هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا جمال ولد عباس، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، الجمعة، الحكومة ومنتخبي حزبه عبر سائر المحافظات إلى السعي لحل مشاكل المواطنين، محذرا من "بوعزيزي جزائري".
وجمع الأمين العام للحزب الذي يرأسه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، منتخبي الحزب الحاكم، بالمجالس الولائية بالعاصمة، في لقاء موسع شارك فيه عدد من الوزراء السابقين ليحذرهم من خطورة تنامي موجة التظاهر والاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع.
وخاطب ولد عباس منتخبيه قائلا: "عليكم أن تتذكروا جيدا ما حدث بسيدي بوزيد في تونس العام 2011، عندما أهانت شرطية مواطنا تونسيا يدعى البوعزيزي، واشتعلت إثر ذلك، النيران في هذا البلد الشقيق".
وشدد ولد عباس بنفس الخطاب: "عليكم المشاركة بفعالية في التنمية، فهذا دوركم. وعليكم أن تنظموا استقبالات للمواطنين، فالمواطن البسيط يبحث عمن يعيره قليلا من الاهتمام، لا نريد بوعزيزي آخر في بلادنا".
وقال أيضا: "يجب أن تدركوا بأن المواطن هو مصدر السلم المدني"، في إشارة إلى انتحار البوعزيزي في تونس، وما انجر عن ذلك من ثورة شعبية (ثورة الياسمين) أدت إلى هروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى السعودية.
ورافع ولد عباس عن منجزات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مطالبا منتخبيه بحرص شديد، بإعداد حصيلة مكتوبة ودقيقة عن "الإنجازات التي تمت في عهد الرئيس بوتفليقة منذ 1999". وهي السنة التي وصل فيها بوتفليقة لأول مرة، إلى سدة الحكم بالجزائر، بموجب الانتخابات التي تمت شهر آيار/ مايو من ذلك العام.
وفهم متابعون، من دعوة الأمين العام للحزب الحاكم بالجزائر، منتخبيه بإعداد هذه حصيلة منجزات بوتفليقة، على أنها دعوة لاستعطاف الجزائريين، تجاه رئيسهم، من خلال رسالة أراد توجيهها الأمين العام لحزبه على أن بوتفليقة أدى دوره على أكمل وجه تجاه من زكوه رئيسا أربع مرات.
وفي هذا الصدد، يعتقد المحلل السياسي والأستاذ بجامعة الجزائر مصطفى خدام أن "كلام ولد عباس، اليوم، مشبع بكثير من الإستعطاف في سعي إلى الحصول على قبول شعبي لمسألة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، العام المقبل، وهو رهان صعب هذه المرة".
وأفاد خدام في تصريح لـ"عربي21"، الجمعة، أن "كلام زعيم الحزب الحكم، يؤشر أيضا على اعتراف من السلطة أنها عجزت عن إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها الجزائريون، لا سيما ما تعلق بالشغل و السكن، وأيضا غلاء المعيشة".
تقارير أمنية تحذر من الفوضى
كما يعتقد خدام أن تصريحات ولد عباس "جاءت بناء على تقارير إستخباراتية، تحذر من ثورة في الشارع بسبب الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة، وما انجر عنها من ارتفاع فاحش في أسعار المواد الأكثر استهلاكا لدى الجزائريين، واستحالة استجابة الحكومة لمطالبات المهنيين برفع الرواتب".
وتظاهر المئات من سكان محافظة تيزي وزو، غرب العاصمة، قبل أيام، مطالبين بإبطال مقررات قانون الموازنة للعام 2018، لتضمنه زيادات معتبرة بأسعار قائمة مطولة من المواد الاستهلاكية، لا سيما الوقود والكهرباء.
كما تظاهر المئات من الأطباء بالعاصمة الجزائر وبمحافظات غرب البلاد، الأسبوع الماضي، للمطالبة بتحسين ظروف العمل وتحسين ظروفهم المعيشية، وتدخلت قوات الشرطة لتفريق مظاهرة الأطباء بالعاصمة، ما خلف العشرات من الجرحى، وأثار ذلك موجة استياء عارمة في البلاد.
تضارب..
غير أن دعوة زعيم الحزب الحاكم في الجزائر، منتخبيه للاقتراب أكثر من مشاكل المواطنين، أثارت تساؤلات حول إن كان هذا العمل من صميم مهام الحزب، في وجود حكومة يفترض أن بيدها القرار التنفيذي وتعتبر دستوريا الساهر على مصالح الناس؟
واعتبر عضو المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان الوناس جمالي، في تصريح لـ"عربي21"، الجمعة، أن تصريحات ولد عباس بمثابة "تضارب وتدخل سافر في مهام حكومة أحمد أويحي، باسم الرئيس بوتفليقة الذي عين أويحي وزيرا أول".
وتابع جمالي: "الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ثابث بمجال حقوق الإنسان ويتعين على كل واحد الدفاع عنها، لكن تصريح ولد عباس ينم عن تعفن شارف صراعه مع الوزير الأول أحمد أويحي".
واستبق ولد عباس، خلال لقائه منتخبيه الأربعاء، لنفي أن يكون ما طلبه من منتخبيه "نشاط مواز للحكومة"، علما أنه سبق وأن أطلق تصريحات متوالية بالفترة الأخيرة، يؤكد فيها أن حزبه "طالما يحوز على الأغلبية، ويعد العين الساهرة على مراقبة عمل الحكومة".
دعوة أويحي للاستقالة
بالتوازي مع ذلك، أكد عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم كبرى الأحزاب الإسلامية بالجزائر (معارضة)، الأربعاء، أن "الوضع الذي يوجد عليه الوزير الأول أحمد أويحي، يقابله الاستقالة من منصبه".
وقال مقري، للصحفيين، على هامش افتتاح الملتقى الوطني لهياكل حركة مجتمع السلم بمقرها المركزي بالعاصمة، الجمعة، إنه "استغرب عدم تقديم الوزير الأول الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحي، استقالته رغم إلغاء قراراته من طرف رئاسة الجمهورية".
وتابع مقري: "لو كنا في منظومة ديمقراطية حقيقية لكان أويحي استقال، فلم يجد وزير أول نفسه في مثل هذا المأزق وفي هذا التناقض وحالة كسر للمصداقية، من المفروض أن يقدم استقالته بنفسه قبل أن يقال، لأنه قد يقال".
وحذر مقري: "من حدوث تطورات غير محمودة العواقب إذا استمرت السلطة في السير على نهجها الحالي".
قائلا أن حركته: "ستقف دائما ومهما كانت الظروف والأوضاع مع الجزائر ولن تتخلى عن الشعب الجزائري وستواصل نضالها من أجل المصلحة الوطنية".