هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عاد حديث المصالحة بين نظام الانقلاب العسكري وبين جماعة الإخوان
المسلمين ليخترق أجواء الصمت حول ذلك الملف، وسط أحداث متسارعة تأججت فيها الأوضاع
بين المعارضة المدنية من جهة، وبين النظام العسكري الحاكم، وفي ظل حديث عن صراع
قوى وأجنحة داخل النظام.
حديث
المصالحة، الذي تنتظره آلاف الأسر المصرية ممن يقبع أبناؤهم من أعضاء الإخوان
والمقربين منها في سجون الانقلاب على مدار 5 سنوات، جاء على صفحات شبكة
"بلومبرج" الأمريكية، التي نقلت عن مصادر في الجماعة لم تسمها، قولهم إن
السيسي يتواصل من خلال قيادات بالمخابرات الحربية مع قيادات الجماعة في السجون؛ للإفراج عنهم مقابل ترك العمل السياسي.
وأشارت
"بلومبرج" إلى أن تلك الخطوة تأتي من السيسي بعد الإطاحة برئيس المخابرات
خالد فوزي، الذي كان يرفض المصالحة، وبعد سجن السيسي لمنافسه العسكري في الانتخابات
الفريق سامي عنان، الذي كانت له قنوات اتصال مع الإخوان.
وقالت
الشبكة إن "كل رئيس مصري أدرك نهاية المطاف أن هناك حاجة لدرجة من الاندماج
السياسي للإخوان إذا كان لا بد من الحفاظ على الاستقرار"، مشيرة إلى أن أمر
المصالحة سيثير قلقا في الإمارات والسعودية.
حديث
عن مباردة مرفوضة
الشبكة
الأمريكية لم توضح إلى أين ذهبت المفاوضات، إلا أن صحيفة "المصريون"
المحلية، قالت مساء الثلاثاء، إن نائب مرشد الإخوان، خيرت الشاطر، أحبط محاولة
للوساطة بين الدولة والجماعة، موضحة أن الوسطاء، بعد جولات بين القاهرة وإسطنبول
والدوحة، عرضوا مبادرة على قيادات التنظيم الدولي، حازت تأييد بعض القيادات في
السجون، بينهم المرشد العام محمد بديع، ونائبه رشاد البيومي، ورئيس البرلمان سعد
الكتاتني.
وأكدت
مصادر الصحيفة أن المبادرة تعيد الإخوان للمشهد على طريقة عهد مبارك، والإفراج عن
رموز الجماعة في السجون، والامتناع عن خوض انتخابات الرئاسة لعشرة أعوام، مع
الحصول على بعض مقاعد البرلمان، موضحة أن الشاطر ونائب المرشد محمود عزت رفضا
المبادرة؛ لكون النظام يواجه أوضاعا صعبة، وتراجعا حادا بشعبيته.
شهادة
من السجن
وكشف أحد السجناء المفرج عنهم حديثا أن عددا من قيادات
الجماعة صرحوا له برغبتهم في إنهاء الوضع الحالي، وإنقاذ مستقبل عشرات
الآلاف من المعتقلين.
القيادي
الذي رفض ذكر اسمه، أكد لـ"عربي21"، أن قيادات الجماعة بلا استثناء، وعلى رأسهم المرشد بديع، والمرشد
الراحل مهدي عاكف، اعتبروا أن هذه المحنة أشد وأخطر على الجماعة وعلى مصر من محنة
الستينات، وأنهم على استعداد للتضحية بأرواحهم، ولا يتم إيذاء فرد واحد من آلاف
المظلومين من شباب الجماعة وكل من تعاطف مع محنتهم.
وأكد
القيادي الإخواني أن رئيس مجلس الشعب المعتقل، الدكتور سعد الكتاتني، أكد له أنه
على يقين بضرورة الحل بالاتفاق على خروج عشرات الآلاف من المعتقلين، ولا يهم أن
يكون وسطهم القيادات، موضحا أن طريقة الحل هي المفقودة في الأزمة، وأن الفرصة لم
تسنح لهذا الأمر، مشيرا إلى أن هذه هي حقيقة تفكير معظم قيادات الجماعة المعتقلين.
ليس
على حساب مصر
ويرى
المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة، الدكتور عبد الموجود
الدرديري، أن "ما أعلنته (بلومبرج) محير وأستغربه، ولا أستبعد حرص الانقلاب
على رغبته في تأمين شرعية الاغتصاب بقبول الإخوان لانقلابه، لكن الأمر يبقى غامضا
حتى نسمع من قادة الإخوان في الداخل أو في اسطنبول أو في لندن".
البرلماني
المصري، حذر في حديثه لـ"عربي21"، "قيادة الإخوان من محاولة إنقاذ التنظيم على حساب
مصر وشعبها"، مضيفا: "أعلم أنهم أكثر من يعانون، لكن الشعب كله في سجن
كبير، ودولة العسكر لا تعترف بحقوق أو حريات، وتراجع الإخوان في منتصف الطريق سيكون
كارثيا عليهم كتنظيم، وعلى الشعب والأحرار في العالم العربي".
وأضاف
الدرديري: "ثقتي بقيادة الإخوان تجعلني أتوقع رفض هذا المخرج، وتفضيل إخراج
توافق مع القوى الوطنية؛ لإنقاذ مصر كلها وليس العسكر والإخوان. ومعادلة العسكر
والإخوان يجب أن تنتهي".
وحول
موقف السعودية والإمارات من المصالحة، إن صدقت الأنباء، يعتقد القيادي في حزب الإخوان
المسلمين أنهما تحاورتا مع حزب الإصلاح -إخواني التوجه- في اليمن، ويعرفون مدى
إيمان الإخوان في بلدانهم بقضاياهم الوطنية، وأنهم لا يتدخلون بخصوصيات الأنظمة
المجاورة، وأتوقع أن يغيروا مواقفهم الإدارية، خاصة أنهم يتعرضون لتهديدات وجودية
من أنصار إيران في المنطقة".
مناورة
للسيسي
من
جانبه، يرى مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية باسطنبول، الدكتور
ممدوح المنير، أن "هذه الأخبار لها مساران للتعامل معها؛ الأول أن الخبر المنشور
مصدره مسؤولون في جماعة الإخوان، وبالتالي على قيادة الجماعة تأكيده أو نفيه".
وأضاف
في حديثه لـ"عربي21"، أن "المسار الثاني حتى لو كان الخبر صحيحا والسيسي يفعل ذلك،
فهي لن تعدو مناورة منه، حتى تنتهي الانتخابات الرئاسية، ويتم تنصيبه لفترة رئاسية
ثانية".
وأوضح
الأكاديمي المصري أن "السبب ليس بالطبع لأنه يبحث عن دعم الإخوان له في الانتخابات، لكنه يحاول تحييدهم؛ لأنه يخشى أن يحدث تحالف للإخوان وقيادات في الدولة العميقة في
الجيش والاستخبارات؛ للعمل على عزله، خصوصا أن وجود معارضة قوية داخل الجيش
والاستخبارات له أصبح أمرا مفروغا منه".
وأكد
المنير أن "السيسي هو العدو الأول للإخوان، وهو فقط يناور؛ حتى ينشغلوا بفكرة
المصالحة معه عن التحالف مع أعدائه داخل مؤسسات الدولة السيادية، وعندما يتم
سيطرته على هؤلاء المعارضين له من داخل النظام نفسه، سيبيعهم كما باعهم من قبل، وكما
يفعل بهم الآن" .
ليست
مستحيلة
وعلى
الجانب الآخر، قال الباحث المتخصص بشؤون الإسلام السياسي، ماهر فرغلي، إنه
"كان من الواضح بمؤتمر (حكاية وطن) الذي عقده السيسي الشهر الماضي، أنه لا
يمانع في عودة الإخوان للحياة السياسية، لكن بشرط ضمان عدم ممارسة العنف".
فرغلي
المؤيد للنظام المصري، قال لـ"عربي21"، إن "الإخوان لم يعطوا أي ضمانات حتى الآن لعدم ممارسة
العنف، ومنذ أيام تم الوصول لمجموعة من جماعة (حسم)، تقوم بعمليات نوعية ضد النظام
وتعلن الإخوان تبرؤها منها".
ويعتقد
فرغلي أن "عودة الإخوان للحياة السياسية في مصر ليست مستحيلة".