12 نقابيا على مجلس التأديب، نتيجة وقوفهم وراء الإضراب المفتوح الذي شل قطاع المالية لمدة خمسة أيام، وهو الإضراب الذي لم توافق عليه قيادة الاتحاد، والذي يعتبر حسب القانون الداخل للمنظمة إضرابا عشوائيا وغير شرعي. وتعتبر هذه من المناسبات القليلة التي يتم فيها معاقبة نقابيين بسبب تمردهم على قيادتهم النقابية. أما المؤشر الثالث، فيتمثل في المرونة التي تعامل بها اتحاد الشغل مع الميزانية الجديدة التي دار حولها جدل واسع داخل البرلمان وخارجه، بحجة الإجراءات الشديدة التي من شأنها أن تزيد من إضعاف القدرة الشرائية للمواطنين.
هل يعني ذلك أن اتحاد الشغل - أهم منظمة نقابية في تونس - قد شرع في تعديل استراتيجيته المطلبية، وبدأ يدرك بأن البلاد في وضع صعب ومعقد، وأن اقتصادها لم يعد قادرا على أن يوفر الزيادة السنوية في الأجور بدون زيادة في الإنتاج؛ لأن ذلك من شأنه أن يتسبب في ارتفاع نسب التضخم، ويؤدي عمليا إلى تصاعد نيران الأسعار وانهيار العملة المحلية؟ أم أن الأمر لا يرتقي إلى مستوى التحالف بالمعنى العميق للكلمة، وإنما هو مجرد موقف ظرفي تتحكم فيه اعتبارات مؤقتة قد تزول في أول منعرج تدخله البلاد؟
واجه الاتحاد ثماني حكومات تعاقبت بعد الثورة؛ بأسلوب واحد: المطالبة بتحسين دخل منظوريه، من عمال وموظفين بالقطاعين العام والخاص، وفي حال عدم الاستجابة، يتم اللجوء إلى الإضراب باعتباره حق مشروع ضمنه الدستور والمواثيق الدولية. لم تسلم أي حكومة من ذلك، وقد تتطور المواجهة إلى درجة تعلن فيها القيادة النقابية بأنها ستلجأ إلى الإضراب العام وشل حركة الإنتاج، من أجل تركيع السلطة التنفيذية وإجبارها على تنفيذ المطالب.
يعتبر الاتفاق بين قيادة الاتحاد والشاهد؛ لافتا للنظر ومثيرا للاستغراب
تدل كل المؤشرات على أن السنة القادمة ستكون أكثر صعوبة وتعقيدا من السنة الحالية؛ التي يودعها التونسيون بكثير من القلق