تواصلت إدانات المنظمات الحقوقية
المصرية والأجنبية لتنفيذ أحكام
الإعدام في 15 شخصا مصريا يوم الثلاثاء الماضي، بعد محاكمة عسكرية سريعة مشكوك في
عدالتها.
وكانت السلطات المصرية نفذت حكم الإعدام في 15 متهما يوم الثلاثاء
الماضي، بعد شهر تقريبا من
إدانة محكمة عسكرية لهم بالتورط في هجوم على نقطة تفتيش
عسكرية بسيناء عام 2013 في القضية المعروفة إعلاميا بخلية رصد الضباط، حيث قضت المحكمة
العسكرية العليا برفض طعون المحكوم عليهم، وأيدت حكم الإعدام نهائيا.
وبهذا العدد يرتفع عدد الذين نفذت ضدهم عقوبة الإعدام منذ انقلاب
تموز/ يوليو 2013 إلى 23 حالة، في حين تضاعفت أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم
المصرية هذا العام بأكثر من ثلاثة أضعاف، حيث أصدر 186 حكما بالإعدام مقابل 60 فقط
عام 2016.
الأكبر في تاريخ مصر الحديث
وقالت منظمة "ريبريف" الحقوقية التي تركز على مناهضة عقوبة
الإعدام، ومقرها "لندن"، إن إعدام 15 شخصا في مصر الثلاثاء الماضي، يمثل أكبر عدد يتم تنفيذ تلك العقوبة عليه منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة.
وقالت مديرة المنظمة "مايا فوا" إن هذه الإعدامات تعد
انتهاكا صارخا للقانون الدولي، مؤكدة أن المحاكمات في مصر لا تلبي المعايير
الأساسية للعدالة، خاصة المحاكمات الجماعية والعسكرية.
وقالت "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها الأربعاء، إن
هذه الإعدامات تثير المخاوف في مصر من أن تتسبب في دفع المزيد من الشباب المصري
إلى الالتحاق بتنظيم داعش.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن المحامي الحقوقي "هيثم
غنيم" تأكيده أن المحامين لم يمنحوا الوقت لتقديم استئناف على حكم إعدام
المتهمين بعد توقيع وزير الدفاع على قرار إعدامهم الأسبوع الماضي، حيث أعدموهم بعد
ستة أيام فحسب من تصديق الوزير ولم يمنحوا فرصة 15 يوما بعد التوقيع، كما لم تمنح
العائلات فرصة لتوديع ذويهم قبل الإعدام حسبما ينص القانون المصري.
إعدامات سياسية
وأدانت مجموعة من المنظمات الحقوقية المصرية، في بيان مشترك لها يوم
الخميس، تلقت "
عربي21" نسخة منه، إعدام 15 شخصا بعد محاكمة لا تراعي
أدنى قواعد وضمانات المحاكمة العادلة، مشيرة إلى أن القضية كشفت انتهاكات جسيمة
لحقوق المتهمين، وأنه على الرغم من ذلك، أصدرت المحكمة حكمها بإعدام المعتقلين.
وأضافت تلك المنظمات أن الاتجاه التشريعي في مصر أصبح توسيع اختصاصات
القضاء العسكري، كما أن القضاء بشكل عام بات يتجه لاستخدام عقوبة الإعدام استخداما
سياسيا، وطالبت بالحد من محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري والتعليق الفوري
لعقوبة الإعدام في مصر؛ لما تمثله من انتهاك صارخ للحق في الحياة والمحاكمة
العادلة.
والمنظمات الموقعة على البيان هي: مركز عدالة للحقوق والحريات،
والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، ومركز
النديم لمناهضة العنف والتعذيب، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة حرية
الفكر والتعبير، ومجموعة ضد الإعدام".
كارثة حقوقية
وقال مدير مركز "ضحايا" لحقوق الإنسان هيثم أبو خليل، إن
أحكام الإعدام والإحالات للمفتي، بلغت أرقاما قياسية في مصر منذ انقلاب تموز/ يوليو
2013، حيث ارتفعت إلى 1022 حالة.
وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المحاكمات العسكرية
للمدنيين، مضيفة، في تقريرها السنوي حول أوضاع الحقوق والحريات في مصر، أن تلك
المحاكمات بلغت 7400 محاكمة منذ أن أصدر قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي عام 2014
قرارا بتوسيع اختصاصات القضاء العسكري.
ودعت المنظمة إلى إلغاء أحكام المحكمة العسكرية بالإعدام، معربة عن
اعتقادها أن دور هذه المحاكم أصبح التمرير الشكلي لعقوبة الإعدام".
كما أدانت منظمة "إفدي" الدولية لحقوق الإنسان إعدام 15
متهما مصريا عقب محاكمتهم عسكريا، واعتبرتها عملية تصفية وجريمة وفقا لكل القوانين
الدولية.
وطالبت المنظمة في بيان الأربعاء الماضي، مجلس حقوق الإنسان التابع
للأمم المتحدة إلى إدانة هذه الجريمة، واتخاذ كل الإجراءات المناسبة لوقف هذه
الكارثة الحقوقية.
"مجرد بداية"
وعبر إعلاميون مؤيدون للنظام عن سعادتهم بهذا التوجه الجديد وغير
المسبوق للسلطات، مؤكدين أن إعدام المتهمين في قضايا العنف سيؤدي إلى انحسار
الإرهاب في البلاد.
وفي هذا السياق قال الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية أحمد موسى، إن
تنفيذ الإعدامات تأخر كثيرا حيث تم ارتكاب بعض الجرائم منذ أكثر من أربع سنوات،
مضيفا أن إعدام 15 إرهابيا هو "مجرد بداية" تفتح الطريق لتنفيذ الإعدام
في باقي الإرهابيين المجرمين القابعين بالسجون، على حد قوله.
وطالب موسى النظام بالاستمرار في طريق الإعدامات، قائلا:
"طالما أخذ الإرهابيون كل الضمانات واستوفوا كل درجات التقاضي وتم تأييد
الحكم عليهم بالإعدام، فيجب أن ينفذ الحكم في أسرع وقت حتى يتم ردع باقي
الإرهابيين".
من جانبه سخر الإعلامي عمرو أديب من رافضي تنفيذ أحكام الإعدام بحق
الإرهابيين، قائلا: "هل تنتظرون أن ننظم حفلة تكريم لمن يقتلون الجنود؟ مطالبا
المتعاطفين مع المتهمين بقراءة حيثيات القضية قبل استنكار الحكم عليهم
بالإعدام".
أما الإعلامي تامر عبد المنعم، فانتقد بشدة الأصوات المطالبة بوقف
عقوبة الإعدام في مصر، مطالبا النظام بعدم الاكتراث بتلك المطالبات التي يقف
وراءها الإخوان والنشطاء المأجورون، على حد قوله.