هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ديلي بيست" مقالا للباحثين آن سبيخارد وأدريان شاجكوفتشي، اللذين ذهبا إلى العراق عندما أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هزيمة تنظيم الدولة، بصفتهما باحثين من مركز دراسات التطرف العنيف، وقاما بمقابلة مجموعة من أعضاء تنظيم الدولة المسجونين، لكن تأثرت خطتهما عندما أعلن العبادي في 10 كانون الأول/ ديسمبر يوما وطنيا، حيث أخذ الجميع إجازة.
ويقول الكاتبان إنه "في بغداد كانت هناك استعراضات عسكرية على الأرض وطائرات مقاتلة محلقة في الجو، واحتفل الناس في الشوارع بشكل عفوي، ورأينا مجموعة من الشباب العراقيين على ظهر حافلة صغيرة يلوحون بالأعلام ويهتفون في الوقت الذي كانت فيه الحافلة تتحرك".
وقام الباحثان بزيارة سريعة للشارع 52 في بغداد؛ "لتناول وجبة سريعة وحلويات، وجلسنا مع عراقيين في مطعم -يعيشون حياة طبيعية- وبدا كأن الكابوس قد انتهى".
ويشير الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "التنظيم سيطر في فترة ذورته (2014 – 2016) على حوالي ثلث الأراضي العراقية، وسممت دعايته عقول الآلاف، وعانى العراقيون بطرق تجعل من الصعب عليهم الحديث عنها، فالأهوال كانت أكبر من أن تحتمل".
ويفيد الباحثان بأن "حوالي 300 ألف طفل ومراهق عاشوا تحت سيطرة تنظيم الدولة، تم تدمير جامعاتهم، وتم تغيير مناهج المدارس الابتدائية والثانوية بمناهج تنظيم الدولة، بما في ذلك دروس عن صناعة المتفجرات وفنون القتال وشن الهجمات الانتحارية".
ويلفت الكاتبان إلى أنه "تم تجنيد بعض الشباب، وأخذ البعض للمعسكرات، ودرس آخرون في مدارس تنظيم الدولة، وتعلموا من بين الأمور المختلفة قطع الرؤوس، وحتى أولئك الذين استطاع أهلهم إبقاءهم في البيت تعرضوا للوحشية: ففي أي وقت كانوا يخرجون كانوا يشاهدون دعاية تنظيم الدولة على الشاشات التي نشرت في الأماكن العامة، كما شاهدوا قطع الرؤوس وغير ذلك من الأعمال الوحشية بعيونهم".
ويذكر الباحثان أن عضو البرلمان العراقي ميسون الدملوجي اشتكت الغياب الكامل لبرامج علاج أولئك الأطفال، وطالبت بتنظيم تلك البرامج بسرعة وبفعالية.
ويقول الكاتبان إنه "عند الحديث عن براعة تنظيم الدولة في الدعاية، وهو تخصص مركزنا، يتفق الجميع على أن تنظيم الدولة كان بارعا في استخدامه الإعلام، خاصة الإعلام الاجتماعي، في الوقت الذي اضطر فيه الفاعلون الدوليون المعارضين له لمحاولة اللحاق به".
وينقل الموقع عن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية سعد معن، قوله إن الحكومة العراقية تعلمت كيف ترد باستخدام الإعلام لتواجه أكاذيب تنظيم الدولة، بما في ذلك عرض شهادات الناجين من التنظيم، الذين تم القبض عليهم، مشيرا إلى أن وزارته كشفت عن أن بعض الهجمات التي كان التنظيم يدعيها كانت كاذبة تماما، وفي بعض الأحيان كانت الطائرات العسكرية الأمريكية والطائرات دون طيار تستخدم تصوير الفيديو لتبديد الادعاءات بخصوص عملياتها.
ويقول الباحثان: "قيل لنا في بغداد إنه بالكاد تجد عائلة لم تفقد عزيزا عليها في محاربة تنظيم الدولة، وقتل المدنيون والجنود في هذه الحرب".
ويبين الكاتبان أن "الحرب ضد تنظيم الدولة في الشمال قادت إلى الدمار الكامل تقريبا لمدينة الموصل، التي كانت مدينة نابضة بالحياة قبل ذلك، وكانت ثاني أكبر مدينة في العراق، فأصبحت تضاريسها اليوم تشبه تضاريس القمر".
وينوه الباحثان إلى أن مشاركا عراقيا في المؤتمر الذي عقده رئيس الوزراء العبادي "مؤتمر مواجهة دعاية تنظيم الدولة وفكره"، تحدث عن المقاتلين الأجانب الذين سافروا من أوروبا وغيرها لسوريا والعراق للقتال مع التنظيم، وأبرزت كلمته مدى غرابة وجود أكثر من 40 الف مقاتل أجنبي لمساعدة تنظيم كان يعزم على تدمير نظام الحكم في ذلك البلد.
ويقول الكاتبان إن "الحرب ضد تنظيم الدولة كانت صعبة، وكان عملا مشتركا، حيث قادت أمريكا تحالفا من 30 بلدا، وقدمت دعما فنيا بالإضافة إلى القوات الجوية، في الوقت الذي قامت فيه القوات والمليشيات العراقية بالحرب على الأرض".
ويستدرك الباحثان بأنه "مع ذلك وبالرغم من هزيمة التنظيم على الأرض، سمعنا من الخبراء العراقيين المجتمعين هنا كلهم عن القلق الشديد من رسائل تنظيم الدولة، التي ملأت الإعلام الاجتماعي، والتي لا تزال موجودة".
ويورد الموقع نقلا عن قائد القوات المشتركة لعملية العزم الصلب الفريق بول فانك، قوله في المؤتمر بأنه تم إضعاف إمكانيات تنظيم الدولة الإعلامية بنسبة 85%.
ويجد الكاتبان أنه "مع ذلك، فإن ممثلي الجيش والشرطة العراقية والخبراء الحكوميين المجتمعين هنا كلهم قلقون من فكر تنظيم الدولة الذي تسرب إلى عقول الكثير، خاصة الشباب الذين عاشوا تحت حكمه، ويخشون من ظهور الفكر المتطرف مرة أخرى، وقد يكون تحت مسميات أخرى".
ويؤكد الباحثان قائلين: "في الواقع نرى تناغما مع فكر تنظيم الدولة خارج العراق، فرأينا صداه في نيويورك عندما قام مهاجر أوزبكي ثم مهاجر بنغالي بالاستجابة لدعوات التنظيم والقيام بهجمات في مانهاتن، وقد رأينا ذلك في أوروبا أيضا، فإن كان التنظيم خسر الأرض التي كان يسيطر عليها يبدو أنه لم يفقد علامته التجارية".
وبحسب الموقع، فإن أحد المتحدثين العراقيين تساءل في المؤتمر، قائلا : "كيف يمكن لنا أن نقنع الشباب بأنهم يمكن أن يكونوا جزءا من منظومة اتخاذ القرار، وأن تكون لديهم فرص اقتصادية ومستقبل بعيدا عن الجماعات المتطرفة.. مَنْ مِن الناشطين أو الحكومة يستطيع إيجاد الحلول؟".
ويقول الكاتبان: "في وقت لاحق من الأسبوع قمنا بمقابلة فار من تنظيم الدولة، وكان هذا الشخص رقم 66 من التنظيم الذي نتحدث معه لبحثنا ما بين سجين أو عائد، وكنا هذه المرة في سجن في بغداد، نقابل الشاب أبا جهاد، وهذا الاسم أطلقناه عليه لإخفاء هويته الحقيقية، لم يكن الشاب البالغ من العمر 23 عاما بعيدا عن منطقة سكنه في بغداد، فهو من حي الدورة، الذي لن يراه مرة أخرى لفترة طويلة".
ويكشف الباحثان عن أن "أبا جهاد تم تجنيده مع تنظيم الدولة خلال فترة قصيرة قضاها في السجن، وعندما خرج من السجن خرج شخصا آخر، حيث قام أحد مجندي تنظيم الدولة بتسميم عقله، ولدى خروجه من السجن اتصل بالأشخاص الذين أوصاه مجنده أن يتصل بهم، وقاموا بتدريبه على زرع المتفجرات وعادة ضد الشرطة العراقية، أو من يسمون عملاء الدولة العراقية، حيث يقوم بزرع المتفجرات عادة خارج بيوتهم، ويقوم بتفجيرها من مسافة".
ويذكر الموقع أنه بعد الهجوم الخامس علم أبو جهاد أن من قتل فيه ليس شرطيا بل رضيعا، وقال أبو جهاد: "لا أستطيع إغلاق عيني دون رؤية الرضيع.. تلاحقني أشباح ما فعلت، وأرجو العفو من الله".
وعندما سأله الباحثان عما إذا كان التحاقه بتنظيم الدولة أمرا جيدا، فإنه قال: "كذب علي تنظيم الدولة، قالوا إنهم يسعون لإقامة دولة سنية، وكنت أريد أن أصدق ذلك لأنني أردت دولة سنية لأحصل على حقوقي، لكن لأني صدقتهم انتهيت في السجن، وأعيش كابوسا دائما، ودمرت حياتي".
ويقول الكاتبان إن أبا جهاد نجا من عقوبة الإعدام فقط لأنه كان حدثا عندما انضم لتنظيم الدولة، وبعد مقابلته مر الباحثان على معرض لا نهاية له لصور سجناء آخرين، كلها حملت ملاحظات، تشير إلى أنه تم إعدامهم بسبب جرائمهم باسم تنظيم الدولة.
ويختم الكاتبان مقالهما قائلين إن "إعدامهم قد يحل بعض المشكلات التي تسبب بها تنظيم الدولة، لكن الانتصار الأخير لن يتحقق إلا إذا تم تفكيك أفكارهم وتدميرها".