هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع بدء تطبيق بعض دول الخليج لضرائب جديدة، وزيادة الرسوم وأسعار الوقود والخدمات مطلع العام الجاري، تزيد توقعات خبراء اقتصاد بوجود تأثيرات مباشرة على التحويلات المالية للوافدين العاملين في المنطقة.
واختلفت تقديرات الخبراء حول حجم التأثير المتوقع ومداه الزمني على التحويلات النقدية، التي يقوم بها الوافدون بدول الخليج، التي تمثل نحو 32 بالمئة من إجمالي التحويلات حول العالم.
وتعتمد دول مجلس التعاون الخليجي الست على عائدات النفط في تمويل موازناتها، وتعتبر واحدة من أكبر مصادر التحويلات المالية الخارجية في العالم، وتجاوزت هذه التحويلات 111.5 مليار دولار، وفقاً لآخر أرقام أعلنتها البنوك المركزية الخليجية.
وشكلت التحويلات نحو 8.2 بالمئة كنسبة للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية. وتتصدر دول الخليج العربي، العالم، من حيث نسبة وجود العمالة الأجنبية على أرضها.
ويعمل أكثر من 13.8 مليون أجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي الست، يمثلون نحو 69.3 بالمئة إجمالي الأيدي العاملة بالمجلس البالغة 20 مليونا، بحسب أرقام المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون.
وتأتي السعودية وهي ثاني أكبر دولة بعد أمريكا في حجم تحويلات الأجانب في المرتبة الأولى بين دول الخليج بقيمة 38.9 مليار دولار، تليها الإمارات بنحو 32.7 مليار دولار، والكويت بنحو 15.3 مليار دولار.
وجاءت قطر بنحو 12 مليار دولار، بينما بلغت تحويلات الوافدين في عمان نحو 10.27 مليار دولار، والبحرين 2.4 مليار دولار.
أمر مبكر
الخبير الاقتصادي والمحلل المالي جمال عجيز، قال إن رصد تأثير على مستويات تحويل العمالة الأجنبية للأموال إلى الخارج، بعد فرض الرسوم والضرائب في منطقة الخليج يعتبر أمرا مبكرا وسابق لأوانه.
وفي 2017، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي، بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة بشكل موحد مطلع 2018، وبالفعل بدأت السعودية والإمارات فيما أجلت باقي الدول.
وأوضح "عجيز" أن معظم الدول الخليجية اتخذت هذه القرارات من أجل زيادة إيرادات موازنتها، منها تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وقبلها الضريبة الانتقائية ورفع أسعار الوقود في السعودية والبحرين.
وأشار إلى أن التغيير المتوقع أمام الوافدين سيكون متعلقا بارتفاع التكاليف الحياتية العامة في ظل وجود الضريبة ما يؤثر على المبلغ الذي يحوله شهريا، ولكن ذلك على المدى الطويل.
من جهتها، توقعت مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي في الإمارات، تأثيرات طفيفة لضريبة القيمة المضافة على رسوم التحويل المالي وخدمات الصرافة، مشيرة إلى أن الضريبة ستفرض على الرسوم مقابل الخدمات التي تقدمها شركات الصرافة، سواء تحويل الأموال، أو تغيير العملات الأجنبية.
أعباء جديدة
وتوقع الخبير الاقتصادي والنفطي أحمد حسن كرم، أن تؤدي الضرائب والرسوم الجديدة إلى أعباء جديدة على العمالة الأجنبية.
ومن المرتقب أن تزيد الأعباء الجديدة مصاريف العمالة نتيجة لذلك، ما يدفع إلى خفض مدخراتهم وتحويلاتهم إلى بلدانهم الأم.
وتابع "كرم": "التوسع في فرض الرسوم والضرائب من شأنه خلق بيئة طاردة للعمالة الوافدة، وقد تدفع إلى عزوف المهارات عن القدوم إلى المنطقة مع تزايد الأعباء".
وحول إجراءات التوطين وتمكين المواطنين، أوضح أنها قد تحد من التحويلات الأجنبية على المدى الطويل بعد الاستغناء التدريجي عن العمالة الوافدة، وبالتالي تخفف الضغط على ميزان المدفوعات للدول الخليجية.
ومنذ تموز / يوليو الماضي، بدأت الحكومة السعودية تحصل 100 ريال (26.6 دولار) شهريا عن كل مرافق للعمالة الوافدة، ويرتفع الرقم سنويا عن كل مرافق حتى يصل 400 ريال (106 دولارات) شهريا بحلول 2020.
ومطلع 2018، أصدرت السعودية قرار فرض رسوم شهرية تتراوح بين 300 و400 ريال شهريا (80دولارا- 106 دولارات) على كل عامل وافد، ويرتفع الرقم إلى 800 ريال (213.3 دولار) شهريا، بحلول 2020.
فوق ذلك، كثفت السعودية من توطين العمالة المحلية في عديد القطاعات الاقتصادية، واشترطت عمالة محلية فقط في قطاعات عدة كالتأمين والاتصالات والمواصلات، مع بلوغ نسب بطالة الموطنين في المملكة 12.8 بالمئة خلال الربع الثاني 2017.
ولفت "كرم" إلى أن تحويلات الوافدين مرتبطة بنمو اقتصادات دول الخليج، وتتأثر بتغير أسعار النفط العالمية، مضيفا أن تحسن أسعاره من شأنه تعزيز تواجد العمالة الوافدة، خاصة مع التوسع في الإنفاق الاستثماري على المشاريع التنموية بعد زيادة الإيرادات النفطية.
تأثير محدود
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي نواف الشايع، إن تأثير فرض الرسوم وزيادة الأسعار في دول الخليج على تحويلات الوافدين يبقى محدودا، لاسيما وأن التحويل هو مسألة أولوية بالنسبة للعامل، ولتجنب تأثيرها سيتجه إلى ترتيب أولويات الإنفاق.
وذكر أن فرض الضرائب والرسوم على الوافدين، أحد توصيات مؤسسات التمويل العالمية لتنويع الإيرادات بدول الخليج.
وكان صندوق النقد الدولي حذر في تقرير له من أن فرض دول الخليج لضرائب على التحويلات الخارجية للأجانب الذين يشكلون أكثر من 90 بالمائة من إجمالي العاملين في القطاع الخاص، ينطوي على الكثير من السلبيات.
ويقول خبراء الصندوق إن فرض ضريبة بنسبة 5 بالمئة على التحويلات ستنتج عنه إيرادات تصل إلى 0.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي، أي 4.2 مليار دولار.