هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ينظر الأردن بشكل جاد إلى تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول قطع المساعدات عن الدول التي صوتت لصالح المشروع المناهض لقرارات الأخير بشأن القدس.
وشدد مصدر رسمي أردني رفيع المستوى لـ"عربي21" على أن "مواقفنا ليست للبيع.. واقتصادنا سيتجاوز وقف المساعدات إن حدث، فهو بالنهاية 5 في المئة من الموازنة، وليس نهاية الحياة".
والأردن الذي يعد من أبرز الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة "في وضع حرج"، كما رأى محللون سياسيون تحدثوا لـ"عربي21"، إذ أوضحوا أن مجموع المساعدات الأمريكية الأساسية للأردن بلغت خلال 2017، 1.3 مليار دولار، ابرزها في مجالات الدعم العسكري والتعاون الأمني في محاربة الإرهاب.
ووقعت الولايات المتحدة الأمريكية والأردن في شباط/ فبراير 2015، مذكرة تفاهم غير ملزمة لثلاثة أعوام، أكدت فيها واشنطن على نيتها تقديم مليار دولار سنويا مساعدات للمملكة، شاملة 300 مليون دولار مخصصة للتمويل العسكري الأجنبي.
اقرأ أيضا: هل حذرت أمريكا الأردن من قطع الدعم المالي؟
إلا أن ترامب وجه الأربعاء الماضي تحذيرا شديد اللهجة إلى الدول التي يفترض أن تصوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، متوعدا بوقف التمويل الأمريكي لها، تهديد كررته مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة في كلمة لها يوم التصويت الخميس الماضي.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، محمد أبو رمان، لـ"عربي21" إن "الأردن في مرحلة صعبة، بعد أن وضعتها أمريكا في خانة اليك، كون قضية القدس تمس العديد من الجوانب بالنسبة للأردن، إذ تشعر الإدارة الأمريكية أن المملكة تقود عملية التصعيد الدبلوماسي، وسيكون هنالك مشكلة كبيرة في التعامل مع الإدراة الأمريكية".
وقال: "من الواضح أن الأردن وإدارة ترامب وصلتا إلى مرحلة صعبة، ومرحلة فتور، وشكوك، ومن المتوقع أن تكون سياسة الأردن سياسية شراء الوقت مع هذه الإدارة".
ويستبعد أبو رمان أن يدفع هذا التوتر في العلاقة الأردن للبحث عن تحالفات جديدة، أو أن تقوم الولايات المتحدة بتغيير جذري في العلاقة مع الأردن، إذ من "الصعب التنبؤ بجدية تهديدات ترامب ومندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة بقطع المساعدات التي أقرها الكونغرس، التي من المفترض أن تزيد لا أن تنقص"، وفق قوله.
وتدعم الولايات المتحدة الأمريكية الأردن في مجالات التنمية الاقتصادية والصحة والتعليم والديمقراطية والحاكمية، بينما تخصص مبلغ 800 مليون دولار للدعم العسكري إلى جانب تزويد الجيش الأردني بطائرات قتالية وبرامج لحماية الحدود ضد أي تهديد.
بدوره، قال الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد، دكتور مأمون أبو نوار، إن الدعم الأمريكي الأكبر يذهب إلى الدعم العسكري، ويجري تقييم هذا الدعم كل سنة بعد جلسة استماع، وفي حال توقف هذا الدعم ستتأثر المملكة، لكن الأردن بحكم موقعه الجيوسياسي، يمكن أن يكون مدخلا لتحسين علاقاته الاقتصادية مع دول أخرى مثل فتح السياحة الدينية للإيرانيين وخطوط الغاز.
وقال لـ"عربي21" إن "الأردن يمكن له التلويح بهذا الكرت كإجراء مضاد لقرار ترامب، إلى جانب أن من المهم على أمريكا أن تدفع تكلفة قواعدها العسكرية في الأردن".
وأضاف أن "أمريكا لا تستطيع العمل دون حلفاء في المنطقة، وهذا غير ممكن أن يكون هناك قطع للعلاقات، لكن قد نشهد ضغوطات فقط".
أما السفارة الأمريكية في عمان التي تخلو من سفير معين منذ تسعة أشهر عقب انتهاء فترة السفيرة السابقة ويلز، تلتزم الصمت، ولم تعلق على أسئلة "عربي21" حول جدية الرئيس الأمريكي بقطع المساعدات، في وقت شهدت المملكة حراكا في سفارتي طهران ودمشق التي زارها رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، في خطوة غير مسبوقة، تأتي بعد توتر علاقة الأردن وحلفائه من العرب.
اقرأ ايضا: هل تدفع قضية القدس الأردن للبحث عن حلفاء جدد؟
من جانبه، وصف الخبير الاستراتيجي، عامر السبايلة، التحركات الأردنية تجاه دول إيران وسوريا بـ"الكلاشيهات"، مستبعدا أن "تملك الأردن أي قدرة عن الخروج عن الرؤية الأمريكية".
وقال الدكتور السبايلة، لـ"عربي21"، إنه "لا توجد بنية تحتية أو عمل منهجي لأردن يمكن من خلاله أن ينوع بالعلاقات ويخرج من حصرية العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، أو بناء محور مضاد لأمريكا، فالتقارب الأخير مع إيران وسوريا، محاولات هروب من ضغوطات، ولا تخرج من إطار الكلاشيهات، إذ لا يوجد ما يشير إلى أن الاردن في الفترة الماضية بنت علاقات مع موسكو لتحولها إلى جانب اقتصادي وصناعي، لو كانت الدولة مدركة لمفترق الطرق هذا لكان نوعت خياراتها".
وتابع السبايلة: " هناك تقزيم العمل المؤسسي سواء وجود رئيس الحكومة من هذا الطراز وجود حكومة أردنية ضعيفة وغياب المؤسسية في العمل وغياب مطبخ استراتيجي يفكر في بعد أمن قومي بعيد المدى، الحاصل أننا نعمل ضمن نظام الفزعة هو السائد بالتالي هذا كله مناكفات، الأردن لا يملك أي قدرة عن الخروج عن الرؤية الأمريكية، فكيف نفسر أن تخرج دولة 3 وزراء لاستقبال منحة القمح الأمريكي بالسجاد الأحمر".
واستبعد المحللون أن تلتف القاطرة الأردنية 180 درجة تجاه تحالفات جديدة مناهضة للولايات المتحدة، كما قللوا من جدية تهديدات ترامب بقطع المساعدات عن الأردن لارتباط البلدين بتحالف أمني عسكري تاريخي، يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، إلا أن الأصوات الشعبية الأردنية لا تكترث بوقف الدعم الأمريكي الذي طالما ربطته بالمساس بالسيادة الأردنية.