هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا أعده تيلور لاك، يقول فيه إن خبراء ومراقبين للشأن الليبي حذروا من الدور الذي بات المداخلة، وهم أتباع السلفي السعودي البالغ من العمر 84 عاما ربيع بن هادي المدخلي، يؤدونه في الحياة السياسية الليبية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المسؤول السابق في البيت الأبيض في عهد باراك أوباما بن فيشمان، حذر قائلا إن "الكثير من الأصوات الليبرالية تراجعت إن لم تكن اختفت كليا.. وكلما طال الوقت لتشكيل حكومة وحدة فاعلة تعمقت هذه الجذور في حياة المجتمع الليبي وقيمه بشكل يصعب معه التخلص منها لاحقا".
ويكشف لاك عن أن الجماعة الأصولية تقوم ببناء حضور لها وتوسيعه بهدوء في أنحاء ليبيا كلها، مشيرا إلى أن المداخلة استفادوا من مرحلة ما بعد الثورة في ليبيا، وفرضوا أفكارهم بالإكراه، ومن خلال الدوريات في الشوارع، وباستخدام سيطرتهم على المساجد لتغيير رؤية المجتمع الليبي، وتحالفوا مع كل حكومة أو زعيم برز خلال السنوات الثلاث الماضية، وقاموا بملاحقة نقادهم من الليبراليين والإسلاميين.
وتقول الصحيفة إن "المداخلة أو المدخليين ظهروا أولا بصفتهم حركة لا سياسة لمواجهة حركة الإخوان المسلمين، التي حظيت بشعبية في مصر والسعودية ودول الخليج في العقد الأخير من القرن الماضي، واستخدمتهم الحكومات العربية لمواجهة الجماعات الإسلامية المعارضة، وكان الدعم المطلق الذي يقدمه المداخلة للديكتاتوريين وابتعادهم عن السياسة وعداؤهم الشديد لحركة الإخوان المسلمين سببا في تسامح نظام معمر القذافي معهم عندما ظهروا في ليبيا بداية القرن الحالي، ولهذا السبب كانوا آخر الجماعات التي تخلت عنه، رغم ما ارتكبه من عنف ومظالم ضد المواطنين الليبيين، وظلوا مع ذلك يدعون لاتباع ولي الأمر وطاعته حتى نهاية الثورة، وبعدما أصبحت حركتهم غير مرتبطة بالنظام أو أي حكومة، قام المداخلة بإنشاء قوتهم العسكرية الخاصة وجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واصطفوا مع أمراء حرب يتنافسون على حكم المجتمع الليبي".
ويفيد التقرير بأن أهم مبدأ يؤمن به المداخلة هو طاعة ولي الأمر، التي يرى من خلالها المداخلة أن الأنظمة العربية تملك شرعية دينية حتى لو كانت علمانية، و"لو لم تكن لديهم سلطة لما أوصلهم الله إلى الحكم في المقام الأول"، ومن هنا فإنهم يدافعون بشراسة عن النظام أو الحاكم الذي يخدمونه، ويستخدمون النصوص الدينية لانتقاد معارضيهم، أو وصمهم بالهرطقة والكفر.
ويلفت الكاتب إلى أن المبدأ الثاني للمداخلة، هو الابتعاد عن السياسة، ومعارضتهم الشرسة للديمقراطية، حيث يقولون إن السياسة تخلق الانقسام بين المسلمين، وتحث على الولاء للأحزاب لا لله، مشيرا إلى أن المداخلة يرون أن للمرأة دورا محدودا خارج البيت، وتحتاج دائما إلى محرم من أجل السفر.
وتبين الصحيفة أن المداخلة، الذين هاجموا الانتخابات، قاموا في مرحلة ما بعد الثورة بإنشاء قوة عسكرية، وتحالفوا مع القوى الفاعلة على الأرض، بحيث أصبحوا من اللاعبين المهمين على الساحة الليبية، ففي الغرب شكل المداخلة قوة شرطة لحراسة شوارع طرابلس، وملاحقة الجريمة والممارسات غير الإسلامية، وإحباط أي خلايا تابعة لتنظيم الدولة، وشكلوا في وسط ليبيا قوة مسلحة أدت دورا مهما في طرد تنظيم الدولة من مدينة سرت والمعاقل الأخرى على الساحل.
وينوه التقرير إلى أن أهم نجاح للمداخلة كان في شرق ليبيا بالتحالف مع خليفة حفتر، الذي تدعمه مصر وروسيا، حيث منح الأخير الجماعة الحرية التامة للسيطرة على المساجد والوقفيات والمؤسسات الدينية، مقابل مساعدته عسكريا، والدعوة للبيعة له من خلال المنابر.
ويذكر لاك أن المداخلة في ليبيا كلها يتبعون الاستراتيجية ذاتها، التي تقوم على إسكات المنافسين لهم ومهاجمتهم ونزع الشرعية عنهم، بمن فيهم الليبراليون والديمقراطيون وجماعة الإخوان المسلمين ومنافسوهم من السلفيين والجماعات الجهادية الأخرى، منوها إلى أن المراقبين يرون أن المداخلة استطاعوا جذب المجتمعات التي يعملون فيها، من خلال الخدمات التي يقدمونها لهم في غياب الدعم من الحكومة المركزية.
وتنقل الصحيفة عن فردريك ويهري من مؤسسة "كارنيغي"، قوله إن المداخلة يدفعون بخطاب يقول: "نحن سلفيون، ولسنا فاسدين، ونقوم بتنظيف المجتمع من المخدرات والخمور ونقدم الأمن"، مشيرا إلى أن هذا خطاب جذاب للمجتمعات المحلية.
وبحسب التقرير، فإن المداخلة قاموا في تشرين الثاني/ نوفمبر بوقف معرض للكتب الكرتونية في طرابلس، واتهموا الجهة القائمة على تنظيمه بأنها استغلت ضعف الدين والانجذاب للثقافة الأجنبية، لافتا إلى أنه سمح لهم بدخول السجون والإشراف عليها في شرق ليبيا وغربها.
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالقول إن "الأثر الدائم للمداخلة على ليبيا سيكون إسكات الأصوات المعارضة، واستهداف الناشطين في مؤسسات المجتمع المدني، الذين اضطر العديد منهم للهرب، فيما تعرض آخرون للقتل، بحسب (هيومان رايتس ووتش)".