هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر الكاتب الأمريكي المعروف المتخصص بشؤون الخليج، سايمون هاندرسون، مقالا تحدث فيه عن ظاهرة ما أسماها "الرياضولوجيا"، واستخدامها لفهم ما يجري في السعودية.
وقال هندرسون إنه انكب على دراسة التقارير الإخبارية والصور الجديدة التي تنشرها "وكالة الأنباء السعودية" للحصول على أسماء الأشخاص الذين يسافرون مع الملك، أو لمعرفة من يقف في صفوف الاستقبال للترحيب به أو من يودّعه عندما يسافر. وأطلقتُ على هذه الدراسة اسم "الرياضولوجيا".
وأضاف أنه "بدلا من أن يكون هذا تخصصا أكاديميا مقتصرا على فئة معّينة، أعتقد أنّه من الضروري فهم ما يجري في المملكة العربية السعودية".
وأشار إلى أنه "من المهم أيضا فهم تاريخ العائلة المالكة السعودية، التي تُعرف أيضا باسم آل سعود. إذ يتخطّى الأمر مجرّد "ابن فلان" و"ابن علّان". وعلى الرغم من أن العائلة تتبع تاريخها إلى عام 1745 عندما وفّر الزعيم القبلي محمد بن سعود مأوى للواعظ الإسلامي محمد بن عبد الوهاب، إلّا أن التاريخ الأكثر أهمية هو تأسيس الدولة الحالية عام 1932".
وتابع: "ففي ذلك العام، أعلن عبد العزيز آل سعود، حفيد محمد بن سعود، نفسه ملكا، وانتقل العرش بعد وفاته عام 1953 إلى أولياء عهده. (وقد أنجب 44 ولدا من 22 زوجة على الرغم من أنه، وفقا للتقاليد الإسلامية، كان لديه أربع زوجات فقط في أي وقت من الأوقات)".
وأشار إلى أن "الملك سلمان، العاهل السعودي الحالي، هو أحد أبناء الملك عبد العزيز (المعروف غالبا باسمه التاريخي، ابن سعود). وولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو أحد أبناء الملك سلمان. وقد أصبح سلمان ملكا؛ لأنه من حيث العمر والخبرة، كان أفضل أمير مؤهل في ترتيب ولاية العرش عندما توفي أخوه غير الشقيق الملك عبد الله في كانون الثاني/يناير 2015".
وقال: "لكن هنا تصبح الأمور أكثر إثارة للاهتمام، فالأمير محمد بن سلمان حصل على منصبه لأنّه الابن المفضّل لدى أبيه. فعندما أصبح والده ملكا، كان محمد بن سلمان بالكاد في التاسعة والعشرين من عمره، أي نصف عمر بعض من إخوته غير الأشقاء. (هو الابن الأكبر لزوجة سلمان الثالثة). فاليوم، وإلى جانب كونه وليا للعهد، يتولّى ابن سلمان أيضا منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئتَين رئيسيتين لصنع القرار في السعودية، هما "مجلس الشؤون السياسية والأمنية"، و"مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية"، وهو بحكم الواقع حاكم المملكة العربية السعودية. وكونه لم يتمتّع بخبرة قبل ثلاث سنوات، إلّا أن بطاقة أدائه تشمل حتى اليوم الحرب في اليمن، والخصام مع قطر، ومحاولته إعادة تنظيم الشؤون السياسية اللبنانية، والتحوّل الاقتصادي في المملكة المتمثّل بـ "رؤية السعودية 2030". وبطبيعة الحال، فإن اعتبار "هذه التطورات" بمنزلة إنجازات، يبقى أمرا قابلا للنقاش. وربما يكون مصطلح "أعمال جارية ومستمرة" أكثر ملاءمة".
وتساءل: "فهل سيصبح محمد بن سلمان ملكا عندما يتوفى والده الذي سيبلغ من العمر 82 عاما هذا العام؟ أم سيتنحّى الملك سلمان طوعا عن العرش لصالح ابنه محمد بن سلمان؟ أم سيُجبر على التخلّي عن العرش لأسباب صحية؟ ويعاني الملك من ذاكرة ضعيفة قصيرة الأمد، لذلك غالبا ما يبدو حائراً ويتّكل على علامات تظهر على شاشات "آي پاد" بشكل متحفظ. ومن الناحية النظرية، يتمتع محمد بن سلمان بالفعل بالتأييد المسبق لمجلس البيعة لكبار أمراء آل سعود، لكن من يدري ما الذي سيحدث. فأسلوب محمد بن سلمان الصارخ المتهور قد أزعج عددا كبيرا من الأمراء من أبناء أعمامه ومن أعمامه المتبقين. كما أن دفعه نحو الحداثة المتمثل بافتتاح دور السينما، والسماح للمرأة بالقيادة، ربما يتعارض مع المؤسسة الدينية السعودية المحافظة، التي سيتعيّن عليها إعلانه قائدا إسلاميا وحاملا ملائما للقب "خادم الحرمين الشريفَين" ( مكة والمدينة المنورة)".
ويشير البعض إلى أن "الملك المستقبلي" محمد بن سلمان قد يقلّص أعداد آل سعود من خلال تجاهله أولاد أعمامه من حيث ولاية العهد، وحتى إخوته، لصالح أولاده الذين لا يبلغون اليوم سوى بضع سنوات من العمر. (وإذا فعل ذلك، ستصبح شجرة عائلة آل سعود التي أَعْتَبِرُها إحدى ممتلكاتي الثمينة التي يتعدّى طولها الـ13 قدما أثرا تاريخيا). إلا أن محمد بن سلمان يواجه معضلة اليوم؛ فسواء كان ولي العهد أو الملك، لا يزال بحاجة إلى دعم العائلة المالكة الأوسع التي يُقدّر عددها بآلاف الأشخاص وفق تقديرات متفاوتة، ليمنح مركزه الخاص الشرعية اللازمة. كما يحتاج أمراء ليكونوا حكّام محافظات ولينتشروا في الجيش لردع أي محاولات انقلاب ممكنة.
وأوضح أنه "فيما يتعلق بذلك، وجد أحد عشر أميرا ثانويا أنفسهم في السجن خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم، بعد احتجاجهم على اضطرارهم فجأة إلى دفع فواتير الكهرباء الخاصة بهم. وباسم التقشّف، قد يغامر محمد بن سلمان بخفض مخصصات الأمراء أيضا - فحتّى أصغر فرد من العائلة المالكة يتقاضى راتبا من عائدات المملكة النفطية، وذلك استنادا إلى صيغة معقدة مرتبطة بحجم الأسرة ومدى قرابتها من خط خلافة العرش- إلا أن إصلاح هذا الترتيب، الذي تُقدّر تكلفته بعدة مليارات من الدولارات سنويا، قد تكون له عواقب سياسية وخيمة".
وختم بقوله إنه "على الرغم من الادعاء بأنها حملة لمكافحة الفساد، إلا أنه يُنظر على نطاق واسع إلى الإقامات الجبرية التي تم فرضها مؤخرا في فندق "الريتز كارلتون" في الرياض، التي شملت وفقا لبعض التقارير أكثر من 200 من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين الآخرين، على أنها استيلاء على السلطة من خلال تهميش خصوم محمد بن سلمان وأولئك الذين عارضوه في الماضي. ويريد الملك سلمان أن يكون نجله محمد بن سلمان ملكا. ويريد ولي العهد نفسه أن يكون ملكا. لكن من الصعب تخيّل كيفية انتقال السعودية من هنا إلى هناك، وما إذا كان حكم محمد بن سلمان سيكون مستقرا. وستبقى "الرياضولوجيا" مفتاحا أساسيا لفهم ما يحصل".