هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعدما كشف إحصاء غير مسبوق لأعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أجرته السلطات مؤخرا، أن عدد الفلسطينيين في بلاد الأرز يزيد قليلا عن 174 ألفا، تناسلت الأسئلة حول دوافعه، فهل هو تمهيد لمنح الفلسطينيين الحقوق أم لإثارة فزاعة التوطين؟
كشفت مصادر سياسية لبنانية لـ"عربي21" أن "الأطراف السياسية توافقت على ورقة سياسية مشتركة، ستكون مدخلا لتحسين الواقع المعيشي الفلسطيني في لبنان".
وأكدت المصادر أن كلام الرئيس الحريري، أمس، خلال عرض تقرير "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان 2017"، في السراي الكبير ببيروت، يصبّ في الاتجاه نفسه وينطلق من هذا التفاهم السياسي لجهة العمل على منح الحقوق للفلسطيني في لبنان وتحسين أوضاعه الإنسانية.
وكانت المديرة العامة لإدارة الإحصاء المركزي اللبناني الدكتورة توتليان غيدانيان، أعلنت خلال العرض أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات بلغ 174.422 فردا خلال عام 2017 ويعيشون في 12 مخيما و156 تجمعا فلسطينيا في المحافظات الخمس في لبنان. كما أظهرت نتائج التعداد أن حوالي 45% من اللاجئين الفلسطينيين يقيمون في المخيمات، مقارنة مع 55% منهم يعيشون في التجمعات الفلسطينية والمناطق المحاذية.
فزاعة التوطين
وأكد مسؤول الملف الفلسطيني في الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم في تصريحات لـ"عربي21"، أن المعطى الجديد "يدحض الأرقام السابقة المبالغ فيها، حيث كان الحديث يدورعن وجود قرابة نصف مليون لاجىء فلسطيني في لبنان"، مضيفا: "أحدثت الأرقام السابقة جدلا وولّدت تخوفات لدى البعض على الوضع الديمغرافي في لبنان، ولكن يجب في الوقت عينه لحظ بأن تعداد الفلسطينيين المسجلين لدى وزارة الداخلية اللبنانية، يبلغ نحو نصف مليون لاجىء، في حين تشير أرقام وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين الأونروا إلى أربعمئة وخمسين ألف مسجلين لديها".
اقرأ أيضا: إحصاء غير مسبوق بلبنان يكشف أعداد اللاجئين الفلسطينيين
وأوضح بأن التعداد الأخير أظهر وجود قرابة 180 ألف فلسطيني يعيشون حاليا في لبنان، لكن من دون أن يلحظ وجود لاجئين فلسطينيين غادروا لبنان لأسباب مختلفة"، مشددا "التعداد الأخير لا يلغي حق اللاجئين غير الموجودين في لبنان حاليا من الحصول على حقوقهم، وفي مقدمها حق العودة، وأيضا على المساعدات والتعويضات".
وشدد على أن "اللاجىء الفلسطيني يتحمل عبء الصراع العربي- الإسرائيلي، ومعاناته جاءت بفعل النكبة التي ألمت بفلسطين".
المخاوف الديموغرافية
وتحدث ابو كروم عن ضرورة الانطلاق من هذه الأرقام لتبديد المخاوف الديمغرافية، وطالب بمنح الفلسطيني في لبنان كامل حقوقه، "لكونه لايشكل عبئا على واقع العمل ولا يزاحم اليد العاملة اللبنانية، وبغض النظر عن تعدادهم لهؤلاء اللاجئين حقوق يجب أن تعطى لهم".
وحول إمكانية أن تقلص الدول المانحة لوكالة الأونروا خدماتها بعد التعداد الأخير، حذر أبو كروم من إعطاء تلك الدول "أي مبرر لتقليص دعمها، أو حتى تقليص الأونروا لخدماتها وتملّصها من مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطنيين".
وعن استمرار بعض الأطراف اللبنانية في استخدام الوجود الفلسطيني كوسيلة للتخويف من إمكانية توطينهم في لبنان، رأى أبو كروم أن "بعض الأطراف السياسية تستخدم التوطين كفزاعة لغايات ومآرب سياسية"، لكنه أبدى تفهمه لبعض المخاوف من الناحية الاقتصادية في ظل أزمات "سوق العمل وخطر الهجرة على لبنان"، مشددا على أن "اللاجىء الفلسطيني لايشكل ثقلا اقتصاديا، وإنّما يعد حاجة لسوق العمل اللبناني".
التشكيك بالنتائج
من جهته، أعرب أبو أحمد فضل مدير مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس في لبنان عن تخوفاته الكبيرة من نتائج التقرير، وقال في تصريحات لـ"عربي21": "الفكرة انطلقت من الحكومة اللبنانية وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، للوصول إلى حقيقة أعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لكن ما تم عرضه يدلّل على أن النتائج لم تكن دقيقة".
وحذر فضل من "اختزال الوجود الفلسطيني بهدف الإيحاء بأنهم لايؤثرون في المعادلة الديموغرافية في لبنان"، لافتا إلى أن التقرير قد "يمهد الطريق أمام العديد من الدول الأوروبية المانحة لوكالة الأونروا إلى اتخاذ خطوات تقليصية لخدماتها".
وعن الجوانب الإيجابية للتقرير لجهة إمكانية منح الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية، قال: "ثمة نقاط إيجابية محدودة، لكن ما يطغى على التقرير هو الجوانب السلبية، فلا يعقل أن يكون تعداد اللاجئين في صبرا وشاتيلا وفق الأرقام المذكورة".
ورأى أن الإحصاء الأخير ليس شاملا وجاء على شكل "عينات أخذت من مواقع مختلفة، وهناك العديد من المناطق التي يوجد فيها فلسطينيون لم يشملها التعداد".
ودعا إلى ضرورة "تصويب التقرير والعمل بطريقة شفافة وشاملة للوصول إلى الأرقام والنتائج الواقعية، التي تعكس حقيقة أعداد الفلسطينيين في لبنان".
يشار إلى أن الفلسطينيين في لبنان محرومون من أكثر من 70 وظيفة، من بينها المهن الرئيسية كالطب والهندسة والمحاماة، إضافة إلى حرمانهم من حق التلك السكني، رغم أن القانون اللبناني يجيز للأجنبي التملك بنسبة معينة.
ويعارض التيار الوطني الحر التابع لرئيس الجمهورية وحزب القوات اللبنانية أي طرح لمنح الفلسطينيين أي امتيازات إضافية، بذريعة عدم إفساح المجال أمام التوطين، وهذا ما يشكل عائقا أمام الأطراف السياسية الأخرى في لبنان، للمضي نحو إقرار الحقوق المدنية للاجىء الفلسطيني.